جورج شاهين
اذا نجح اللقاء الثالث بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس كتلة نواب المستقبل سعد الحريري الذي انعقد مساء امس في وضع لائحة نهائية بالقضايا التي يمكن مقاربتها في الحوار الجاري على قاعدته الثنائية في المرحلة الراهنة، فذلك يعني أن البحث سيتواصل ويتعمق في تفاصيل كل بند من البنود المدرجة في هذا الجدول، مما سيدفع باتجاه توسع اعمال الحوار واللجوء الى تأليف فرق عمل تتجاوز الحوار الثنائي الى حوار اوسع وأشمل، يمكن من خلاله أن تسمي المعارضة مندوبيها الى جلسات الحوار وكذلك الموالاة.
على هذه القاعدة يتحدث المتفائلون بالحوار الجاري ويبنون عليه الكثير من الآمال، على خلفية ما تبلغه اكثر من طرف سواء من السفير السعودي عبد العزيز خوجة او ممن لهم قنوات الاتصال بالعاصمة الإيرانية حيث طغت في العاصمتين السعودية والإيرانية مقولة نزع الضغوط الخارجية عن الوضع الداخلي في البلاد، وأن الأمر بات في عهدة اللبنانيين ليقدموا الى العاصمتين التصور الأقرب الى التنفيذ في اسرع وقت ممكن، واذا حصل ذلك قبل القمة العربية الدورية في الرياض فسيكون امراً ممتازاً ومرغوباً بقوة، بموافقة الأطراف متكافلين ومتضامنين بدون استثناء احد، سوى من استثنى نفسه من عناء تحمل المسؤولية وتقديم التنازلات المتبادلة.
يقود الحديث في هذا الإطار الى النصيحة السعودية ــــــ الإيرانية المشتركة التي تبلّغها طرفا الحوار، والتي تقول ما معناه انه «آن الأوان للخروج من المأزق على قاعدة لا غالب ولا مغلوب»، او على الأقل رسم «خريطة طريق الى الحلول السياسية التي تكفل خروج الطرفين من المأزق الذي قادت اليه سياسة اللعب على حد السيف، التي أتقنها الطرفان من ضمن الضوابط الدولية التي احترماها الى حد بعيد»، وبدون اخطاء تذكر، عندما اوكلا امرهما الى اللعبة الدولية التي ربطت الأزمة القائمة بلائحة القضايا الخلافية بين ما يسميه الأميركيون محوري التطرف المتمثلين بإيران وسوريا من جهة، ومحور المعتدلين المتمثل بمصر والسعودية من جهة اخرى.
وتعتقد هذه المصادر أن اجواء التفاؤل ليست من عدم، لكن الخوف قائم من ان تكون هناك مخططات خافية على القائمين بالمبادرة، من طرف ثالث قادر على العرقلة في اللحظات الحرجة، وخصوصاً عندما يستذكر المعنيون التجارب السابقة التي عاشتها هذه المفاوضات في محطات كان يعتقد انها حاسمة كتلك التي دخلت فيها المفاوضات الأخيرة.
على ماذا يبني المتفائلون آمالهم؟ وما هي المخارج القابلة للتنفيذ؟
تقول المصادر عينها إن التفاهم السعودي ــــــ الإيراني الذي بني على موافقة مصرية وأخرى خليجية ودولية، نشأ من حاجة الطرفين الى تخفيف اجواء الاحتقان اللبناني خشية ان تتحول مصدراً للاضطرابات في العديد من الدول العربية والخليجية تحديداً، وقد اثبتت الأحداث التي شهدها لبنان يوم الخميس الأسود، أن الانفلات المذهبي قد ينتقل بفعل العدوى السريعة الى مجتمعات عربية اخرى حيث الأجواء مهيأة لاستقبال ردات الفعل السلبية، رغم ان احداث العراق الدموية لم تفعل فعلها فيها مثلما فعلت احداث لبنان.
وتضيف المصادر أن الوضع الحساس الذي نشأ في لبنان لا يمكن ان يقاس بأي موقع آخر، وقد لقي العناية التي افتقدتها احداث مماثلة نشأت في العراق او في الداخل الفلسطيني، وأن العناية الدولية التي تلقاها المحكمة الدولية الخاصة بلبنان فرضت مثل هذا الاهتمام الذي يمكن ألا يستمر طويلاً، ومن المهم استثماره و«ضرب الحديد وهو حام». وهذا ما استشعره كثيرون ممن جالوا في العواصم الكبرى خلال الأسابيع الماضية والذين حذروا في لقاءاتهم مع المسؤولين اللبنانيين فور عودتهم من واشنطن ونيويورك، من ان للاهتمام الدولي حدوداً وهوامش للحركة لا يمكن التكهن بحجم استمرارها، معتبرين أن امام اللبنانيين فرصة لا يجوز تفويتها لبناء عناصر الثقة من الداخل، ما دام العالم ينظر الينا بعين العطف وبالاهتمام الذي لم يحظ به لبنان من قبل. وهم يلمسون لمس اليد مدى تأثر الوضع الداخلي بالعوامل الخارجية وكيفية انشغال العالم عن القضايا الدولية مداورة وفق حسابات خاصة لا تراعي هموم الدول الصغرى ومنها لبنان بالطبع.
وفي المعلومات المتبادلة بين أوساط سياسية ضيقة للغاية، أن تعهداً سعودياً تبلغه قلائل بأن المملكة، وفي حال التوافق اللبناني ــــــ اللبناني مستعدة لأن تكون «صندوقاً آمناً» للضمانات المتبادلة بين الطرفين.