بنت جبيل ــ داني الأمين
مما لا شك فيه، أن عدوان تموز 2006 خلّف وراءه الكثير من المآسي والمصائب، بعضها ما جرى تداوله، والبعض الآخر لم يلقَ الاهتمام المطلوب، وخصوصاً في ما يتعلق بالأطفال والعجزة، والحالات النفسية والعصبية التي يعانيها أبناء القرى والبلدات، الذين عايشوا مرارة القصف والرعب، التي تركت مفاعيل تحتاج الى اهتمام سريع، وخصوصاً على مستوى الخدمات الاجتماعية وإزالة آثار العدوان.
حسين محمود خنافر من بلدة عيناتا، الذي تجاوز 77 سنة، يقول: «عايشت الكثير من الحروب، وكنت على رغم القصف والرصاص أغادر منزلي الى مركز عملي في مستشفى تبنين، لكنني اليوم أعاني القلق والخوف، ولا سيما عندما أسمع أصواتاً مرتفعة، وحدث أخيراً أن أغمي عليّ عندما اخترقت الطائرات الحربية الاسرائيلية أجواء البلدة على علو منخفض، ناهيك بهبوط الضغط بشكل مفاجىء وضعف النظر وآلام في المعدة».
أما سعيد خنافر فيقول: «بعدما عبرت الطائرات الحربية الاسرائيلية أخيراً أجواء البلدة، وجدت أولادي الصغار ينتظرونني أمام مدخل المنزل، وهم يحملون حقائبهم بهدف الفرار من البلدة».
ويشير الطبيب محمد علي بزي من بنت جبيل إلى أن «هناك الكثير من المواطنين الذين أصبحوا في عداد المرضى بعد الحرب، وازداد عدد المرضى الذين يعانون الأمراض العصبية والكآبة وقلة النوم، وازدادت حالات الخوف والقلق عند الأطفال، وخاصة بعد سماع الأصوات المزعجة. أما الحالات الأكثر انتشاراً فهي الكآبة والقلق النفسي الناجمان من عدم تأقلم الأهالي الذين دمرت منازلهم، مع مساكنهم الجديدة، وهذا الأمر لم يجرِ الالتفات إليه، إذ كان يجب العمل سريعاً على إزالة آثار العدوان من خلال الإسراع في دفع التعويضات، وإصلاح الطرق وبناء كل ما تهدّم».
ويشدد مدير مستشفى بنت جبيل الحكومي الدكتور زياد عساف، على الحاجة الى إجراء دراسة ميدانية للوقوف على كيفية معالجة الأمراض المستجدة. ويؤكد ذلك مدير مكتب الخدمات الاجتماعية في بنت جبيل التابع للسيد محمد حسين فضل الله، الحاج أحمد الزين، ويعتبر «أن عدم الاهتمام والتباطؤ في تقديم الخدمات الاجتماعية وإزالة آثار العدوان، وتردّي الوضع الاقتصادي والاجتماعي، انعكس سلباً على الوضع النفسي لأهالي المنطقة، وساهم في زيادة عدد الأمراض النفسية والعصبية. فيوجد الآن العديد من العجزة ممن باتوا في حاجة الى الاهتمام والرعاية الصحية والمادية، وأن 70% من المرضى الذين نقدم لهم المساعدات، هم مصابون بأمراض عصبية، تؤثر في أدائهم وعملهم، ما قد يعطلهم عن العمل، على نحو ما جرى لبعضهم، جراء الضغط النفسي الذي مورس عليهم أثناء الحرب».