البقاع ــ نيبال الحايك
تُعَدُّ منطقة سهل عمّيق في البقاع، من المناطق التي تشكل حالة بيئية فريدة من نوعها في لبنان من حيث التنوع البيولوجي. وهي لوحة طبيعية جمالية لفرادة مستنقعاتها التي كونتها الطبيعة بعيداً عن أيادي البشر التي تتسم عادة بطابع التخريب.
فإلى الجنوب من بلدة قب الياس «تتموضع» محمية عميق ومستنقعاتها التي ترتفع عن سطح البحر 860 متراً، وتقدر مساحتها الإجمالية بنحو مليوني متر مربع، حيث تحولت هذه المساحة إلى نقطة التقاء العديد من الطيور المهاجرة من الشمال إلى الجنوب وبالعكس، وهي تحوي تنوعاً نباتياً وأشجاراً مائية يمكن القول عنها إنها أصبحت نادرة بعد التهديد التي يتعرض له التنوع البيولوجي عامة في لبنان. كما أن المستنقعات تشكل أحواضاً مائية للأسماك النهرية التي تُعَدُّ خير مكان لتفقيس البيوض.
ويقدر عدد الطيور المائية التي تستفيد من محمية عميق كاستراحة سنوية بـ300 نوع ومنها: أبو اليسر الأسود، والصقر الجارح، والنسر المرقط، والصفرد، والشنقب إضافة إلى أنواع أخرى من الطيور المائية التي تتوالد محلياً بعيداً عن خطوط الهجرة الموسمية.
نجح القيمون على محمية عميق (آل سكاف)، المنتظر إعلانها محمية رسمية، في تحويلها إلى «نقطة» جذب أهلية وفنية، حيث تكثر عمليات تصوير أغاني الفيديو كليب، وهي تمتاز بما تعطيه من حماية وأمان للحيوانات البرية كالأرنب البري، والخنازير البرية، والثعالب، وابن آوى حيث السفوح الشرقية لجبل الباروك الذي يحد المحمية من الغرب مأوى آمن لهذه الحيوانات التي يتهددها الانقراض نتيجة أعمال الصيد العشوائي.
ويقول المهندس ميشال سكاف لـ«الأخبار» إن سهل عميق محمي و«يمنع الصيد فيه، أو دخول أي كان إلى هذه البقعة الطبيعية». وأكد أن هناك تدابير كثيرة أقيمت واتخذت لحماية المحمية وتطويرها وتنميتها بيئياً وبيولوجياً، كما أنه يمنع منعاً باتاً رعي الماشية».
وأوضح سكاف «أن هناك فنيين يقومون دورياً بوضع دراسات عن نوعية المياه الموجودة ونوعية الطيور المهاجرة والآتية من وإلى لبنان». ولفت إلى أنه «لا يوجد في لبنان حالياً قانون يحمي هذه الأنواع من الأراضي»، مطالباً بوجود «نظام يحمي هذه المناطق الحساسة بيئياً، والمناطق الزراعية بشكل خاص، ومن المهم تصنيف الأراضي الحساسة والأراضي غير الحساسة للمحافظة على هيكلية هذه الأراضي وحمايتها من أي عامل يؤثر على جمالها ونظافة بيئتها».
صنفت مستنقعات عميق في مطلع سبيعينات القرن الماضي «أرضاً رطبة ذات أهمية عالمية»، وهي منطقة مهمة للطيور في الشرق الأوسط، كما دخلت في دليل الأراضي المائية والرطبة في الشرق الأوسط في عام 1993». ولقد وقع لبنان على اتفاقية «رامسار» وهي اتفاقية دولية تهدف إلى توفير الإطار الوطني والتعاون الدولي للحفاظ على المناطق الرطبة وترشيد استخدامها ومصادرها». ويصنف مستنقع عميق أحد مواقع «رامسار» ذات الأهمية الدولية لاحتوائه على أنواع مهمة من الطيور. ويتم حالياً ومنذ 1999 مسح مستمر، وعلى وتيرة أسبوعية لأنواع الطيور الموجودة على سفح التل وفي الحقول المحيطة بالمستنقع. كما تم مسح لأنواع اللبائن والفراشات على مدار سنتين. أما بالنسبة للنباتات، فلقد صُنِّفَت بمساعدة خبراء محليين وأستاذة جامعيين. وهناك مسح جديد لليعسوب ولفقريات المياه العذبة.
وبالمجمل هناك ستة وثلاثون موقعاً محمياً في لبنان معلنة بموجب قانون وهي على ما يلي: خمس عشرة غابة محمية معلنة من قبل وزارة الزراعة في إطار قانون الغابات المعدل الذي يمنع الرعي وحصاد المنتوجات الحرجية في هذه المواقع. سبع محميات طبيعية معلنة من البرلمان ومدارة من وزارة البيئة. خمسة أنهار، وادٍ واحد، جبلان ومنطقة كاملة محمية بموجب قرار وزاري. أربعة مواقع تابعة لمشروع «رامسار» تتضمن مناطق ساحلية وأراضي رطبة وثلاثة مواقع طبيعية محددة حديثاً يتم العمل على دراستها بغية إعلانها محميات طبيعية.
فهل تعلن عميق ومستنقعاتها محمية رسمية وتلقى اهتماماً من المراجع الرسمية أسوة بغيرها من المحميات في لبنان؟