strong> راجانا حميّة
«لبيروت»، رسموا السلام بمسيرتهم الصامتة «البيضاء». بعيون أطفال المناطق المحرّرة وعلمهم «الأبيض والأحمر والأخضر»، شبكوا أياديهم مؤمنين بالمدينة التي تحتضنهم و«فيروز» التي أحبّت لبنان، وقلوبهم التي لا مفرّ لها من الرجوع إلى حيث نبضت. شباب لبنانيّون آمنوا بـ «وحدتنا خلاصنا» ويئسوا من «وجع التخاصم والتشرذم»، فوجدوا أنفسهم في قلب العاصمة، يجمعون فتاتها، وهم يعرفون مسبقاً في دواخلهم على الأقل، مثلما نعرف نحن اللبنانيّين الآخرين، أنّ لذّتهم «لن تتعدّى الساعات الثلاث»، ومع ذلك يحلمون و «يجرؤون» على القول باستعادتها «يوماً ما».
بعد أشهر على الفراق بين بيروت «الحرّية» وبيروت «رياض الصلح»، نزل شباب «فرح العطاء» إلى «خطّ التماس» ليرفعوا «الصوت عالياً أن حان الوقت لنهدم جدار العار»... «ليتّفق المختلفون»... «لنبنِ الجسور ونلتقِ»... و«ليعود لبنان إلى لبنان».
خطوة أولى تبدأها «فرح العطاء» لجمع طرفي العاصمة، فتجتاز سلسلة بشرية الأسلاك الشائكة الفاصلة بينهما بعلم يتجاوز عشرين متراً، مخترقاً «خط الوهم» على وقع صوت «الست» «إذا نحنا تفرّقنا بيجمّعنا حبّك... وبحبك يا لبنان يا وطني».
بقي عند «المعبر» بين الأسلاك رجل واحد، يحمل في يده «غيتاره» وعلى صدره «وحدة لبنان»، ويذكّر بين الفينة والأخرى بجنسيّته «أنا لبناني ووطني لبنان». بول أبي راشد رئيس جمعيّة أرض لبنان يردّد في أغنياته «ما يجول من أفكار في داخلي وداخل كل لبناني حالم بلبنان الأفضل»، لم يفسح أبي راشد المجال لفيروز لتكمل أغنيتها، فقاطعها مستأذناً منها البدء بطاولة الحوار «تعال إليّ استقبلني فأنا آتٍ إليك فحاورني، نعمل معاً ونصنع غداً فإنّ إيمانك يساعدني».
وخرج عن السلسلة ستّة أشخاص حملوا بالونات بألوان أعلام الأحزاب السياسيّة الأساسيّة في لبنان «الموالية والمعارضة» وأطلقوها في سماء العاصمة ترافقها حمامات السلام البيضاء في جولتها الصامتة.
ولم تمر حملة «لنبن الجسور ونلتق» من دون التشديد على بعض التوصيات، لا سيّما نداء السلام الذي وزّعه شباب فرح العطاء على القادة السياسيّين والمرجعيات الروحيّة.
ووجهت المتطوّعة في الجمعيّة منال قاعي رسالة شباب «17 آذار» من أمام الأسلاك الشائكة «حيث رسمنا حدوداً وهميّة، لنرفع الصوت عالياً أن حان الوقت لننسف الانقسام».
ودعت قاعي، باسم فرح العطاء والجمعيات المشاركة «إلى التخلّي عن المواقف المتصلّبة، واعتبار جسر التواصل ممرّاً نعبر فيه إلى التلاقي، فأجسادنا أفضل من الأسلاك الشائكة وقلوبنا المُحبّة أقوى من التباعد».