إلى أمي الراحلة في عيدها
  • سحر شلق

    تسلل ملاك الموت الى تلك الغرفة في تلك المستشفى ذات صباح!
    تسلل بكل هدوء وخبث.
    استشعرت خطراً ما، قبيل دقائق، لكني لم أشعر بالموت ولم أفكر فيه ولو لحظة واحدة! استدعيت الأقرب الى قلبك وقلبي، وأنا على يقين انه سيفعل شيئاً ما وهو الحاضر دائماً ليفعل شيئاً ما، كل ما استطاع فعله يومها، وهو مخترع الحلول والتفاؤل والغد الأفضل، ان يعانقني ويقول لي: انتهى الأمر!!
    لو همس لي ذلك الملاك انه لدي دقيقة واحدة لأقول لك كم أحبك، لأستسمحك وأطلب رضاك للمرة الأخيرة، لأقول لك كم أنت عظيمة يا حبيبتي. عظيمة أنت. كبيرة، والحمد لله لم يكن لك يوماً شرف تصدّر صفحات الجرائد ولا التعليق على جدران المدينة، كما الذين يدّعون العظمة، في هذه الأيام اللعينة...
    لم أشعر باليتم إلا بعد رحيلك (لا تحزن يا والدي الحبيب فهي التي لم تدعني أشعر باليتم يومها).
    لأنك من كثرة محبتك واعتزازك وفخرك بإنجازاتك وحبك اللامحدود لأولادك، ومع كل ما كنت تتمتعين من عقل مستنير حتى آخر لحظة في حياتك، وعلمك الأكيد أن الحياة أكثرها عسر وأقلها يسر، لم ترضي ولم تقبلي يوماً بأن يصيب أولادك أي شيء مما يصيب بقية البشر... أحياناً كثيرة كنا نتواطأ عليك ونخفي أموراً نعرف أنها تؤلمك، ولكنك باستشعارك «المخيف» عن بعد كنت تعرفين كل شيء وتتواطئين بدورك وتدّعين أنك لا تعرفين فتغدقين كعادتك بالمواساة والحنان والاهتمام بصمت وكبرياء. لم تتدخل يوماً في حياة أي منا، كان صمتك ونظراتك الحائرة المتوجسة هما الجواب عن كل شيء وأي شيء... همّك ان تفتحي ولو نافذة صغيرة في كل حاجز كان يعترض أحدنا...
    عظيمة أنت. لأنك اختصرت كل هذا العالم بأولادك وأحفادك وأولاد أحفادك... كل متاع الدنيا لم يُغرِك يوماً، أعياد ميلادنا كانت أفراحك، إنجازاتنا مهما كانت سخيفة أسفارك...
    أولادنا مجوهراتك ومدّخراتك...
    21 آذار هو يومك أنت وعيدك أنت وكل زنبق وياسمين الدنيا لك. صحيح أني أم لجوهرتين ثمينتين أنعم الله عليّ بهما، ولكني لم ولن أشعر يوماً في حياتي ان هذا العيد ممكن ان يكون عيدي، بوجودك وغيابك هو عيدك، لن يجد هذا العيد قلباً أكبر من قلبك ليحتفل به، هذا القلب الذي لم يتعبه التدخين، بقدر ما أتعبه ذلك الشلال الهائل من الحب والحنان الذي ظل يتدفق في كل خلية من عضلاته حتى تعب واستسلم وقال لك: أتعبتِني!!
    حتى يوم رحيلك لم أكن أشعر بعمري ولا بثقل سنواته، اليوم كبرت وبتّ أجدني قبيحةً لأني لطالما رأيت جمالي في عينيك.
    غيابك علّمني الحزن الحقيقي. كل إحباطاتي وانكساراتي وخساراتي ومن كان وراءها أصبحوا سخفاء تافهين أمام هول فقدانك...
    ستبقين معلمتي با أجمل المعلمات حتى آخر نفس في صدري.
    ستبقين حبيبتي وملهمتي وصديقتي ونور طريقي يا أروع الأمهات.
    ستبقين مصدر عزمي ومثابرتي وصبري يا ملكة الصابرات. حتى يأتي يوم يكون ربي راضياً عليّ كفاية، ويسمح لي ولو بنظرة سريعة لعينيك وأنت في جنات الخلد والنعيم تستريحين وتعيشين الحياة الرغيدة التي لم تعيشيها يوماً.


    الوحدة الوطنية لمواجهة الفتنة

  • عانوت الخطيب


    لا تخفى على أحد طبيعة المشروع الأميركي ـــ الإسرائيلي في لبنان والدول العربية، الذي يستهدف السيطرة على المنطقة من خلال اعتماد سياسة فرّق تسد وبثّ الفتنة... وكأن أصحاب هذا المشروع لم يكتفوا بتدمير المنازل وقتل الأطفال خلال حرب تموز، فانتقلوا الآن الى اعتماد الفتنة وتحريض اللبنانيين بعضهم على بعض.
    يجب أن تكون في لبنان حكومة وحدة وطنية توفر للمواطنين كافة مقومات الصمود والاستمرار، وتتعامل مع كل اللبنانيين من دون تمييز، وتتجاوز الخلافات الداخلية، حتى تتفرّغ للأخطار المقبلة، لأن المحور الأميركي ـــ الإسرائيلي على وشك الهزيمة، ولا شك في أنه سيكون أكثر شراسةً في معركته معنا خلال المرحلة المقبلة.