strong>السنيورة يدعم حوار عين التينة «مئة في المئة» ولا يتوقع نتائج قريباً
رأى المنسّق الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، أن الأزمة السياسية القائمة في لبنان تستوجب «حلاًّ لبنانياً»، وفق قاعدة «لا غالب ولا مغلوب».
ووصل سولانا الى بيروت، أمس، يرافقه المبعوث الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط مارك أوتي، في زيارة رسمية، التقى خلالها رئيسي مجلس النواب نبيه برّي، والحكومة فؤاد السنيورة، ورئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري، قبيل مغادرته الى السعودية.
وفي المطار، حيث كان في استقباله مدير المراسم في وزارة الخارجية والمغتربين السفير مصطفى مصطفى وسفير ألمانيا ماريوس هاس وسفير الاتحاد الأوروبي في لبنان باتريك لوران، جدد سولانا أن دعم الاتحاد الأوروبي للبنان سيّد وحرّ هو «دعم مطلق»، لافتاً الى أن الدعم الحالي يتمثل بـ«مساعدة قوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان، والعمل على إنجاح تنفيذ القرارات التي أثمرت مؤتمر باريس ــــــ 3».
وإذ لفت الى أن زيارته تأتي في «وقت مهمّ، قبيل مؤتمر القمّة في الرياض»، أشار سولانا الى أن الاتحاد الأوروبي «من أقرب الأصدقاء إلى لبنان»، ولديه «نيّة لدعم هذا البلد ومساعدته»، آملاً في أن تسفر الأيام عن «إيجاد حلّ للأوضاع الراهنة فيه، يكون لبنانياً، على قاعدة لا غالب ولا مغلوب».
وعن زيارته الى دمشق غداً، اكتفى سولانا بالتعبير عن أمله في أن يكون اللقاء مع الرئيس بشار الأسد «ناجحاً»، من دون الدخول في التفاصيل.
وكان سولانا استهلّ زيارته للبنان بلقاء برّي، في عين التينة، في حضور الوفد المرافق له والسفير الألماني هاس، عضو «كتلة التنمية والتحرير» النائب علي بزي ومسؤول العلاقات الخارجية في حركة «أمل» علي حمدان. وأكد إثر اللقاء، أن برّي «سيحاول المساعدة من أجل الخروج من هذا الجمود الحاصل في الوضع القائم في لبنان»، وأن الاتحاد الأوروبي «سيستمر في تقديم المساعدة للبنان»، معرباً عن تفاؤله بنتائج اللقاء، وبإمكان حلّ الأزمة القائمة قبل انعقاد القمّة العربية حيث «سيتواصل التعاون أكثر مع الأصدقاء العرب، للوصول الى قمّة ناجحة في الرياض».
وانتقل سولانا والوفد المرافق الى السرايا، حيث التقى السنيورة، في حضور وزير الخارجية بالوكالة طارق متري والأمين العام لوزارة الخارجية هشام دمشقية. وفي مؤتمر صحافي مشترك عقده الطرفان، لفت السنيورة الى أن المحادثات تناولت موضوع تطبيق القرار 1701، إضافة الى الأوضاع المحلية والإقليمية، واصفاً إياها بـ«الجيّدة والمفيدة والمثمرة»، مكتفياً بالإشارة الى أن مؤتمر باريس ــــــ 3 «كان مهماً جداً»، إذ إن المساهمة الأوروبية كانت «أساسية بالنسبة لكل المساعدات التي تمّ التعهّد بها، ونحن اللبنانيين نقرّ بذلك».
ورداً على سؤال عن ماهية الرسالة التي حمّلها لسولانا لنقلها الى دمشق، نفى السنيورة حصول هذا الأمر، مكتفياً بالقول: «موقفي واضح، وقلته مئات المرات»، رافضاً إعلان قراره بشأن المشاركة في أعمال القمة العربية، إذ فضّل عدم استباق مقررات مجلس الوزراء، لأن «من ينتظر حتى الغد (اليوم)، يعرف ما الذي سيحصل»، مضيفاً: «الدعوة موجّهة للرئيس لحود من المملكة، وأنا أحضّه على المشاركة».
وفي شأن المحادثات الجارية بين برّي والحريري، شدّد السنيورة على أهمية «توفير كل العناصر الضرورية لنجاحها، فنحن ندعم اللقاء والحوار مئة في المئة. لكن، لا أحد يستطيع أن يقول إنها ستصل إلى نتائج في أيام قليلة، ولا ينبغي أن نفقد الأمل»، مستغرباً الخلط بين انعقاد مجلس الوزراء وإمكان نسف مساعي المحادثات الجارية.
وعن موقفه من إمكان حصول المعارضة على الثلث المعطّل، اكتفى بالإشارة الى أن في هذا الموضوع «استباقا للأمور»، داعياً الى ضرورة «العودة الى النقاش والحوار بشأن الأعداد، والى ما يريده اللبنانيون».
وفي إطار الوضع الداخلي، أكّد السنيورة على أهمية «الوصول الى فوز لبنان، من خلال التشديد على نقاط الخلاف. فعندما نريد أن نؤلف حكومة وحدة وطنية، فإن المعارضة والموالاة تجتمعان، وهذا يحصل في كل الديموقراطيات، وتتفقان على مجموعة من الأمور وتحاولان أن تطبقاها من خلال حكومة الوحدة الوطنية. لذلك، علينا أن نتفق في ما بيننا وليس فقط من خلال تقسيم الأرقام، وهذا ما تمّ وضعه في مشروع الحكومة من النقاط السبع».
وفي ما يختصّ بالمحكمة الدولية، أبدى السنيورة استعداده لـ«الجلوس والمناقشة والبحث في كل الأمور المؤدية الى قيام المحكمة، حتى لو استلزم الأمر إجراء تعديلات عليها، شرط ألا تفرغ المحكمة من مضمونها»، مضيفاً: «عندما أقررنا النظام الداخلي للمحكمة في مجلس الوزراء، قلنا بوضوح إننا مستعدّون للجلوس مع أشقائنا في الوطن وزملائنا في الحكومة للتوصل إلى قناعة مشتركة في هذا الشأن. ولذلك، لم أحمّل سولانا أي شيء من هذا القبيل لسوريا، لأن موقفي واضح في هذا الشأن».
بدوره، جدّد سولانا تأكيده أن «الاتحاد الأوروبي يستمر في مساعدة لبنان، المقرّب جداً منه، وفي دعم حكومته الشرعية، من أجل أن يتخطّى هذا البلد كل الصعاب»، حيث إن «بإمكان لبنان أن يعتمد على الاتحاد. والبرهان على ذلك هو عدد زياراتي إليه»، لافتاً الى أن المباحثات تطرّقت الى «كيفية متابعة المساعدة الاقتصادية للبنان».
وفي شأن المواضيع ذات الاهتمام السياسي المشترك، لفت الى أن الطرفين تناولا مسألتي وضع الحكومة وموضوع المحكمة الدولية، من دون توضيح أية تفاصيل، إضافة الى الوضع الإقليمي والقمة العربية التي ستعقد في الرياض.
وعما إذا كانت زيارته لدمشق تشير الى تغيير في سياسة الاتحاد الأوروبي، أجاب: «لا أعتقد أننا قاطعنا أي دولة. صحيح أنه لفترة من الوقت لم تكن للاتحاد الأوروبي، كمؤسسة، أي علاقات عميقة مع سوريا، لكنني سأتوجه إلى هناك لرؤية ما إذا كان باستطاعتنا أن نستعيد ونستكمل هذه العلاقة، إذ لا بد من محادثات صريحة وصادقة بخصوص التغيير، وكيف يمكن لتصرف أصدقائنا في سوريا أن يتغيّر»، مؤكداً أنه سيتحدث مع الأسد بـ«وضوح وصراحة»، فـ«سوريا دولة متوسطية وعربية، ونحن نودّ أن نستعيد هذا الشعور من سوريا أيضاً».
وفي إطار المحادثات التي سيجريها مع الأسد، لفت سولانا الى أنها ستتناول «العلاقات الثنائية، عملية السلام بما يشمل المسار اللبناني ــــــ السوري، العلاقات بين سوريا ولبنان، وتطبيق بعض القرارات الدولية بالكامل».
وعن إمكان إيجاد حلول للوضع اللبناني الراهن، أجاب: «أعتقد أنه من الممكن، مع الإرادة والنية الحسنة، أن نجد حلولاً ناجعة، كما يمكن أن نجد حلولاً فاشلة، لكننا لا نريد ذلك. لذا، علينا أن نحارب لكي نصل إلى حلول ناجعة».
وفي شأن القرار 1701، أعرب سولانا عن ارتياحه لطريقة تطبيقه، ولفت الى أن الانتهاكات الجوية الإسرائيلية «مشكلة في تطبيق هذا القرار»، وإلى ضرورة «المضي قدماً في حلّ مسألة مزارع شبعا»، مشيراً الى أنه سيبحث مع سوريا هذا الأمر بالإضافة الى موضوع تهريب الأسلحة، قائلاً: «أنا أملك خريطة للبنان في مكتبي، ونجد الحدود بين سوريا ولبنان بوضوح. وعلى شاطئ البحر المتوسط، هناك أفرقاء أوروبيون مختصّون يراقبون الشاطئ. فمن الجنوب، يصعب تهريب أسلحة». وإذ تساءل: «إذاً، من أين تأتي الأسلحة؟»، اكتفى بالتعليق: «لا أستطيع أن أقول، لكني أستطيع أن أتكهن».
واستكمل سولانا لقاءاته بجلسة عقدها مع الحريري، في قريطم، أطلعه خلالها على أجواء المحادثات التي أجراها مع برّي والسنيورة، إضافة الى محاور اللقاءات التي سيعقدها في الرياض ودمشق. وإثر اللقاء، لخّص سولانا حديثه للصحافيين بالإشارة الى إصرار الاتحاد الأوروبي على دعم لبنان. وردّ الحريري عليه شاكراً هذا الدعم.
(الأخبار)