وفاء عواد
زعيتر يكشف وجود قرار بتوجيه سؤال إلى حكومة «شرعيّة»... والمتابعة «واجب لا خيار»

بتاريخ 21 أيلول 2006، أصدرت لجنة الدفاع والأمن النيابية توصية قضت بإعادة ملف التحقيق في شأن قضية مرجعيون «الجرم الذي تعاقب عليه القوانين اللبنانية» الى وزير الداخلية بالوكالة، آنذاك، أحمد فتفت لاتخاذ ما يلزم، باعتباره المسؤول عن القوة المشتركة في الثكنة، من أجل إحالته الى القضاء المختصّ، باعتبار أن الأمر ليس من صلاحيتها، وكي «لا ترمى الكرة، عن قصد، في ملعب المجلس النيابي».
وفي ظل المستجدات السياسية الراهنة، بكل تفاصيلها وتعقيداتها، فإن هذه القضية التي قد يراها البعض «ثانوية وتفصيلية» طوتها التطورات أو أرجأتها، لا تزال عالقة بين واقعين: الأول، يتعلّق بذاكرة اللبنانيين اذ تقضّ مضاجع كثيرين منهم، بما رافق هذه الحادثة التي ابتدأت فضيحة وانتهت مجزرة من مشاهد في 10 آب الفائت: دبابات الاحتلال داخلة الى الثكنة، العميد عدنان داوود يتسامر مع الضابط الإسرائيلي، ضيافة الشاي، العلم الأبيض على الثكنة، تقديم بطاقات التعريف عند المغادرة... وأخيراً، قصف قافلة السيارات العائدة من مرجعيون بضمانات. والواقع الثاني، يتمثّل بمعرفة مصير التوصية النيابية التي صدرت، وكانت بمثابة «طلب»، خارج إطار التمنّي، إضافة الى ما ترمز إليه في ترسيخ مفهوم المساءلة والمحاسبة التي رفعها المجلس شعاراً منذ سنوات، ويهدف الى «رسم خطّ بين الجائز والممنوع»، على حدّ تعبير أحد النواب.
فحتى هذا التاريخ، علمت «الأخبار» أن التوصية بقيت «حبراً على ورق»، بغضّ النظر عن كونها «جاءت تعبيراً عن إرادة اللجنة»، ليس أكثر. لكن صفة «عدم إلزاميتها» لا تعني خلوّها من أية قيمة معنوية، وهو ما يستوجب «المتابعة والسؤال من جانب اللجنة المختصّة، واجباً لا خياراً، التزاماً بجدّية توصيتها وصدقيتها»، وتؤكّد مرجعية نيابية ودستورية، مشيرةً الى أن هذا الأمر يستدعي «اللجوء الى الرقابة البرلمانية المسائلة»، إذا لم يصر إلى التجاوب مع مقتضيات التوصية ــــــ الطلب.
وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة الى أن للرقابة البرلمانية عدة مستويات: ابتداءً من توصية اللجنة غير الملزمة، وصولاً الى المساءلة عبر: السؤال (لا طرح ثقة)، الاستجواب (طرح ثقة)، ولجنة التحقيق البرلمانية.
وبعيداً عن «التواطؤ الضمني» على محاولة نسيان هذه القضية العالقة، أثار عدد من النوّاب، مجدّداً، ضرورة ملاحقة الوزير فتفت، قانونياً، إذا لم يحل الملف الى القضاء العسكري، لأنه هو من «يتحمّل المسؤولية السياسية عما جرى، لا وزير الداخلية الحالي حسن السبع، بعيداً عن التعاطي مع هذه القضية المحرجة والمذلّة من باب كونها خطأ وانحرافاً بسيطاً أو سوء تصرّف أو سلوكاً طارئاً من جهة، وكي لا يستمرّ فتفت في هروبه الى الأمام، ويفاقم خطأ ارتكبه من جهة ثانية».
وفي هذا الصدد، كشف عضو «كتلة التنمية والتحرير» النائب غازي زعيتر عن وجود قرار لدى عدد من النوّاب، لا سيما من المعارضة، يقضي بمتابعة هذا الملف، عبر توجيه سؤال لفتفت عبر الحكومة «عندما تصبح شرعية وميثاقية»، يحدّد مسؤوليته حيال هذا «الجرم ــــــ الخيانة»، إذ إن هذه القضية «لا يجوز إنهاؤها بمسح الذقون، لما لها من علاقة بسيادة لبنان واستقلاله، بعيداً عن الحزازات السياسية الداخلية».
وإذ استغرب زعيتر عدم إرسال الملف الى الجهات القضائية الصالحة، والاكتفاء بتدبير إداري في حق داوود، بعد التحقيق معه، بتوقيفه ثلاثة أيام «أقلّ ما يقال فيه إنه يتخذ في حالة المخالفة المسلكية الشكلية»، مع أن فتفت «كان يردّد في كل جلسة أنه يتحمّل المسؤولية، ويودّ توضيح الأمور كي لا تبقى مادة للاستعمال اليومي الإعلامي وغير الإعلامي»، لفت الى أن عدم وجود نصّ يحدّد فترة زمنية معينة تلزم بتطبيق التوصية «لا يعفي من مسؤولية الملاحقة الفورية، لكون الموضوع يعدّ جرماً جزائياً».
وفي انتظار البتّ الرسمي في هذه القضية «النهج لا الحادثة»، يكتفي أحد نواب «كتلة الوفاء للمقاومة» بطرح سؤال على المعنيين: هل سيكون السلوك الذي اتّبع في مرجعيون وجهاً آخر لـ «المقاومة السياسية» التي يروّج لها في دولة ما بعد 12 تموز؟


... إخبار «من دون استثناء» رهن قرار القضاء
لا يزال «الإخبار» الذي قدّمته «مجموعة من دون استثناء»، المكوّنة من مجموعة محامين وناشطين لبنانيين، في شأن قضية مرجعيون، منذ نحو ستة أشهر في عهدة مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي جان فهد الذي «لم يبت الموضوع، وهذا ما تبيّن من خلال عدة مراجعات»، كما أشارت مصادر الجمعية. علماً بأن «الإخبار» يتضمن ذكر جرائم حصلت في الثكنة، في 10 آب، منصوص عنها في القانون العسكري.
وفي هذا الإطار، تلفت المصادر إلى أن المجموعـــــــــــــة تنوي متابعة الموضوع ضمن الأطر الديموقراطيـــــــــــة، ابتداءً من القيام باعتصام أمام مقرّ المحكمة العسكرية، ووصولاً إلى تنظيم تظاهرة.