بعلبك ــ علي يزبك
يتميز مشروع الصرف الصحي ومعالجة المياه المبتذلة في مدينة بعلبك وجوارها بالعشوائية وبهدر الاموال العامة، ويمثل عينة من التخبط في ادارة المشاريع الانمائية التي يعول عليها كثيراً في منطقة تعاني الاهمال المزمن.
فبعد مضي خمس سنوات على انشاء محطة تكرير المياه المبتذلة في الطرف الغربي لبلدة ايعات بهدف معالجة مياه الصرف الصحي وبالتالي القضاء على التلوّث في بعلبك ومحيطها لا تزال المحطة تنتظر، حيث تحوّلت اليوم ملجأ للحيوانات وأعشاشاً للطيور، وتفقد يوماً بعد يوم قيمتها التشغيلية المقدرة بخمسة وثلاثين عاماً من دون ان تعود بأي نفع. وإلى الاربعة ملايين دولار التي انفقت على البناء والتجهيز، فإن ما يزيد على مائة وخمسين الف دولار ينفق سنوياً على المحطة بموجب عقد صيانة وقّع مع احدى الشركات الخاصة، وهي لم تدخل الى الخدمة الفعلية، وذلك لصيانة المعدات والآلات حتى لا يصيبها التلف في وقت تعاني فيه مدينة بعلبك وبساتينها تلوّث مياه الشفة جراء المياه الآسنة التي تمثّل خطراً على الصحة والبيئة. وتعود اسباب التأخر في تشغيل محطة التكرير الى عدم اكتمال مشروع شبكة الصرف الصحي التي بوشر العمل بها بعد انشاء المحطة بنحو ثلاث سنوات، وتتولى حالياً ثلاث شركات تعهد انجازها بكلفة تصل الى حدود تسعة ملايين دولار، وهو يتضمن انشاء نحو ثلاثة وتسعين كيلومتراً من الخطوط الرئيسية والفرعية، وسيُنجز بنهاية العام الجاري، وستضاف إليه نسبة 15 بالمائة هي عبارة عن نواقص في عدد من الاحياء.
لكن المشكلة التي ستبرز عند انتهاء الاشغال هي عدم شمول هذا المشروع، مد الوصلات المنزلية الى الشبكة الرئيسية باستثناء حي القلعة، وهو امر يتطلب دراسات جديدة ومشروع تلزيم وتمويل جديد بحسب ما اوضح رئيس بلدية بعلبك محسن الجمال، الذي رأى ان البلدية ليست لديها مقدرة على تنفيذ الوصلات المنزلية للصرف الصحي، وهذا المشروع لا علاقة له بها، إذ يخضع بالكامل لإشراف مجلس الانماء والاعمار الذي سيسلمه الى وزارة الطاقة والمياه، وبالتالي فإن تأخيراً اضافياً سيطرأ على هذا المشروع المتعثر، فيما يقتصر دور بلدية بعلبك على الرقابة لكون الاشغال تقع ضمن نطاقها.
وتحدّث الجمال بمرارة عن سير العمل بمشروع الصرف الصحي، ففي كثير من الاحيان لا تتطابق الاعمال ودفتر الشروط، ويضاف الى ذلك التباطؤ بالعمل والذي يتسبب بمعاناة للمواطنين لا سيما قطع الطرقات لفترة طويلة. وأضاف «نعقد الكثير من الجلسات والاجتماعات التنسيقية مع المهندسين المشرفين على المشروع، ونطرح الإشكالات والملاحظات، لكن كما يقول المثل الشعبي: «دق المي، وهيي مي».
وأكد الجمال أن تشغيل المحطة يمكن أن يحصل نهاية العام الجاري اذا تم التغلب على مشكلة تأمين مصادر مياه الصرف الصحي اللازمة للتشغيل، فهي بحاجة الى قرابة اربعمائة متر مكعب من المياه في اليوم، وهذه الكمية يبدو أنها لن تكون متوافرة في المدى المنظور لعدم تأمين الوصلات المنزلية، وهناك مساع من مجلس الانماء والاعمار لإنشاء شبكات صرف صحي في قرى نحلة ــــــ يونين ــــــ مقنة ــــــ الطيبة وأنصارية، وهذا الامر ما يزال في طور الدراسة من اجل زيادة كميات مياه الصرف الصحي اللازمة لتشغيل المحطة دائماً. ويشير رئيس لجنة البيئة في بلدية بعلبك الدكتور اكرم مرتضى، الى ان التأخير في تشغيل محطة التكرير واستكمال شبكات الصرف الصحي فاقم ازمة التلوّث، وذلك لانتشار الحفر الصحية في المدينة وخصوصا تلك الواقعة بالقرب من نبع رأس العين في بعلبك والتي ادت الى تلوث مياه النبع الذي يروي بساتين بعلبك. يضاف الى ذلك التلوث الناتج من المياه الآسنة التي تتدفق من الانبوب الذي يربط بلدتي دورس وعين بورضاي والأحياء الجنوبية الغربية لمدينة بعلبك، وتصبّ هذه المياه في سهلي دروس ومجدلون مما يتسبب بأضرار في المنتوجات الزراعية الى جانب الروائح الكريهة التي تغطي المنطقة.