قال مصدر دبلوماسي مطّلع لـ“الأخبار” إن الاندفاعة السعودية لإنجاح القمة العربية وقبلها مؤتمر مكة الفلسطيني يقودها الأمير بندر بن سلطان تحديداً، يقابله، وإن مؤيداً له، تيار الاعتدال التقليدي بقيادة وزير الخارجية سعود الفيصل.وهذه الاندفاعة السعودية تبلورت في شكلها الحاد بعد “الكلمات” التي تلقّتها المملكة من سوريا في لبنان إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري وما تلاه من مسلسلات أمنية وسياسية، وفي فلسطين على يد حماس، وفي العراق بواسطة المقاومة والمتسللين عبر الحدود السورية. أما التوتر السنّي ــ الشيعي، فيقول المصدر المطّلع إن سوريا تخشاه بقدر ما تخشاه السعودية، وإن لأسباب مختلفة، فالنظام السوري لا يستطيع، بسبب من تركيبة زعمائه، أن يتحمّل عواقب إغضاب العرب السنّة بمن فيهم عرب سوريا السنّة، وقد كان دوماً حريصاً على ذلك بسياسة التوازن الدقيق التي أرساها الرئيس الراحل حافظ الأسد والتي جعلته، في ذورة تحالفه مع إيران أو في سياساته المناوئة لصدّام حسين، لا يتجاوز الخطوط الحمراء وأبرزها على هذا الصعيد السعودية والكويت والإمارات من جهة، ومصر وليبيا والجزائر من جهة أخرى. وجاء الغزل مع تركيا ليعزّز هذا التوازن.
ويقول المصدر الدبلوماسي إن جميع الأطراف المعنيين بالأزمة اللبنانية، لا السعودية فحسب، مهتمون بنجاح القمّة وإيجاد حلول لموضوعها المركزي لبنان، من واشنطن إلى دمشق ومن طهران إلى القاهرة. وتملك الرياض إمكانات لا يملك مثلها أحد من أجل تحقيق هذا النجاح، والتقارب الذي أنجزته مع طهران يضيف إلى إمكاناتها المالية والسنّية والغربية، رصيداً شيعيّاً على الأقل شكليّاً يعطيها بقدر ما تعطيه أو تعطي مَن وراءه. وإذا كانت المملكة تتوجّس من شيعتها وتأثيرات إيران عليهم، فإن الجمهورية الإسلامية تتوجّس، وإن بدرجة أقلّ، من قدرة السعودية على تحريك الأقليات السنّية أو ذات الأصول العربية لديها.
اللوحة كما تبدو الآن تحكمها التوازنات، ويحكمها قلق شديد من المستقبل، وتديرها رغبة ملحّة ومستعجلة في تبديد غيوم الاحتقان السنّي ــ الشيعي انطلاقاً من لبنان. فإذا نجحت الجهود “هنا”، فستنجح “هناك”، وإلاّ، يختم المصدر الدبلوماسي، فالبديل هو الانفجار.
(الأخبار)