ثائر غندور
قيل قديماً: «قل لي من تعاشر، أقل لك من أنت».
فهل ينطبق هذا الافتراض على عالم الإنترنت، بحيث تصبح المقولة: «قل لي أي موقع إلكتروني ترتاد أقل لك من أنت»؟ وهل يمكن اكتشاف اهتمامات اللبنانيين من خلال الإحصاءات التي توضح نسب أكثر المواقع اللبنانية ارتياداً؟


ارتفع عدد مشتركي الإنترنت في لبنان من صفر في عام 1990 إلى ما نسبته 169 بالألف في عام 2004، حسب تقرير التنمية البشرية الصادر عن “برنامج الأمم المتحدة للتنمية” لعام 2006. وصنّف هذا التقرير لبنان في إطار الدول متوسطة النمو تكنولوجياً، إذ حلّ في المرتبة الثامنة والسبعين.
يفرض هذا الارتفاع في النسبة السؤال عن هويّة المواقع الإلكترونية التي يرتادها اللبنانيون، وما يمكنها أن تدلّ عليه؟ وهذا ما يكشفه موقع ألكسا (www.alexa.com) الذي يقدّم منذ عام 2002 خدمة معرفة أكثر المواقع ارتياداً في كل دولة، التي تُظهر في لبنان ارتفاعاً في نسبة ارتياد المواقع الإخبارية والسياسية على حساب مواقع البورصة والرياضة والجنس المنتشرة في غير دولة عربية.
وتبرز قائمة أفضل مئة موقع لبنانياً تشابهاً بين اللبنانيين وغيرهم من متصفّحي الإنترنت عالمياً، إذ تتربّع على الصدارة مواقع الـ msn والـ yahoo والـ google، التي تقدّم خدمات البريد الإلكتروني والبحث والدردشة (chat) والمدوّنات الشخصية (blogs).
ومنها ينتقل اللبنانيون إلى المواقع السياسية، حيث يحتل موقع “التيار الوطني الحرّ”، على سبيل المثال، المرتبة الثامنة ليكون بذلك الموقع اللبناني الثاني بعد موقع شركة الاتصالات الخلوية “Alfa” ومواقع البحث والدردشة العالمية. ويوضح البحث عبر الشبكة الالكترونية أن نسبة متصفحي موقع “التيّار” تضاعفت منذ أوائل عام 2005، كما ارتفعت مرتبة غرفة الدردشة التابعة للتيار (www.lfpm.org) إلى مصاف المواقع العشرين الأولى.
ويستنتج المراقب لتراتبية المواقع الإلكترونية أن مستخدمي الإنترنت اللبنانيين يلجأون إلى مواقع الصحف اللبنانية كمراجع إخبارية، فيما تغيب مواقع الأحزاب السياسية الأخرى عن قائمة المئة الأوائل باستثناء موقع 14 آذار (www.14march.org) الذي يحتل المرتبة الخامسة والخمسين.
وفي مقارنة بين موقعي “التيار الوطني الحرّ” وموقع “14 آذار” اللذين يقّدمان خدمات إخبارية عامة ومباشرة، نلاحظ أن الأوّل يتفوّق بتقديم هذه الخدمة بخمس لغات: العربية، الإنكليزية، الفرنسية، الإسبانية والبرتغالية بالإضافة إلى الأرشيف. وشكّلت هذه الخدمات خلال الأزمات (اغتيال الرئيس الحريري وما تلاها، حرب تموز، تظاهرات المعارضة...) مرجعاً للكثير من متابعي الشأن اللبناني، وخصوصاً الموجودين خارج الأراضي اللبنانية. كما أنّ واقع التيار التنظيمي، الذي كان ممنوعاً ومحارباً خلال الوجود السوري، حوّل الشبكة الافتراضية إلى مساحة تواصل وتنسيق وتبادل معلومات بين عناصر التيار الموجودين في لبنان وقيادتهم في الخارج.

وبالنسبة إلى الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة، حلّت الـLBC في المرتبة السبعين، بعد الفضائيات الإخبارية مثل الـ CNN والجزيرة والعربية.
أمّا على الصعيد التربوي، فتغيب مواقع الجامعات اللبنانية كافة عن المراتب الأولى. وحدها الجامعة الأميركية تحتل الموقع السادس والتسعين، فيما يغيب الموقع التابع للجامعة اللبنانية (www.ul.edu.lb) التي تضم نصف طلاب التعليم العالي اللبنانيين بشكل كامل عن القائمة. وفي مقارنة مع السعودية نلاحظ أن موقع جامعة المملكة www.kau.edu.sa يحتلّ المرتبة الواحدة والأربعين. ويمكن ردّ السبب إلى “بدائية” الموقع الإلكتروني للجامعة اللبنانية الذي يفتقر إلى المعلومات الأساسية عن الجامعة، ولا يؤمن بريداً إلكترونياً للطلابها أو منتدى حوارياً أو مساحة مدوّنات شخصية.
والبارز أيضاً عدم لجوء مستخدمي الإنترنت اللبنانيين إلى مواقع تعارف ومدوّنات لبنانية بشكل أساسي. هم يستخدمون المواقع العالمية مثل: www. facebook.com، www. passport.net، www. hi5.com، بينما يلجأ العديد من المواطنين العرب إلى مواقع عربية، أو أخرى خاصة بدولهم. وتشكل هذه المواقع، عربياً، منبراً للتعبير السياسي غير المتاح بحريّة بشكل آخر في دولٍ مثل مصر، الأردن، تونس...
وبالعودة إلى القائمة، نلاحظ أن موقع شركة مايكروسوفت (microsoft.com)، الذي يتيح معرفة أخبار الشركة وتحميل البرامج وتحديثها، يحتلّ المرتبة العاشرة. فيما يحتل موقع megaupload.com المتخصّص في تخزين الملفات الكبيرة، المرتبة الثانية عشرة.
وتنتشر أيضاً المواقع المتعلقة بتحميل الأغاني والألعاب وفي مراتب متقدمة، وهذا مشترك بين أغلب الدول العربية. أما موقع “ويكبيديا” www.wikipedia.org، الذائع الصيت، فيحتلّ المرتبة الخامسة عشرة، وهو عبارة عن موسوعة شاملة ومجانية يمكن أي إنسان حول العالم أن يضيف إليها معلومات في اللغة التي يريدها. فيما يُلاحظ غياب المواقع المتعلّقة بالبورصة، الرياضة، الحياة الجنسية، المرأة والأسرة عن القائمة، علماً بأنها من المواقع المتقدّمة على قوائم الـ “Top 100” في كثير من الدول العربية وخصوصاً دول الخليج.

لا مواقع دينية


لا يوجد في لبنان، حيث يرتفع مستوى الخطاب الطائفي والمذهبي إلى حدود قصوى، موقع ديني بين قائمة المواقع المئة الأولى، ما يطرح سؤالاً جديّاً عن إشكالات الأزمة اللبنانية الحالية التي تتخذ بعداً طائفياً ومذهبياً. والسؤال هو: لماذا لا يهتم اللبنانيون بالمواقع الدينية؟
الإجابة عن هذا السؤال مفتوحة على احتمالات عديدة. منها أن يكون المواطن اللبناني، البعيد عن الدين، مرتبطاً بأحزابه الطائفية لأسباب تتعلق بأمانه الاجتماعي والوظيفي وحتى الجسدي. وهناك احتمال آخر لمن هم أقلّ تفاؤلاً، كأن يحول توزّع اللبنانيين على 18 طائفة دون ارتفاع نسبة ارتياد موقع ديني دون آخر، مهما تكاثرت الطوائفبالطبع لا يمكن الجزم في هذا المجال الضيّق، وقد يحتاج الأمر إلى دراسة أعمق، لكن من المفيد الإشارة إلى أن وصول مواقع بعض الأحزاب إلى مراتب متقدّمة، يعني أمراً من اثنين: إما أن اللبنانيين هم أكثر انغماساً في السياسة منهم في الدين، أو أن هذا الحزب السياسي تخطى الانتماء المذهبي وتحوّل إلى حزب جماهيري.
في جميع الأحوال، يمكن القول إن لبنان يختلف عن أغلب الدول العربية في هذا المجال. فالمواطن العربي أكثر متابعة للمواقع الدينية، حيث يحتل «طريق الإسلام» (www.islamway.com) المرتبة الثالثة والعشرين في قائمة أول مئة موقع عربي، وهو يقدّم معلومات عن الدين الإسلامي باللغتين العربية والإنكليزية، مستعيناً بالصوت والصورة. كما يحتل موقع “الشبكة الإسلامية” (www.islamweb.net) المرتبة الثلاثين عربياً ويعرّف عن نفسه بأنه “موقع يحتوي على مراجع إسلامية عديدة بالإضافة لتسجيلات وأخبار إسلامية”.
لكن اللافت، تأخر مرتبة المواقع الإسلامية في السعودية، إذ يحلّ موقع “طريق الإسلام” في المرتبة الثانية والتسعين. أما مصرياً فتتقدم هذه المواقع إلى المرتبة الثامنة والعشرين، إضافة إلى وجود ثلاثة مواقع دينية أخرى في “Top 100”.


أوّل موقع جنسي



يحتل الموقع الجنسي (ميليشيا) المرتبة الرابعة والعشرين في لبنان، الرابعة عشرة في مصر والتاسعة والستين في السعودية، فيما يحلّ في مراتب متقدمة جداً في أغلب الدول العربية على الرغم من الرقابة المشددة التي تمارسها هذه الدول لمنع روّاد الإنترنت فيها من الدخول إلى مواقع إباحيةيرحّب الموقع بزواره بجملة: “مرحباً بكم في الموقع الجنسي العربي الأول في العالم”، ويحذّر في أسفل صفحته الرئيسية من تضمن المواقع لكلمات نافرة. كما يعرّف عن نفسه بأنه “أول موقع جنسي باللغة العربية في العالم”. وهو يقدّم لزائريه خيارات عدة: الدخول مجاناً، الاشتراك، التعارف، شراء الأفلام الجنسية... إضافة إلى أنه يؤمن لهم رابطاً (Link) مع أحد مواقع شراء الألعاب الجنسية إلكترونياً. و“يتميّز” بالإجابات التي يقدّمها على أسئلة تتعلق بالثقافة الجنسية من قبيل: مقدّمة إلى الجنس، أسئلة عن العادة السرية، زنا المحارم، اضطراب التيّقظ الجنسي عند النساء... ولا تشير الإجابات المقدّمة للقارئ إلى المرجع العلمي الصادرة عنه.