إبراهيم عوض
وصف وزير الإعلام السوري الدكتور محسن بلال زيارة خافيير سولانا الى دمشق بأنها «أكثر من ناجحة» الأمر الذي أغضب إسرائيل، وأوضح = أن البيان الصادر عن السلطات السورية في شأن مجموعة «فتح الإسلام» لم يأت للرد على وزير الداخلية حسن السبع، والفريق الذي ينتمي اليه، بل لوضع الحقائق أمام الشعب اللبناني

حرص الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا على اختيار كلماته بعناية خلال زيارته الأخيرة الى دمشق، إذ لاحظت أوساط سياسية ودبلوماسية لبنانية وسورية عدم ذكره كلمة «ضغط» ولا حتى مرة واحدة، عند استعراض رؤيته لما هو مطلوب من سوريا وذلك خلافاً لما فعله نهاية الشهر الماضي أثناء استقباله رئيس كتلة المستقبل النيابية النائب سعد الحريري وقبل حصول التطور المفاجئ بالإعلان عن زيارته الى سوريا حيث قال في معرض رده على سؤال عما بإمكان الاتحاد الاوروبي أن يفعله للمساعدة في وضع حد للتدخل السوري في لبنان: «إن المساعدة التي يمكن أن نقدمها هي الاستمرار في التحدث الى سوريا وممارسة المزيد من الضغوط عليها لجعلها تتصرف بشكل بنّاء».
واذا كان سولانا اكتفى في جوابه هذا بالتركيز على «الضغوط على سوريا» فإنه في إحدى زياراته السابقة الى إسرائيل وإبان المقاطعة التي فرضها الاتحاد الأوروبي على سوريا ذهب الى حد القول: «إن السياسة الخارجية السورية لا يمكن الدفاع عنها»، وقد عمد بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية ومنها «جيروزاليم بوست» إلى تذكير المسؤول الأوروبي بقوله هذا في سياق الحملة التي شنتها عليه منتقدة إعلانه في دمشق دعم الاتحاد الأوروبي لحق سوريا باستعادة الجولان المحتل حتى خط الرابع من حزيران، متسائلة «كيف يطلب من إسرائيل الانسحاب من الجولان بدلاً من أن يطالب سوريا بالكف عن رعاية الإرهاب وتزويد «حزب الله» بالسلاح والتحالف مع إيران والامتناع عن تقويض سلطة الحكومة اللبنانية»، وخاطبته قائلة: «إن كلامك هذا لسنا بحاجة اليه وما تفوهت به مخيب للآمال». كما رأت صحف إسرائيلية أخرى موقف سولانا بأنه «وحيد الجانب» محذرة من أنه «في حال استمرار الاتحاد الأوروبي باعتماد وجهة نظر من هذا النوع (إعادة الجولان الى سوريا) فهذا يعني أنه ضل طريقه وأخلّ بسياساته».
ومن خلال رد الفعل الاسرائيلي الغاضب هذا يرى وزير الإعلام السوري الدكتور محسن بلال أن زيارة خافيير سولانا الى دمشق كانت «أكثر من ناجحة». ويصف لقاءه بالرئيس السوري بشار الأسد بـ«الجيد والبناء والمثمر»، لافتاً الى أنه «لم يتحدث عن ضغوط أو ما شابه، بل جرى بحث هادئ في مختلف القضايا المطروحة، واستمع الى الرؤية السورية بشأنها بشكل كامل ومفصل».
وقال بلال: «لم يزعجنا سولانا بكلمة واحدة ولا أزعجنا بما ورد في مؤتمره الصحافي. ويكفي النظر الى رد الفعل الإسرائيلي لندرك كم كان تصرفه تصرف صديق وممثل للاتحاد الأوروبي جاء برسالة ودية الى سوريا».
وللدلالة أيضاً على نجاح الزيارة يستعرض الوزير بلال بعض ما جاء في الصحف الإسبانية التي يعرف توجهات كل واحدة منها بحكم عمله السابق سفيراً لبلاده في مدريد التي أمضى فيها سنوات، فيشير بداية الى نشر صورة اللقاء بين الأسد وسولانا على صدر صفحاتها الأولى ويتوقف بصورة خاصة عندما أجمعت عليه معظم هذه الصحف بتحميلها فرنسا مسؤولية القطيعة بين أوروبا وسوريا.
من صحيفة «الباييس» التي تعكس وجهة نظر الحكم على حد قوله يقرأ الفقرة التالية: «يعيش الشرق الأوسط عاصفة من النشاطات الدبلوماسية حيث أبحر سولانا في خضم مهمة وساطة مع سوريا البلد الذي يتمتع بنفوذ هائل في لبنان».
ومن صحيفة «الموندو» ينطلق من عنوانها الرئيسي: «سولانا يستعيد روابط الاتحاد الأوروبي مع دمشق» لينتقي بعض ما جاء في تفاصيل الخبر ومنها «سولانا يلتزم دعم اعادة مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل الى سوريا»، و«بناءً على طلب فرنسا المتورطة جداً في السياسة اللبنانية بدأ الاتحاد الأوروبي بفك العزلة الدبلوماسية المفروضة على سوريا». «إعلان سولانا بالنسبة الى الجولان لقي رداً صارماً من إسرائيل».
ويخلص الدكتور بلال هنا الى معاودة تأكيد نجاح زيارة سولانا الى سوريا موضحاً أن دمشق لا تحكم على ما سبق أن أدلى به الأخير قبل الزيارة بل على ما صدر عنه أثناءها».
وفي رد على سؤال عن صورة العلاقات الفرنسية ـــ السورية في الوقت الحاضر أكد وزير الإعلام السوري «أن العلاقة مع الشعب الفرنسي كانت دائماًَ طيبة وجيدة ولم تتغير، أما الإشكال فكان من جانب الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي نتمنى له تقاعداً مريحاً».
وعن زيارة نائب الرئيس السوري فاروق الشرع الأخيرة الى القاهرة وما تردد عن إخفاقه في إقناع الرئيس المصري حسني مبارك بالاجتماع مع الرئيس الأسد قبل انعقاد القمة العربية في الرياض أواخر الشهر الجاري أفاد الدكتور بلال «أن اللقاء بين مبارك والشرع غلب عليه الدفء وروح الأخوّة والود. وقد وجد نائب الرئيس السوري في الرئيس مبارك الزعيم والرئيس الشقيق القومي والمسؤول. كما أن جميع النقاط التي جرى بحثها في هذا الاجتماع جرى التفاهم في شأنها. وقد عكس هذه الأجواء بوضوح بيان رسمي أذاعه القصر الجمهوري في القاهرة».
وعن العلاقات مع السعودية اكتفى بلال بالإشارة الى أنها «طبيعية وطيبة كما حال العلاقات بين أي دولتين شقيقتين».
وأبدى وزير الإعلام السوري استغرابه لمسارعة وزير الداخلية اللبناني حسن السبع الى اتهام المجموعة التي جرى توقيفها بتهمة التفجير الذي وقع في منطقة «عين علق» بالتعامل مع المخابرات السورية وقال «إن بيان الدولة السورية نفى بشدة وجود أي علاقة لسوريا بهؤلاء المجرمين». وأوضح أن المسؤول عن هذه المجموعة التي تطلق على نفسها اسم «فتح الإسلام» المدعو شاكر العبسي الذي هو من مواليد أريحا وحائز الجنسية الأردنية مطلوب من القضاء السوري وهناك مذكرة توقيف صادرة بحقه. كما سبق أن أُدخل السجن بعد صدور حكم قضائي بحبسه ثلاث سنوات مع الأشغال الشاقة. من هنا نحن نضع علامات استفهام على تصرف وزير الداخلية وما صدر عنه وخصوصاً لجهة التوقيت وتزامنه مع زيارة خافيير سولانا الى دمشق، وكذلك صدور تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري القاضي سيرج براميرتس. لذلك نتساءل ما الذي حدا بالوزير الفذ حسن السبع الى إصدار تقريره المفبرك والمبرمج؟!».
وفيما تمنى بلال على وزير الداخلية اللبناني الإجابة عن تساؤلاته السابقة، لفت الى أن البيان الصادر عن السلطات السورية «لم يأت للرد على الأخير وعلى الفريق الذي يتبع له المعروف موقفنا منه، بل جاء لتبيان الحقائق ووضعها أمام الشعب اللبناني الشقيق».
وعن رأيه في عدم اقتناع أطراف لبنانيينفي بمثل هذه البيانات ومُضيّها في اتهام سوريا بالوقوف وراء حوادث التفجير والاغتيال التي تحصل في لبنان قال وزير الإعلام السوري: «حين تكون هناك حكومة تمثل الشعب اللبناني كافة وتجسد الوفاق والإجماع اللبنانيين فعندئذ لكل حادث حديث».
ولدى سؤاله عن مصير الدعوة التي سبق أن وجهتها القيادة السورية الى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة لزيارة دمشق رد قائلاً: «نحن نتعامل مع حكومة تمثل كل لبنان أما حكومة منقوصة وتمثل طرفاً واحداً فيه فلا علاقة لنا بها».


حاولت «الأخبار» الاتصال أكثر من مرة بوزير الداخلية حسن السبع للحصول على رده على تساؤلات وزيرالإعلام السوري فلم توفق.