راحل عن وادي الجنون...
-I -


ماذا يعني أن تسقط قطعة منك، فتقع عيناك خلفها من شاهق ولا تعثر إلا على الحزن...
جموع من الناس والقصائد والمقالات والمعزين...، ودمع...، تنسل بين تجاعيدها مثل خيط الدخان، تسأل عن سؤال مضى،... عن جزئك إن كان قد رآه أحد...
ذاهلون يعدون خلفك... يسألونك: هل مات حقاً؟
إذا مات،
ومن ضفة النهر
رجع حداء قديم، ونشيج أبلج كالبكاء يهدهد الجمع: «سلامة قلبك من الموت» يا جوزف.

II


من قيم الموت الصمت...
أما عندنا في بلاد الجان... فدرجنا على الموت المصطخب وقعقعة الاتهام والفتنة... بات الموت عندنا خلافياً وانقسامياً،
إلا موتك خلاف الخلاف... كان توحيدياً كما دعوتك... خجولاً كما أنت.
لذا كان أمضى جراحاً وأفجع...
الألم موتاً كموتك ينبغي أن نهرق حتى نصير وطناً؟...

III


لــــــــــكي تثبت أنك تعشق حقاً، فلا أجـــــــــــمل من أن تموت من العشق... ألأنك كـــــــــنت متولهاً بالسواد كما النهر يعشق الماء أغمضت عينيك حتى ترى؟...

IV


في الدين يُسأل الإنسان يوم القيامة عن عمره كيف أمضاه...
طوبى لك وأنت كتابك، رافعاً رأس كل حر على تاج كلمة.

V


إهمز فرسك إلى منتهى الأفق والرؤية،
بعد العين فضاء رحيب... طر فيه مثل براق،
واكتب على خافقيه مقالتك وانثرها فواحة على كل كوكب...
هذه الأرض مادت بحبرك،
ارفعه فوق الزمان وفوق المكان...
إنك لعلى شريعة من الأمر، فنعم حياة المعنى المتوتر والأسئلة،
وبئس جمود الوثن.
كيف للكائن أن يزور الجنة من غير أن يموت؟

VI


عندما نكهل نصبح تاريخنا... أو نشبهه...
ما كان التاريخ واحداً يوماً، ولو كان كتلة أو صفحة واحدة...
قلّة هم هؤلاء التواريخ الذين مثل تاريخك ابتدعوا،
فصاروا القضية...، قطعوا رأس نرجسيّتهم فاستقاموا...

VII


بهية صحافة التفلسف الديكارتي،
فخلف الصحافي، أو قبله، أو بعده احترفت التفكر...
لكن الأبهى في راحتيك تلك الجدلية المستدامة والمقاربة المتفردة التي يرتفع الشك فيها من اللانهائية التي يدوي في شرايينها موقف لا يلين...، وجه سقراط أنت.

VIII


فـــــــــي وادي الجنون اللبناني الـــــــــــذي لم يعد فيه لخط أحمر حجر على حــــــــــــجر...، نسلت خطك الأحـــــــــــمر وحزمت به كل الكلمات... وقلبك...، ورحلت.
سمير سليمان