عرفات حجازي
المحكمة حُسمت والحكومة على الطريق وميل إلى اعتماد القضاء في قانون الانتخابات

قد تكون من المرات النادرة في تاريخ لبنان الذي لا أسرار فيه أن تبقى تفاصيل ما يدور في الغرفة المغلقة بين الرئيس نبيه بري ورئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري طي الكتمان، حيث يضرب الرجلان ستاراً من السريّة يصعب اختراقه حول النقاشات التي تجري والطروحات التي يتم تداولها من قبل الطرفين كمخارج للأزمة السياسية القائمة.
وعلى رغم الاستحالة التي يجدها الإعلاميون في الاطلاع على التفاصيل والتعرّف إلى النقاط التي يتناولها البحث والعراقيل التي تعترض بلورتها، فإن من السهولة بمكان التقاط الإشارات الدالّة التي تصدر عن المعنيَّين بالتفاوض وإصرارهما على القول إن المحادثات لن تتوقف حتى الوصول إلى حل يأملانه قريباً، وقبل القمة العربية.
ويقلل الجانبان من أهمية ما يشاع عن إمكان لجوء بعض الأطراف المتضررة إلى المشاغبة والتشويش على مسار المفاوضات، مؤكدين أن لا أحد في قدرته تعطيل المسيرة الوفاقية التي بدأت في ظل ظروف عربية وإقليمية ودولية حاضنة لمثل هذا التوجّه ودافعة باتجاه إنجاز تسوية متوازنة مع تأمين التغطية لها وصولاً لإخراج الوضع السياسي المأزوم من عنق الزجاجة.
ووفق المطّلعين على خفايا الأمور ومآل محادثات عين التينة، فإن موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي بات محسوماً في النقاشات، لافتين إلى ما قاله النائب سعد الحريري بعد لقائه في القاهرة الرئيس حسني مبارك من أن لا أحد في المعارضة يعارض قيام مبدأ المحكمة، مبدياً في الوقت نفسه استعداده لإدخال تعديلات عليها، حاصراً المشكلة بموضوع تشكيلة الحكومة التي قال إنه منفتح على طروحات وتعديلات بصددها.
وهذا المنحى أكده بري مراراً، وهو أبلغ الحريري أن كل شيء يؤدي إلى الحقيقة وتأمين العدالة ممنوع المساس به، لكن ثمة أمور تلحق الضرر بلبنان، ومن المصلحة الوطنية مناقشة عدد من الملاحظات القانونية، كمسألة العفو ومدى علاقتها بعمل المحكمة لاكتشاف الحقيقة، كما أن ثمة تعديلات وتوضيحات لا بد من مناقشتها بروح إيجابية لإزالة بعض الالتباسات في مواد نظام المحكمة وما له علاقة باستهدافات سياسية، خصوصاً أن كلام البعض عن أن المقاومة يمكن أن تكون مشاركة في الاغتيالات يفرض علينا جميعاً التحوّط، وهذا يعني أن التفاهم على نظام المحكمة ذات الطابع الدولي أصبح مبتوتاً والنقاش يجري الآن في صيغة خلّاقة تؤمّن التوازن في القرار السياسي وتعطي للمعارضة الثلث الضامن مع الاستعداد لإعطاء كل الضمانات التي تراها الأكثرية مطلوبة لجهة عدم استقالة الحكومة وتهديد مصيرها وعدم عرقلة عملها وقدرتها على اتخاذ القرارات مع إضافة ضمانة تتعلق بإجراء الاستحقاق الدستوري في موعده والتفاهم على رئيس محايد لا يكون محسوباً على فريق 14 آذار ولا على فريق 8 آذار. وتقول مصادر مطّلعة على سير المحادثات الجارية في عين التينة أن ثمة أكثر من صيغة لشكل الحكومة يجري التداول بشأنها، وأحدثها حكومة من 24 وزيراً يعطى فيها للموالاة 13 وزيراً وثمانية للمعارضة، ويجري التفاهم بين الجانبين على ثلاثة وزراء مستقلين يشكلون بيضة القبان في توجهات الحكومة.
أما الأمر الثالث المتعلق بإقرار قانون انتخاب نهائي نزولاً عند طلب أفرقاء في الجانبين وعند رغبة البطريرك صفير فالاتجاه يميل إلى بتّه على أساس الأقضية، وهذه مسألة تحتاج إلى جهد مضاعف لتمريره، لأن معارضيه كثر في الموالاة والمعارضة على حد سواء.
ومهما يكن من أمر، فإن مصادر بري والحريري متفائلة بإمكان الوصول إلى تذليل العقبات التي تعترض التفاهم على بعض القضايا العالقة، وهناك إصرار على الإسراع في توليد الحل على نحو يلقى أكبر نسبة من القبول لدى حلفاء الطرفين.
وإذا كانت التقديرات مختلفة بين المحللين والمتابعين ممّن لهم صلة بالمساعي الجارية بين أن يكون الحل من مقدمات انعقاد القمة وبين أن يكون من نتائجها، فإن الآراء متّفقة على القول بأن الفشل ممنوع وأنه في أسوأ التوقعات يمكن الخروج من الحوارات بإعلان نيات أو بحلحلة للوضع إذا تعذّر الوصول إلى حل متكامل بسبب ضغط الوقت واقتراب بدء الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية في الرياض.
ويلفت هؤلاء إلى أنه ما زال بالإمكان استكمال رسم التفاصيل ليصبح حينها إعلان النوايا جاهزاً كي تباشر اللجان أعمالها في صياغة التعديلات على نظام المحكمة وطريقة تشكيل الحكومة وتوزيع حقائبها وإنجاز القانون الجديد للانتخابات، ولا يهم إن تأخرت أعمال اللجان إلى ما بعد القمة العربية.




عين التينة - 4: التقدم مستمر لبلوغ الحل

أصدر المكتب الإعلامي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري بياناً مقتضباً أمس عن الجولة الرابعة من محادثاته مع رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري ليل أول من أمس، مكتفياً بالإشارة الى ان «التقدم مستمر لبلوغ الحل».
من جهة أخرى استقبل بري القائم بالأعمال الكويتي في لبنان طارق الحمد. وخلال اللقاء جدد بري إشادته بالدور الكويتي الداعم للبنان على مختلف الصعد. وبعد اللقاء أوضح الحمد أنه استمع الى التطورات على الساحة اللبنانية، وأكد ان الجو كله متفائل وسعيد، لافتاً الى أن «الإخوة في المملكة العربية السعودية يقومون بجهد واضح، من شأنه ان يساعد على حلحلة الأجواء، وهذا الجهد تسانده كل الدول العربية». وتمنى التوصل الى حل قبل القمة العربية.
وكان الرئيس بري قد استقبل سفير بلجيكا ستيفان دو لوكير، والرئيس رشيد الصلح والنائب السابق طلال المرعبي وعرض معهما التطورات.