strong>تسرّبت، أول من أمس، معلومات للإعلام مفادها أن موقوفين سوريين اعترفوا بارتكاب جريمة عين علق التي استهدفت حافلتين لنقل الركاب في 13 شباط الماضي والتي سقط ضحيتهما ثلاثة شهداء وعشرات الجرحى. وقال وزير الداخلية حسن السبع أول من أمس إن «الإرهابيين» كانوا يستخدمون ثلاث شقق في الأشرفية والدورة وقرنة شهوان. نستعرض تقريراً عن تلك الشقق
أعلن وزير الداخلية حسن السبع، أول من أمس، بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء أن فرع المعلومات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي تمكن من توقيف أربعة أشخاص متهمين بالضلوع في جريمة عين علق التي وقعت في 13 شباط الماضي، وأن شخصاً خامساً لا يزال فاراً من وجه العدالة. وذكر السبع أنه تمت مداهمة ثلاثة منازل كانوا قد استأجروها في قرنة شهوان في المتن الشمالي وفي كرم الزيتون في الأشرفية وفي منطقة الدورة. وقال السبع إن عناصر فرع المعلومات صادروا من إحدى الشقق مواد TNT مع «كلل» كالتي استخدمت في تفجيري عين علق. والموقوفون هم: كمال ت (مواليد 1980) ومصطفى س. (مواليد 1983) ودحّام أ. (مواليد 1965) وياسر ش. (مواليد 1973) وما زالوا محتجزين لدى فرع المعلومات في مقرّ المديرية العامّة لقوى الأمن الداخلي في بيروت.

انتظر الأمن في قرنة شهوان فلم يأت أحد

على بعد قرابة خمس دقائق من مكان حصول تفجيري عين علق الإجراميين يقع المنزل الذي قالت القوى الأمنية إن اثنين من أفراد الشبكة المتهمة بالتخطيط للانفجارين كانا يسكنان فيه. ويطل سطح المنزل على الطريق العام، فيما الشقة التي استأجرها الرجلان تقع تحت الطريق. والشابان السوريان، اللذان يتراوح عمرهما بين 35 و40، سنة بحسب صاحب الشقة نوفل نوفل، حضرا في أول شهر شباط، بعد رؤيتهما للإعلان الموضوع بالقرب من المنزل. وفاوضا على الإيجار، معلنين أن أحدهما يعمل «دهاناً» والثاني «كهربائياً». وهما دفعا مئة دولار إيجاراً للشقة. ثم غادر صاحب المنزل الذي يسكن فوق شقتهم إلى طرابلس قرابة شهر، ليفاجأ يوم عودته، بتاريخ 28 شباط، بمجموعة تضم قرابة 15 عنصراً من الأمن الداخلي كان معها كلاب مدربة تفتش الشقة. وينفي صاحب المنزل أن تكون المجموعة الأمنية قد اعتقلت الشابين في الشقة أو حتى وجدتهما فيها. وضع الشمع الأحمر على الأبواب لمنع الدخول إلى الشقة. ويكشف نوفل أن عناصر من القوى الأمنية قصدوا المنزل ثلاث مرات أخيراً، وانتظروا قدوم أحد المشتبه فيهم إليه. لكنهم لم يوفّقوا في هذا. وتؤكد إحدى السيدات الساكنات بالقرب من الشقة التي استأجرها الرجلان أنهما كانا «شديدي الاحترام»، ويبدوان واثقين بأنفسهما، ولم يصدف خلال الشهر الذي تواجدا فيه أن سبّبا إزعاجاً لأي من الجيران. فيما يقول أصحاب المتاجر القريبة إن مكان الشقة (طريق عام) والفترة الصغيرة التي قضاها الرجلان لم تسمح بالتعرف عليهما، أو حتى ملاحظة وجودهما.

«مصطفى ومحمّد» في كرم الزيتون

في كرم الزيتون، في شارع فرعي غير نافذ، متفرع من الشارع المقابل لمكتب المختار، تسكن مريم واكيم، التي كانت تضع لوحة تعلن فيها أنها تملك شقة للإيجار. الشقة اليوم مقفلة ومختومة بالشمع الأحمر، بأمر من النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سعيد ميرزا، كما يشير الملصق. وتظهر الورقة نفسها أن الشقة أقفلت بتاريخ 8/3/2007، وأنه أعيد ختمها بتاريخ 11/3/2007. لكن بعض التواريخ المذكورة في روايات المواطنين تختلف عن ذلك: البداية كانت يوم السبت الماضي، عندما أتى شابان في العقد الثالث من العمر، يتحدثان بلهجة سورية إلى منزل مريم. عرّفا عن نفسيهما بأنهما يدعيان مصطفى ومحمد. عرضا أن يستأجرا المنزل الواقع في الطبقة الأولى من المبنى، قالت لهما إن الإيجار الشهري 250 دولاراً أميركياً. فاصلاها لخفض الإيجار، فقالت لهما إنه لا يناسبها إلا مبلغ 250 دولاراً، قبلا ودفعا لها إيجار شهر واحد مسبقاً، على أن يوقّعا معها عقداً رسمياً حين يعود ابنها من خدمته العسكرية في الجيش. يوم الإثنين مساءً، فوجئت، بدورية لقوى الأمن الداخلي تقفل الشارع، وتمنع أحداً من الخروج أو الدخول، أو حتى أن ينظر من نافذة منزله. خرجت من منزلها معرّفة عن نفسها بأنها صاحبة المنزل، لتجد باب الشقة المقصودة في الطبقة الأولى مقفلة. طرقت الباب ليفتح لها عناصر قوى الأمن ويسألها أحدهم: «أنت صاحبة المنزل؟»، فردت بالإيجاب. وبسؤال عن سبب مجيئهم، ذكرت أن محدثها الأمني قال لها: «ما دخلك» وطلب منها العودة إلى منزلها في الطبقة الأرضية. ذكرت السيدة التي يبدو الخوف عليها أنها لم تلتق بالموقوفين سوى ثلاث مرات: الأولى حين اتفقت معهما على تأجيرهما الشقة، والثانية في اليوم التالي، ومرة ثالثة حين أتى بهما عناصر قوى الأمن إلى الشقة ليل الاثنين ـــ الثلاثاء (12و13 آذار الجاري، أي قبل أقل من 24 ساعة على إعلان توقيفهما، مع اثنين آخرين). لم تلاحظ صاحبة الشقة على المستأجرين أي أمر غير طبيعي. فلم تشاهدهما وهما ينقلان أغراضاً من الشقة وإليها.

«إرهابيون» يسرقون خط «الساتلايت»

في برج حمود، تقع الشقة التي داهمتها قوى الأمن الداخلي في الطبقة الأولى من بناية بطرس باسيل، قرب أوتوستراد الدورة. الشقة فارغة من أي أثاث، والمستأجرون «الغرباء»، كما سمتهم جارتهم، لم يحضروا أي أثاث إليها قبل شهر، عندما سكنوا في هذه الشقة التي استأجروها من سمسار مقابل 150 دولاراً شهرياً. تقول الجارة الملاصقة لهم: إنهم كانوا أربعة أشخاص، ولم يكن يظهر على ثيابهم أنهم عمّال. وذكرت أنهم، بعد يومين من سكنهم، «سرقوا» خط اشتراك «الساتلايت» الواصل إلى منزلها. وعندما أتى المسؤول عن الاشتراكات، عاتب اثنين منهم لأنهم قاموا بذلك، وطلب منهم دفع مبلغ 20 دولاراً أميركياً للسيدة لكي تشتري شريطاً جديداً بدل المقطوع، فدفع أحدهما مباشرة ودون أي نقاش، قائلاً إنه ليس هو من قطع الشريط. وقالت السيدة إنها الكلمات الوحيدة التي سمعتها من جيرانها الذين كانوا يسكنون الشقة الملاصقة لمكان سكنها. وذكرت أنهم لم يكونوا يترددون إلى شقتهم إلا ليلاً، وكانت تعرف ذلك من صوت إقفال الباب. وفي المنطقة المحيطة، لم يترددوا إلى أي من محال المواد الغذائية أو المطاعم أو الأفران المجاورة. وحتى المصانع المقابلة أو التي تقع تحت منزلهم مباشرة، لم يكن لأي من العاملين بها أو لأصحابها علاقة بهم، كما ذكر هؤلاء. لكن أحد المتواجدين في مكان قريب من المنزل، ذكر أنه كان يشاهد خلال النصف الثاني من الشهر الفائت شخصاً في العقد الرابع من العمر، يقود دراجة نارية ويتردد إلى الشقة المذكورة، وأنه لم يلتق به منذ أكثر من أسبوعين. ولم يثر أي من قاطني الشقة الريبة في أي من تصرفاته، حتى فوجئ بعناصر قوى الأمن الداخلي تقطع الطريق وتمنع المواطنين من المرور، وبرفقتها أحد قاطني الشقة السابقين، يوم الجمعة بتاريخ 9/3/2007. لم يلاحظ أبناء المنطقة أن العناصر الأمنية أخرجت من الشقة أغراضاً أو أكياساً. الشقة غير مختومة بالشمع الأحمر.
(الأخبار)