نادر فوز
حمل حنظلة معاناة الشعب الفلسطيني إلى الجامعة الأميركية في بيروت، وتربّع على مجسّم رمزي يمثّل الجدار العازل في فلسطين. «الحرية لفلسطين» و«أزيلوا الجدار» شعاران رافقا حنظلة على المجسّم. وضع طلاب النادي الثقافي الفلسطيني، ضمن حملة «أسقطوا الجدار» بالقرب من هذا المجسّم، لوحات إعلانية تفسّر لزملائهم الهدف من بناء الجدار وتأثيره السلبي من جميع النواحي على حياة الفلسطينيين، كما يقوم عدد من الناشطين بجمع تواقيع الطلاب والأساتذة في الـAUB على عريضة سيتم توجيهها إلى الأمم المتحدة تدعو إلى إزالة الجدار العنصري وإيقاف بنائه.
في إطار هذه الحملة، نظّم النادي أمس ندوة في قاعة بطحيش عرض خلالها عدد من الطلاب الفلسطينيين معاناتهم الصعبة بسبب الجدار. قدّم بهاء كيّالي، مسؤول العلاقات العامة في النادي، تفسيراً مبسّطاً لعواقب الجدار وتأثيره في قضم الأراضي الفلسطينية وعرقلة تحرّك المواطنين وقضائه على ما بقي من حقوق التعليم والعمل، وأن هذا النشاط يرمي إلى توعية الطلاب في شأن ما يجري في فلسطين.
تحدثت الطالبة دانا عبد الباقي، القادمة من نابلس، عن التغيّرات التي يلاحظها من يغيب فترات عن القرى الفلسطينية، إذ تحجب مناطق كاملة عن الرؤية. تتردّد دانا بين لبنان وفلسطين المحتلة خلال العطل الجامعية، مما يسمح بمراقبة تطوّر العمل في الجدار العنصري. كما تحدثت عن الإذلال الذي يعيشه الفلسطينيون عند حواجز التفتيش الإسرائيلية.
الدكتور في الجامعة الأميركية ساري حنفي قام بعرض موثّق لعدد من الخرائط والصور عن مدى التأثير السلبي للجدار على الحياة الفلسطينية، إذ يحول هذا «المشروع الأمني» في مناطق عديدة دون الحصول على التعليم أو الخدمات الصحية، كما يمنع الفلسطينيين من العمل ويقضم مساحات زراعية كبيرة ويسهم في شرذمة أهالي القرى. وقال حنفي إنه يجب التركيز على إبادة المساحة «spacio - cide»، فضلاً عن القضايا الأساسية الأخرى كالمجازر الإسرائيلية والحصار والمنع من الحقوق الأساسية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني. أوضح حنفي أن بناء كيلومتر واحد من هذا الجدار يكلف مليوني يورو، مشيراً إلى أن الهدف من بناء جدران كهذه ليس محض أمني بل اجتماعي ــــــ نفسي، إذ هو «يحجب الفلسطينيين ويمنعهم من التواصل مع الآخر ويشرذمهم ويحصرهم أكثر فأكثر ويستولي على أراضيهم، أي إنه يعزلهم بشكل أقصى». ولفت حنفي أيضاً إلى الأعمال العنصرية الإسرائيلية التي ازدادت بشكل واضح مع وصول اليمين المتطرف إلى الحكم، فيما كانت الأطراف اليسارية الحاكمة المتمثّلة برابين وباراك أقلّ عنصرية مع الفلسطينيين.
مارسي نيومان، الدكتورة في الجامعة الأميركية، عرضت بدورها بعض اللقطات التي تمكنت من تصويرها خلال إقامتها في القدس في الصيف الماضي. وتحدثت عن ارتفاع عدد المستوطنات الإسرائيلية ثلاث مرات وتضاعف مساحة الأراضي الفلسطينية المسلوبة لمصلحة الكيان الإسرائيلي بعد توقيع اتفاق أوسلو. كما أشارت إلى أن قضايا بناء المستوطنات والحفاظ على أمنها وعزل الفلسطينيين تمثّل جميعها حلقة مترابطة.
أما عمرو نوفل، طالب الفرشمان في الأميركية القادم من القدس، فعرض بعض الحالات الإنسانية التي تظهر عند نقاط التفتيش، وأشار إلى المضايقات الكثيرة التي يتعرض لها الفلسطينيون والتي زاد من حجمها الجدار العازل. راسل عمرو الجامعة الأميركية عبر البريد الالكتروني وتمّت الموافقة على قدومه من فلسطين للدراسة. يوضح أن جامعة القدس في أبو ديس هي من أفضل الجامعات لكن بسبب الضغوط الإسرائيلية لم يُعترف بها عالمياً، كما أن الوصول إلى جامعة بيرزيت أمر صعب جداً بسبب المعوّقات الإسرائيلية، لذلك قرر المجيء إلى لبنان لأن البقاء في فلسطين لن يسمح بتطوّره حتى لو أكمل دراسته، وهو يحصل من الـAUB على مساعدة مالية تتمّم المنحة التي حصل عليها من إحدى المؤسسات الفلسطينية في عمان.
لا ينتمي عمرو إلى طرف سياسي، إلا أنه يؤمن بخيار المقاومة لما تحققه من مكاسب «أهدرها الحوار مع الإسرائيليين»، معتبراً أن التفاوض لا يعني إلا التنازل.
بعد اللقاء الذي خُتم بحوار بين الحاضرين والمتكلمين، أعرب كيّالي عن خيبة أمله من تدني نسبة الحضور، معتبراً أن قسماً كبيراً من الطلاب لا تعنيهم هذه القضايا، وأن عدداً منهم اعترضوا على هذا النشاط «لأنه يعني الفلسطينيين وحدهم ولا داعي إلى التحدث عنه في لبنان».
الساعة الرابعة من بعد ظهر اليوم يجري في القاعة نفسها عرض فيلمين عن الجدار العنصري، بينما يبقى لنهار الجمعة تدمير مجسّم الجدار والانتهاء من حشد التواقيع الرافضة له.