آمال خليل
تضع المديرية العامة للآثار اللمسات الأخيرة على مبنى المدرسة الإنكليزية في صور الذي يتحوّل إلى مركز للعلوم والدراسات الأثرية البحرية، في إطار مشروع الإرث الثقافي في المدينة. ويأتي المركز ثمرة أعمال تنقيب امتدت إلى عقود لاكتشاف الآثار في بحر صور وبرّها.
وكان عشرات العلماء والمبعوثين قد توافدوا إلى صور، بهدف التنقيب عن الآثار في البحر والبر، وفي مقدمهم العالم الفرنسي الأب بوا دبار الذي قدم إلى المدينة بين 1936 و1937، بعدما أجرى استطلاعات جوية وبرية عنها عندما كان طياراً خلال الحرب العالمية الثانية. ووضع دبار كتاباً عام 1939 بعنوان «صور: مرفأ كبير مختفٍ». وبرز العالم الفرنسي مورانج والإسبانية ماريا أوجينا التي ألّفت كتاباً بعنوان «صور والمستعمرات الفينيقية في الغرب». يذكر أنّ مورانج وأوجينا لا يزالان يترددان إلى المدينة سنوياً.
وفي الأول من نيسان عام 1983 وجّه المدير السابق لمديرية الآثار موريس شهاب، كتاباً إلى المعنيين دعاهم فيه إلى كشف مرافئ صور الغارقة في البحر والراقدة تحت المدينة الحالية. ومع أنّه لم يعمل بالكتاب في حينه، فالمدينة تقوم على حضارات ومدن تعود إلى العهود الفينيقية والفرعونية والآشورية والبابلية والفارسية واليونانية والرومانية والبيزنطية والعربية والصليبية والعثمانية. وقد تعرضت المدينة للهدم مرتين على يد الإسكندر والمماليك، إضافة إلى الزلزال الأضخم الذي ضرب صور في أوائل القرن السادس الميلادي ورمى القسم الأكبر منها في البحر.
ويوضح عضو الجمعية الدولية لحماية صور المؤرخ معن عرب «أن الفائدة من توافد العلماء إلى المدينة علمية ومعرفية، ما دام لا إمكان لدى الدولة للتحرك الميداني بما يتلاءم مع موقع صور على لائحة التراث العالمي». ويقرّ عرب بأن «الخلافات السياسية بين فعاليات صور فوّتت الكثير من الفرص الثمينة على المدينة، إضافة إلى ضعف التمويل المحلي والدولي».
ويلفت إلى «أنّ بحارة صور لم يكونوا بعيدين عن كنوز مدينتهم، فعلى مر السنين استبدل الكثيرون مهنتهم بالغوص في البحر واستخراج القطع الأثرية الغارقة ومنها الجرار والفخاريات والأواني، وفي معظم الأحيان باعوها إلى تجار متخصصين في المدينة». أما اليوم فقد توقفت هذه الأعمال، مثلما يؤكد نقيب الصيادين في صور خليل طه، بسبب ملاحقة وحدة مراقبة الشواطئ في الجيش لهم، بالتعاون مع المديرية العامة للآثار».