strong>وفاء عواد
يجاهر عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب وائل أبو فاعور بأن الأولوية ليست لـ«المناكفات والصراع»، فقصر بعبدا «مقفل»، والمجلس النيابي «معطّل»، والنصاب الوطني للحكومة «غير مكتمل». أما الحلّ «فليس بيدنا»

«حامل الرسائل» من قصر المختارة وإليه، الشاب «الشاطر» الذي أثبت شطارته، باعتراف رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، «ظلمه» الصراع السياسي «الأكبر من الشباب»، مع قناعته بأن «المعركة الاستقلالية» ليست لليمين اللبناني (قوى الانعزال سابقاً)، بل للقوى الديموقراطية العربية ضد الرجعية العربية، إحقاقاً لأفكار مؤسّس الحزب التقدمي الاشتراكي كمال جنبلاط، فكوفئ بـ«الثقة» التي منحه إياها زعيم المختارة، ما جعله في موقع «الساعد الأيمن». ولا بأس إن كان الثمن «المكلف» إجراءات أمنية تفرض نفسها على يومياته.
لم يكن وصول أبو فاعور الى موقعه القيادي الحالي نتيجة قرار عبثي، بل جاء تكريساً لمسيرة حزبية بدأها من خلال رئاسته «منظمة الشباب الديموقراطي». يعترف بأنه من الدائرة القريبة التي يعتمد عليها جنبلاط في اتصالاته وعلاقاته السياسية، نافياً وجود خصوصية ما تتعدّى «سرعة البديهة» خلال متابعته المهمات الموكلة إليه، مع اعتزازه بالثقة ــ المسؤولية التي «تثقله»، ولكن هذا «لا يعني أن جنبلاط لا يأتمن الآخرين، وخصوصاً ذوي الحضور والخبرة والاطلاع».
معرفته بالمستور «تهمة» لا يطيقها و«شرف» لا يدّعيه. يعترف بأنه مطّلع على «قسم كبير» من المعطيات السياسية، لأن «جنبلاط يأتمنني بحدود ما يجب أن أعرف». واستناداً الى معرفته الواسعة، وانطلاقاً من واجبه تجاه الرأي العام، يعطي صورة سوداوية وتشاؤمية حيال الوضع في لبنان، منطلقاً من وجود «استحالات كبرى غير محلية تحكم الحوار عموماً، وحوار عين التينة خصوصاً»، ليؤكّد وجود استحالتين: «النظام السوري الذي «لا يوفّر القريب والبعيد»، وإيران التي «لا يمكن أن تكون جمعية خيرية» في ظل مشروعها النووي «درّة التاج».
وفي هذا الإطار، يعزو أبو فاعور صعوبة الوصول الى تفاهم داخلي، حتى لو توافرت النية والرغبة، الى «عدم موافقة النظام السوري على المحكمة. وحتى لو أُقرّت، فإنه سيتعامل معها بإنكار، لأنه يعتبرها مقصلة له»، والى أن إيران لا يمكن أن تطمئن الى مستقبلها النووي والى علاقاتها مع المجتمع الدولي إلا من خلال «السير بتسوية شاملة في لبنان». في المقابل، يشير الى وجود حسابات عربية تريد منع «اختطاف لبنان الى الحاضنة الإيرانية»، وحسابات غربية تربط ما يحصل في لبنان بحساب عام في المنطقة.
ومنتقداً أسلوب «التضليل» الذي تمارسه بعض وسائل الإعلام، يؤكّد أبو فاعور أن السعودية «لم توافق على صيغة الـ19/11، ولم تدفع في اتجاهها، ولم تتبنَّّها، ولم تقدّم ضمانات»، ما لاقى طروحات النائب سعد الحريري الذي «لم ولن يوافق على هذه الصيغة» بناءً على «اتفاق» مع كل قيادات 14 آذار الذين يطالبون بـ«صيغة مشاركة عادلة من دون ابتزاز»، مختصراً المساعي السعودية في إطار «محاولة إنتاج توافق، بعيداً من الانحياز»، علماً بأن إشادة السفير السعودي عبد العزيز خوجة بكلام برّي «أُعطيت أكثر من حجمها».
وإذ أشار الى أن صيغة الـ19/11 «رُفضت» في حوار عين التينة، والى أن صيغة الـ19/10/1 «غير المجدية، ليست مشروعنا بل طرحها الوسطاء علينا»، كشف عن وجود صيغة مقترح آخر للحلّ، أعدّها فريق «أكثري» قدّمها الحريري الى السعودية وعبرها الى برّي، وهي بمثابة «الردّ على الورقة التي طرحها برّي»، إذ تضمّنت «مقترحات تفصيلية وضمانات دستورية، للحصول على تسوية عادلة تضمن عدم الانقلاب عليها لاحقاً»، لافتاً الى أن هذه الصيغة «لم تلق جواباً، وانطباعنا الأول يؤكّد رفضها، وهذا ما عبّر عنه برّي بموقفه المتمسّك بمقترحاته الأساسية». وفي هذا الصدد، يشير الى أن الصيغة المقترحة تتضمن «مقترحاً مختلفاً في شأن المحكمة، وتأكيداً على شرعية الحكومة الحالية، والموقف من رئاسة الجمهورية، وموقف الحكومة الذي سيُشكّل من الـ1701 والنقاط السبع..».
وإذ يرى أن صيغة الـ19/11 «أول مسمار يُدقّ في نعش الطائف»، لأن المعارضة «القنوعة» تريد إمساك كل السلطات، يرفق رأيه بالتساؤل: «هل قبولنا بهذه الصيغة يسقط عنّا تهمة التواطؤ مع عدوان تموز؟»، فـ«إما نحن عملاء ولا نستحق الشراكة، وإما نحن لبنانيون مختلفون معهم في الحسابات السياسية»، ويعتبر أن هذا الطرح يستوجب إجابة صريحة، من أجل البدء بالتفاهم على النقاط الخلافية، طارحاً تصوّره للحلّ وفق التسلسل الآتي: «إقرار المحكمة، بعيداً من تحوّلها الى أداة للاقتصاص، بل لإحقاق الحق ووقف الاغتيال السياسي، وحكومة بصيغة عادلة تكون حكماً ما دون الـ19/11، والقبول بالـ19/10/1 هو الحدّ الأقصى، والاتفاق على برنامج الحكومة السياسي (ترسيم الحدود، مزارع شبعا، النقاط السبع..)، وإعادة الاعتبار لموقع رئاسة الجمهورية».
وفي موضوع قانون المحكمة، يجدّد تساؤله: «لماذا لا يقدّمون ملاحظاتهم عليه؟»، ويستدرك: «المشروع لم يصل الى المجلس النيابي، بناءً على طلب بري، عبر الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، استمهالنا في إرسال المشروع»، مبدياً انزعاجه من التكتّم على المعلومات مع ما يحمل من «إهانة لنا».
وفي ظل تأكيده أن «بري مصرّ على طرحه، ونحن مصرّون على طرحنا»، ينتقل أبو فاعور الى مشهد المجلس النيابي، فينفي وجود أي قرار بعقد جلسة من دون رئاسة برّي، وهذا الأمر «نقطة خلافية لم تحسم حتى الآن، ما يستوجب نقاشها داخل أروقة المجلس»، مشيراً الى وجود «اتجاه» بتكرار تحرّك 20 آذار الفائت، غداً، من أجل المطالبة بفتح المجلس «المسكّر»، مفضّلاً عدم الدخول في تفاصيل الخطوات اللاحقة.
وبالانتقال الى الواقع الذي يجمع قوى الموالاة، لا ينكر «مواقع الخصومة السياسية التاريخية» التي «أخليت» لمصلحة التحالف السياسي، فقد كان جعجع «الخصم الذي إما تنهيه وإما ينهيك، ولا احتمال ثالثاً»، والمصالحة تمّت بـ«تواضعنا الى حدّ القبول بالتنوّع اللبناني، وتواضعهم الى حدّ القبول بلبنان العربي»، و«ما يجمعنا حالياً هو الخيار الاستقلالي اللبناني، ما لا يعني تحييده عن الصراع».
ولئن تؤلّف الموالاة «تحالفاً سياسياً، لا حزباً واحداً»، حيث «هناك الكثير من القضايا التي لا يمكن أن نتفق في شأنها، فأحياناً تعلو لهجة على أخرى، وتخفت لهجة أمام أخرى، ما يعني التنوّع في المواقف»، فإنه يؤكّد أنه «لا خلاف بيننا في الثوابت الأساسية، والحوار الداخلي كفيل بتذليل أكبر خلاف ممكن أن ينشأ».
وانطلاقاً من إدراكه أن القرارات العملية تُحاك وراء الكواليس لا في الاجتماعات حيث التصافح وتبادل الابتسامات والتنافس على العبارات المنمّقة، يطلّ على واقع قانون الانتخابات «غير المطروح كأولوية سياسية آنية»، لأننا «لسنا في وارد إجراء انتخابات نيابية مبكرة»، فينفي أبو فاعور وجود اتفاق على صيغة واحدة لدى قوى 14 آذار مع تمسّكها بالدوائر الكبرى لا الصغرى، إذ إن مطلب حزبه هو «الانتخاب على أساس القضاء الأكثر صحّة للتمثيل، ما يجعل (العماد ميشال) عون يلتقي معنا حول هذا الموضوع التفصيلي»، بما يخالف القوانين التي كانت «تراعي أوضاع حزب الله وحركة أمل، في الجنوب، بعيداً من مراعاة جنبلاط فقط». وبانتظار توصّل «الأكثرية» الى صيغة توافق على اعتماد القضاء دائرةً انتخابيةً واحدةً، وفقاً لقانون الـ60 الذي «ربما يكون المخرج الأفضل للجميع، بدمج بعض الأقضية مع بعضها»، يؤكّد أن طرح جعجع لدائرة ما دون القضاء «مرفوض»، مراهناً على أن حجم التحدي السياسي «سيجعله يقبل بصيغة القضاء».
وختاماً، يبدي النائب الشاب «المقتنع بالخيار السياسي العروبي ــ الديموقراطي» أسفه لعدم تمكّنه من استكمال ما كان قد بدأه مع بداية عمله النيابي في حمل الهمّ الشبابي الى المجلس النيابي، لأن الصراع السياسي «طحن كل المطالب الشبابية»، و«أنا أعيش في ظروف أمنية سيئة تقف حائلاً دون قيامي بواجباتي تجاه من انتخبني»، واعداً بطرح «إنماء الريف» كأولوية بعد المحكمة، في أول جلسة نيابية.