راجانا حميّة
انحرف مهرجان مصلحة طلّاب «القوّات اللبنانيّة» عن هدفه، فاختفت قضيّة «الهجرة» من سلّم المطالب، ليتحوّل المهرجان إلى «سياسي» بامتياز. نسي الطلّاب المشاركون همومهم وتقاطروا إلى الأونيسكو بكامل «عتادهم» من أعلام وهتافات ليجدّدوا البيعة لـ«الحكيم» وقوّاته

ربّما كان من السهل على مصلحة طلاب القوات اللبنانية إلغاء موضوع «الهجرة» من كلمة رئيسها دانيال سبيرو، خصوصاً أنّها لم ترد في أيٍّ من الكلمات الطلّابية إلاّ جملةً اعتراضيةً خرقت سياق النصّ الأساسي. وتركّزت الكلمات في مجملها على تمجيد تاريخ القوّات ومزايا الحكيم ودماء «الشهداء».
أراد طلّاب «القوّات» مبايعة الحكيم بـ «نحن هنا» في ذكرى حلّ الحزب. واستعرضوا فيلماً وثائقياً عن «التاريخ القوّاتي المقاوم»: «حرّ تحت سماء لبنان». بدأت أولى حلقات النضال في هذا التاريخ في عام 1975، يوم «استشهد ابن لبنان لأجل الآخرين»...1981 «الحلقة ما زالت كما هي، يستشهدون في وطنهم لأجل الآخرين أيضاً»... تمّوز 2006 «وأيضاً يستشهدون لأجل العملاء». تركّزت أحداث الوثائقي على حياة «مناضل قوّاتي»، استشهد خلال الحرب اللبنانية في عام 1975، تاركاً وراءه زوجته وابنته التي لم تكن قد بلغت في ذلك الحين الأشهر الأربعة. كبرت الطفلة في غياب والدٍ، لم تعرفه إلاّ من القبّعة العسكرية وعلم القوّات اللذين تحتفظ بهما في خزانتها. كبرت ولم تعرف «كرمال مين؟ وشو؟ ولمين استشهد؟ كرمال ألف مزرعة ودكّان؟ كرمال وطن تآمر عليه العملاء في الداخل والخارج؟»، حارت ابنة «الشهيد» في الإجابة، 31 عاماً لم تجد خلالها جواباً يعوّضها غياب كلمة «بيي». فبقيت أجوبتها محصورة في خانة واحدة «بيستاهل هيدا الوطن إخسر بيّ، ولشو؟ ليجي حدا تاني ياخد مطرح مش لإلو؟». ووصل بها الأمر إلى حافّة اليأس في عام 2006 «بعد الحرب اللي قرّرها غيرنا على أرضنا ووطنّا ليقضوا على مستقبلنا»، يئست وقرّرت أن تترك «وطناً مش لإلي»، في اتّجاه «أي بلد بحس فيه بكرامتي وحريتي وإنسانيتي». وقد حاول الطلّاب في فيلمهم الوثائقي تسليط الضوء على «المشروع النضالي للقوّات» وتظاهرات الرابع عشر من آذار، مثلما عمدوا إلى تحميل «قوّات الاحتلالين السوري والفلسطيني» المسؤولية من خلال إبراز صور زعماء «الاحتلاليْن» وربطها بصور «شهداء القوّات»... بشير الجميّل ورمزي عيراني وبيار بولس وغيرهم.
لم يكن الفيلم الوثائقي وحيداً في مبايعة «الحكيم»، فجاءت كلمة رئيس مصلحة الطلّاب في القوّات دانيال سبيرو باللغة العامّية لتجدّد «القسم للحكيم وبشير إنّو مستعدين نقدّم أغلى ما عنّا حتّى حياتنا لنسترجع سيادة لبنان واستقلاله ورسالته».
وفيما اقتصر حديث سبيرو عن «دور الشباب في تثبيت الحرّيات السياسية ومواجهة الهجرة» على مطالبة رئيس الجامعة اللبنانية باستتباع قرار عودة الانتخابات الطالبية بالإفراج عن النشاطات السياسيّة كلها، تركّز القسم الأكبر من خطابه على تعبئة الطلّاب «لمتابعة مقاومة الاحتلال السوري وتحرير لبنان من العملاء والأتباع وتسهيل قيام المحكمة الدوليّة».
وردّ سبيرو على «من يتحدّانا بجرأتنا عالقراءة»، قائلاً «نحن منقلّن إذا كنتو بتسترجوا تكتبو اكتبو عن البلانكو اللي تعلقنا عليه بأقبية وزارة الدفاع».
لكن ما لم يجرؤ على قوله سبيرو، قالته الإعلاميّة جيزيل خوري «نحن لن نترك البلد كرمى لشهدائنا»، وتهجمت على رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة، ضاربة عرض الحائط بنصائح البطريرك نصر الله صفير حين قالت «نحن مسؤولون عن عدم تنحّي لحّود، كان لازم نشيلو من بعبدا بتظاهرة 14 آذار».
وتوقّف الصحافي والمحلّل السياسي محمّد سلام عند دور سوريا في التمديد للرئيس إميل لحّود، مشدّداً على «أنّنا مستمرّون في ثورة الأرز وسيكمل الشباب المسيرة رغم الاغتيالات المتكرّرة».
ولفت النائب في القوّات إيلي كيروز إلى «أنّ ثورة الأرز هي ثورة على الإقطاع والعمل السياسي التقليدي والتبعيّة للمصالح الضيّقة والتفكير الوصولي».
وربط مسؤول العلاقات العامّة والخارجية في المصلحة شادي ديراني بقاء لبنان «سيّداً حرّاً مستقلاًّ» بانتصارات القوّات «على الإجرام السوري»، وأشار ديراني إلى أنّ طلّاب القوّات «وحدهم» دفعوا أثماناً كثيرة في وجه ترسانة الإجرام والقمع والاغتيال، مؤكّداً أنّ مصلحة الطلّاب «ستحمل من اليوم وصاعداً راية التعاون بين منظّمات المجتمع المدني والشباب المسيّس وشعارها معاً لغدٍ أفضل».