عمر نشابة
«قصر» العدل في بيروت... إهمال معيب لصرح يقصده طلّاب العدل. آلاف الملفات والقضايا ومئات الآلاف من الباحثين عن الحقّ...
ويستمرّ إهمال حاجات القضاة ومستلزمات المحاكم... ثلاثة قضاة يتقاسمون مكتباً ضيّقاً، ويصدر كلّ منهم أحكاماً «باسم الشعب اللبناني»... ألا يستحقون مكاتب بفخامة ووسع مكتب وزير العدل أو على الأقلّ بفخامة ووسع مكتب معاونه؟ أو حتى بوسع وتجهيز قاعة الانتظار المقابلة لمكتبه؟
يصدر عن الوزير قرارات باسم السلطة التنفيذية التي لا يمثّل غيرها، بينما حكم القاضي «باسم الشعب»...
هل عمل ومهام الوزير ومعاونه أهمّ من عمل المحاكم؟ لماذا لا يطلب الوزير سلفة خزينة لتأمين الحدّ الأدنى من حاجات القضاة؟
ونذكّر بأنه حتى مكاتب ضبّاط الشرطة أفخم وأوسع وأفضل تجهيزاً من مكاتب القضاة... هل يجوز ذلك في بلد تدّعي حكومته تقديم العدل والقانون على البوليس؟
من ظلام البهو ندخل إلى قاعات محاكم تفتقر إلى الأثاث والتجهيز. قاعات محاكم تتسرّب المياه من جدرانها... ويدهمنا الظلام من جديد في المصعد عند توجّهنا إلى الطابق الثاني... عطل طرأ على إضاءة أحد المصاعد... ولا من يصلحه... وغبار يغطّي الأثاث والممرات... ولا تتوافر الوسائل الكهربائية المناسبة في قاعات المحاكم ولا التقنيات الإلكترونية التي قد يحتاج إليها القاضي والمدعي العام وفريق الدفاع في زمن تطوّر فيه البحث عن الأدلة الجنائية لكشف «الحقيقة»...
وإذا كان كلّ ذلك «من باب الشكليات»، مع أن الشكليات تؤثّر على سير العمل... فلنتحدّث عن القضاة أنفسهم... نسألهم فيأبون مخالفة «قانون الصمت» الذي يحكم وظيفتهم، لكن في عين المرء كلام لا تكتمه إرادة التمنّع. وهناك أشياء لا يمكن القاضي إخفاؤها عن الناس أصلاً: الملفات الورقية المكدّسة على المكاتب وفي الخزائن الصدئة بسبب غياب المكننة... نقص في المطبوعات وتأخير وتلكؤ في التبليغات... إرهاق جسدي بسبب طول ساعات العمل... وراتب أقلّ بكثير من رواتب ضباط الأجهزة الأمنية بحسب سلسلة الرتب والرواتب... وبينما تخصّص الدولة من مال الناس سيارات وبونات بنزين لضباط البوليس... يخصّص للذين يحكمون «باسم الشعب» 6 آلاف ليرة يومياً بدل نقل...