جورج شاهين
النتائج التي ترتبت على اكتشاف ما سمي بـ «شبكة عين علق» بفعل التوقيت الذي اختير للإعلان عنها، ستأخذ مداها ما لم يطرأ أي حدث آخر يخطف منها الضوء. ومرد ذلك الى الخلفيات السياسية والأمنية التي اختارتها الحكومة لهذا «الاكتشاف اليتيم» خلال «الجلسة الاحتفالية» لمجلس الوزراء ــــ كما يرغب البعض في تسميتها ـــــ والتي انعقدت بعد ظهر الثلثاء الماضي، وتخصيص جزء كبير منها للحديث عن الشبكة ونشأتها وارتباطها بالنظام الأمني السوري، ومصادرة أكثر من ساعة من البث المباشر في أعقابها.
ورغم القراءات السياسية التي أعقبت الحديث عن هذه الشبكة، والتي عكست مدى الانقسام بين معارضة وموالاة، فإن هناك من يسعى الى عدم تفويت الفرصة لاستغلال الحدث والإفادة منه عبر فتح ملف السلاح الفلسطيني في لبنان بدءاً بالسلاح خارج المخيمات، وضبط المرحلة على وقع التوقيت السياسي الدولي والاهتمام الاستثنائي بلبنان في معزل عن الحوار الدائر في عين التينة.
وفي هذا الإطار، يقول أحد أقطاب 14 آذار الذي يختزن تجربة قرنة شهوان منذ نشأتها لـ «الأخبار»: ان الوقت اليوم مناسب للبحث في قسم من القرارات التي اتخذتها طاولة الحوار وكرستها جلسات التشاور في شأن جمع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات في أعقاب جريمة عين علق، ذلك أن ما خلّفته هذه الجريمة ميزها عن سابقاتها، جراء سقوط ضحايا مدنيين لا علاقة لهم بالسياسة والسياسيين، وقد تركت أجواء رعب في صفوف المدنيين لم يُزلها بعد القبض على متهمين بالتنفيذ. لأن احتمالات تكرار مثيلاتها ما زالت واردة بعد التهديدات التي اطلقتها مجموعة فتح - الإسلام برد قاس ومفاجئ.
وأضاف: «اذا تأخرت الحكومة في اتخاذ ما يجب اتخاذه من تدابير أمنية وعسكرية بشأن السلاح الفلسطيني فإن احتمال تكرار مجزرة عين علق يصبح وارداً، وعليها ان تسارع عبر اللجنة اللبنانية المكلفة الحوار اللبناني - الفلسطيني إلى وضع الطرف الآخر أمام مسؤولياته لتقديم المقترحات القابلة للتنفيذ، حفاظاً على ما تحقق حتى اليوم نتيجة الحوار، ومحاولة عزل هذا الملف عن حيثياته التي تقارب العلاقات اللبنانية - السورية، والتي تتناقض الى حدود معينة مع المصلحة الفلسطينية على ما كشفته ردات فعل الفصائل العاملة على الأراضي اللبنانية في الأيام التي أعقبت اكتشاف الشبكة وتبرؤها منها نهجاً، عقيدة وأسلوباً».
وقال القطب: «على الفريق الفلسطيني الذي يدعي التمثيل الشرعي الفلسطيني سلطةً وشعباً، ان يقوم بما تفرضه مسؤولية الإعلان اليومي عن التلازم القائم بين مصلحة اللبنانيين والفلسطينيين المقيمين على الأراضي اللبنانية ومساعدة الدولة على اتخاذ الإجراءآت التي تسمح بالقضاء على مظاهر الفتنة اللبنانية - الفلسطينية وبواعثها وذرائعها قبل فوات الأوان ووضع حد للخطوات التي تعيد وضع السلاح الفلسطيني على لائحة الخلافات بين الطرفين، وخصوصاً على أبواب القمة العربية في الرياض التي ستتناول مبادرة بيروت للسلام عام 2000 بما تتضمنه من تأكيد على حق العودة ورفض التوطين».
وقلّل القطب من أهمية الكلام الذي تردد في الأيام الأخيرة عن عدم قدرة الجيش اللبناني على اتخاذ الإجراءات التي تكفل إنهاء ملف السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وقال: «إن اليوم هو غير الأمس، والتفاهم اللبناني في شأن السلاح الفلسطيني بعيداً عن الخلافات الطائفية التي كانت تتحكم بهذا الموقف قد طوى صفحة طويلة من الخلافات الداخلية، فالقرار الشيعي برفض التوطين لم يعد خافياً على أحد وقد أثبتته الوقائع منذ أعوام، والقرار السني هو اليوم غيره يوم كان السلاح الفلسطيني سلاح الطائفة، وها هي «السنية السياسية» تمثّل رأس الحربة في التوجه الى معالجة هذا الملف، بالاستناد الى دعم عربي مصري وسعودي وخليجي لم يكن وارداً من قبل، وها هم قادتهم من الرئيس حسني مبارك الى الملك عبد الله بن عبد العزيز الى الرئيس محمود عباس يقدمون أنفسهم مثالاً على مكافحة الإرهاب. وعلى المستوى المسيحي، فإن الموقف ثابت ومنذ عقود وقد دفع المسيحيون الغالي والرخيص لرفض التوطين.
وختم القطب بالتأكيد أن مخيمات الفلسطينيين في البداوي والبارد وعين الحلوة التي تحولت جزراً أمنية ليست أغلى من الضنية التي مثّلت مسرحاً لمواجهة لبنانية مع الإرهاب ما زالت تضرب مثلاً منذ حصولها قبل أعوام ثلاثة.