للاستيضاح ... فقط
  • روز زيــادة

    مع اعترافي المطلق بأننا شعب الانتظار الدائم، والشعب النكرة، والشعب الرهينة منذ عقود، حتى لو أضفت إليها صفة الشعب الألعوبة، فكل هذا لا يمنعني من أن أستجمع شجاعتي لأطرح السؤال على بعض الأشخاص الذين يمسكون بالسلبية والإيجابية تجاه كل أمور لبنان، والذين تناوبوا على حفظ أدوارهم كي لا تؤول إلى غيرهم.
    السؤال: «من فوضّكم لتوقفوا عجلة الحياة في لبنان؟
    من يأمركم لتروّعونا مرة بالتفجيرات، وأخرى بعبوات التفجيرات؟
    من يطلب منكم أن تحشوا أفكارنا بكلامكم المرعب؟ وتخميناتكم التمهيدية لحدوث الأشنع»؟
    وإن سألت أكثر ماذا سيحدث لي؟ ...!!
    السؤال: «من هم الناطقون بشرعة حقوق الإنسان في لبنان؟
    وبماذا ينطقون كلما حدث تفجير بارودي كان أم تخويفياً، أو شيء آخر ما بين الإثنين؟ هل هناك من عنده حق المبادرة لإيقاف المهاترات الحاصلة في بلدنا؟ وإن كان لا يوجد؟ هل يكون غريباً إن طلبنا إضافة حالتنا على ملف المحكمة ذات الطابع الدولي! فليدرسوا هم أيضاً «قضية بالزائد» لا تقدّم ولا تؤخر. قضية شعب مقهور هل ضاعت المروءة يا ترى لتترك قضية شعب كامل ولا تقدم إلى المحكمة ذات الطابع الدولي؟ لعلّه بذلك يحدث أحد الأمرين: إما أن المعارضين يوافقون عليها، أو أن المتشبثين بها يتركونها إلى المصير الذي يجب أن تكون فيه».
    ماذا قلتم؟!



    وطن نهائي لجميع أبنائه؟

  • غسان نعمة

    «لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه» سمعت هذه العبارة للمرة الأولى عندما كنت طفلاً في أواخر الثمانينيات، عندها اضطرّ والدي إلى أن يشرح لابن الثماني سنوات ما معنى هذه الجملة ولماذا نضطرّ إلى أن نقولها ما دام لبنان هو لكل اللبنانيين... وما الفرق بين اللبنانيين، وما معنى مسلم ومسيحي وشيعي وسني، وما الفرق بيننا وبين الآخرين...
    انتهت الحرب الأهلية وانتقلت الى مدرسة في الأشرفية، أي «ما وراء خطوط التماس»، لأكتشف أن الذين يشاطرونني المقعد يأكلون ويشربون ويتنفّسون مثلي تماماً وأنهم ليسوا من كوكب آخر، بل ذهبت معهم الى القدّاس وتناولت القربان، وهربت معهم من الصفوف وتسكّعت معهم في شوارع الأشرفية وأزقّتها الضيّقة. وخلال العدوان الأخير على لبنان، رأيت الاحتضان الشعبي لمهجّري الجنوب والضاحية وبقية المناطق، لأستنتج أن المواطن اللبناني ليس طائفياً، بل النظام هو طائفي والأنظمة الانتخابية طائفية، ومفاهيم المحاصصة و«الدويكا» و«الترويكا» هي التي تغذّّي الطائفية. واليوم، مع ازدياد الطلب على حقائب السفر في السوق، من جميع الأحجام والأشكال والماركات، اشتهرت عبارات مثل «معارض» و«موالٍ»، و«معنا» و«ضدنا»، وهذا إيراني وذلك سوري، وهذا أميركي وذاك أفغاني، مع أنّنا جميعنا لبنانيون، وجميعنا «نحب الحياة» وجميعنا نتوق الى «الحرية والسيادة والاستقلال» (...) وكأنه لم يتغير شيء منذ السبعينيات والثمانينيات بل منذ القرن التاسع عشر حتى الآن... وما زالت قصّة الولدين، اللذين ينتميان الى طائفتين مختلفتين وتسبّبا في حربٍ أهلية، تتكرر حتى الآن...
    الى متى؟ كم يلزم من حروب أهلية؟ وكم يلزم من شهداء؟ وكم يلزم من بوسطة عين الرمانة؟ وكم يلزم من ميثاق وطني واتفاق طائف؟ ودمار وإعادة إعمار؟ حتى نتعلّم! ماذا تعلّمنا من الحرب الأهلية؟ فلنلاحظ في المرّة المقبلة حين نمرّ في تقاطع السوديكو ذلك المبنى المهدّم فوق «أفران الناصرة»، هذا الشاهد الباقي، الشاهد على بشاعة الحرب و«كارهي الحياة». فقط لو استطاع هذا المبنى التكلّم... عن تلك الحرب المسمّاة ــ فقط لإبعاد المسؤولية ــ «حرب الآخرين على أرضنا» ولكن بأيدينا نحن...
    متى نبدأ بإبعاد الدين عن السياسة؟ ونشرّع الزواج المدني؟ ونعلّم الأطفال في المدارس لغة الوطن وأنّ الدين للّه والوطن للجميع... متى ننتقل من نظام المزرعة الطائفية الى نظام الدولة العلمانية التي تنظر الى كل مواطن على أنه لبناني قبل أن يكون مارونياً أو أرثوذكسياً، شيعياً أو سنّياً؟... من الآن وحتى اليوم المنتظر... فلنصلِّ ونتضرّع الى الله ليبقى لبنان «وطناً نهائياً لجميع أبنائه»...