مرجعيون ــ داني الأمين
خيم ليست مجهّزة لتسكنها العائلات والأطفال، و«شوادر» مغلقة من دون مطابخ وحمامات وأنابيب مياه، تصلح فقط لنزهة كشفية أو ما شابه، باتت لأصحابها البديل الوحيد من منازلهم المهدمة. سكانها خمس عائلات من بلدة مركبا (مرجعيون)، قررت الصمود ولو في الخيم هذه. هم أشبه بالمعتصمين ليلاً ونهاراً، ولكن بشكل اضطراري، ومن دون أي إطلالة على شاشات التلفزة، أو اهتمام رجالات الدولة ومجالسها الخدماتية. ينتظرون «الفرج» بدفع التعويضات لإعادة بناء منازلهم المهدمةأسرة علي زراقط واحدة من هؤلاء الذين يقطنون الخيم في مركبا، تتألف من 7 أفراد، بينهم طفلة في الثالثة من العمر، وعجوز (أم علي) في السبعين، أما حسين فهو شاب في مقتبل العمر أصيب خلال الحرب أثناء نزوحه هرباً من القصف، وهو شبه مقعد ويحتاج الى رعاية وعلاج. لكن المسؤولين عن دفع التعويضات لم يدوّنوا اسمه في عداد الجرحى، معتبرين أن سبب الإصابة حادث سير، كما يقول والده علي زراقط. لذلك ينتظر تعويض الهدم الذي تأخر كثيراً، لعله يستطيع من بعضه معالجة مرضه، ومن ثم العودة الى مدرسته وعمله. أما نور، ابنة السادسة عشرة، فهي تعاني الإعاقة والشلل النصفي، وحصلت منذ طفولتها على بطاقة معوّق تستفيد منها عند المعالجة في مركز المعوقين في الصرفند. وعلى رغم ذلك، يعاند رب الأسرة الحياة بزراعة الحبوب قائلاً «الله يسترنا». تعتبر هذه الأسرة أنموذجاً لبعض العائلات الجنوبية المشرّدة، التي أطال تشردها التباطؤ غير المبرر في دفع التعويضات، وخصوصاً عن المنازل المهدمة.
يقول علي زراقط: «نريد أن ينظر الى حالنا، ولا نعرف ما هو سبب التأخر في دفع التعويضات عن المنازل المهدمة». أما زوجته صباح أيوب فتشير إلى أن «المياه تدخل الخيمة، والحمامات مشيّدة خارجها، فأضطر إلى اصطحاب أولادي ليلاً الى الحمام تحت المطر الغزير، وأجلي الأواني وأغسل الثياب في الخارج كذلك، ولا مياه ساخنة لدينا». ويؤكد عباس زراقط من بلدية مركبا «أن التعويضات لم تدفع حتى الآن، عدا ما دفعه جهاد البناء عن المنازل التي تحتاج الى ترميم. أما الدولة فهي ما زالت ترسل مهندسيها للكشف وترقيم المنازل، من دون أي اعتبار لحال أصحاب المنازل المهدمة الذين ما زال الكثير منهم يبحثون عن بدائل من مسكنهم، واضطر بعضهم إلى السكن داخل الخيم، على رغم أن عدد المنازل المهدمة يقارب 115 منزلاً».
أما أبو طارق، أحد أبناء مركبا، فيقول: «المشكلة الأساس هي التأخر في دفع التعويضات، وخصوصاً عن المنازل المهدمة، التي أُخِّر دفعها الى أجل غير محدد. والأهالي بدأوا يشتمّون رائحة التخاذل بعدما انتظروا طويلاً. هناك حارة جُرفت بأكملها كانت تضم نحو 40 منزلاً، وتسمى «حي الجامع»، فلماذا الاستهتار بمآسي الناس؟».
حال التعويضات في مركبا ينسحب على العديد من قرى المواجهة الأخرى، كبلدات حولا وشقرا ويارون وغيرها.
ويؤكد مختار بلدة يارون علي غشام «أن مجالس الدولة لم تدفع شيئاً حتى الآن، وهي قامت بالعديد من الكشوف، ولا سيما لجنة الكشف الخاصة بشركة «خطيب وعلمي». لذلك بات الأهالي يعتقدون بأن أسباب التأخير سياسية، فالمنازل المهدمة معروفة وواضحة للعيان، وبعض الأهالي استدانوا وبدأوا إعادة البناء على أمل التعويض القريب، إضافة إلى وجود 15 جريحاً و7 شهداء من بينهم طفلتان في الثالثة والخامسة، ولم يدفع لذويهم أي تعويض حتى الآن، مع العلم أن بعض وسائل الإعلام أشارت إلى أنه دُفعت التعويضات للجرحى في منطقة وادي خالد».