strong>رشا أبو زكي
  • غياب هيئة ناظمة لهذا القطاع يتسبّب في فوضى تطال شركات الخدمات
    يشكّل مبنى الطيران العام عالماً بعيداً عن الأنظار لا يدخله سوى أعضاء نادي المليارات من مالكي الطائرات الخاصة في لبنان والدول العربية الذين ارتفع عددهم بشكل ملحوظ منذ أحداث 11 أيلول والتعقيدات التي طرأت على معاملات تأجير طائرات في الدول الأوروبية والأجنبية إلى العرب

    يتربّع امتلاك الطائرات الخاصة على عرش قلوب أصحاب المليارات في لبنان، وتطول قائمة المالكين من رجال أعمال وسياسيين، بعضهم يستخدم طائراته للرحلات الشخصية والبعض الآخر يؤجّرها للأفراد وشركات الطيران بمبالغ فلكية لا تقل عن 1500 دولار أميركي عن كل ساعة تحليق.
    هذا العالم ليس بعيداً عن أنظار عامة اللبنانيين لجهة قدرة من يشاء منهم رؤية هذه الطائرات في ساحة هبوطها في مبنى الطيران العام. لكنه يصبح أبعد بكثير عندما يتعلّق الأمر بالأرقام الفلكية التي تشكّل ثمن امتلاك طائرة أو حتى استئجارها، فكيف إذا علمنا طبيعة المعاملة المميّزة التي يحظى بها هؤلاء إذ يلبّي العاملون في شركات الخدمات العاملة في المطار طلباتهم حتى لو كانت “لبن العصفور” بحسب موظفة كانت تنقل الى ركاب إحدى الطائرات، قبيل إقلاعها، إبريقاً من القهوة التركية، وقدّمت إلى ركاب طائرة أخرى فطوراً يصل ثمنه إلى ثلاثة آلاف دولار أميركي.
    أما “أغرب” ما تكشّفت عنه أسرار هذا العالم، فهو تدخّل بعض الراغبين في شراء طائرات خاصة في تصميم وشكل الطائرة التي يراوح سعر أصغرها بين 15 إلى 25 مليون دولار أميركي. ويصف أحد المقرّبين من صاحب معامل الماس الصائغ الشهير جورج كارامانوكيان شكل طائرته البوينغ بأنها “كقصص الخيال، لونها أبيض وأزرق كألوان البحر وهي مرصّعة بالذهب والمجوهرات من الداخل وفيها أفخر أنواع الأثاث ومستلزمات الرفاهية”.
    وتشير مصادر مطلعة الى أن العوامل التي تضافرت لتنمية قطاع الطيران الخاص في لبنان وعدد من الدول العربية تكمن في التعقيدات التي ترافق الحجوزات في المطار المدني. وساهمت التعقيدات التي تلت أحداث 11 أيلول في نموّ هذا القطاع في العالم العربي، وخصوصاً أن الدول الأوروبية والأجنبية وضعت شروطاً أكثر صعوبة لتأجير طائراتها إلى العرب، ولا يمكن إغفال الفورة النفطية وتطوّر الأوضاع الاقتصادية في الخليج وحاجة رجال الأعمال اللبنانيين إلى توفير الوقتغير أن هذا القطاع لا يخلو من مشاكل تتمثّل بشكل أساسي في غياب هيئة ناظمة لهذا القطاع في لبنان. من هذه المشاكل غياب أماكن ثابتة لهبوط الطائرات، وهبوط بعضها بشكل مفاجئ من دون إعلام مركز المراقبة الجويّة للمطار، إضافة الى افتقار عدد من الشركات إلى المعدّات اللازمة لتلبية حاجات الطائرات الوافدة وعدم وجود موظفين يستقبلون الوافدين ويقدمون لهم المعلومات الإرشادية أو السياحية، ما ينتج منافسة بين شركات الخدمات التي تخفض أسعارها، “لتصبح كمن يبيع البطاطا”، بحسب أحد العاملين في هذا المجال.
    فما هي هذه الشركات؟ ما وظيفتها ومن يملكها؟
    تتولى خمس شركات تقديم الخدمات الأرضية للطائرات الخاصة المقبلة الى لبنان، وتؤجّر الطائرات للراغبين في السفر. يبقى المشهد عادياً الى حين معرفة أسرار العلاقات التنافسية في ما بينها. ويؤكد أحد المطّلعين “تبعية بعض هذه الشركات لغطاء سياسي يحصّنها، ويضمن لها استمراريتها ويوفد إليها الزبائن”. من بين هذه الشركات “EAS” التابعة لوزير الأشغال العامة والنقل محمد الصفدي، التي تملك إضافة إلى طائرة الوزير الخاصة، طائرة من نوع HAWKER تتسع لثمانية ركاب، وتصل كلفة ساعة الطيران فيها إلى 3500 دولار أميركي.
    ويشير مدير “EAS” نيكولا ميزاروس إلى أن المكتب “يتعامل مع نحو 50 شركة طيران، 25 رجل أعمال، وخمسة سياسيين لبنانيين”، لافتاً الى “ان رجال الأعمال السعوديين هم أكثر من يملك الطائرات الخاصة، أما أبرز الطائرات التي تستهوي رجال الأعمال هي من نوع HAWKER, FALCON GLOBAL”.
    أما شركة “بساط الريح” التي يملكها مازن البساط فلديها طائرة خاصة من نوع METRO تتسع لـ19 راكباً وتتنقّل بين بغداد وأربيل وتستقر في مطارات الأردن بسبب الوضع الأمني المتدهور في العراق. وتصل كلفة ساعة الطيران فيها إلى 800 دولار أميركي في الرحلة المتجهة إلى بغداد و1100 دولار أميركي إلى أربيل، وتستخدم هذه الطائرة لنقل الركاب الى قبرص أو شرم الشيخ أو تركيا أيام الاثنين والثلاثاء والسبت. وتملك الشركة طائرة من نوع بوينغ B737-200 تتسع لـ122 راكباً، استأجرتها الخطوط الجوية العراقية لمدة سنة ولا تقلّ كلفة ساعة الطيران فيها عن 1500 دولار أميركي.
    وثم تأتي الشركة المخملية “ASSAS” التي تسيّر نحو 5 رحلات يومياً وتعود ملكيتها إلى نايلة فاضل وهي باشرت عملها منذ عام 1999. وتملك هذ الشركة ثلاث طائرات: اثنتان من نوع HAWKER SIDDELY، وتصل كلفة الطيران إلى 3500 دولار أميركي في الساعة، والثالثة من نوع 500 CITATION تصل كلفة ساعة الطيران إلى 2500 دولار أميركي. وتلفت فاضل الى أن 70 في المئة من زبائنها هم من الرؤساء والوزراء اللبنانيين والعرب والأجانب، بالإضافة إلى رجال الأعمال.
    أما رئيس شركة “بلو سكاي” روبير زامورا فيشرح ان شركته تقوم بتأجير الطائرات الصغيرة فوق الأراضي اللبنانية، وستشتري طائرتين كبيرتين في تشرين الأول المقبل من نوع FOKKER 100 يتراوح سعر الواحدة بين 8 و12 مليون دولار أميركي وتُؤجّر بـ3500 دولار أميركي في الساعة. ويأتي هذا القرار نتيجة دراسة أعدّتها الشركة، بيّنت تطوّر هذا القطاع وازدياد الطلب على الطائرات الخاصة بنسبة 30 في المئة عام 2006 في مناطق الشرق الأوسط.
    وتتنافس هذه الشركات الخاصة مع شركة “طيران الشرق الأوسط” التابعة للدولة. وتقول مديرة مكتب “سيدار جت سانتر MEA” رندة كمّون إن الشركة كانت تعمل في مجال الطيران الخاص قبل افتتاح مبنى الطيران العام، لافتة الى ان زبائنها هم عبارة عن “شركات تؤجر الطائرات وأشخاص يملكون الطائرات ويقوم المكتب بتقديم الخدمات الأرضية لهم”. أما عن هويتهم فتوضح أن معظم مالكي الطائرات هم من رجال الأعمال اللبنانيين والخليجيين، وبعدهم يأتي السياسيون.
    أما الفنانون فلهم وضع خاص، لأنهم لا يدفعون ثمن رحلاتهم، إذ “يسافر معظمهم الى الخليج بعدما يتكفّل أصحاب الدعوات بالتكاليف كافة”.
    وتلفت كمون الى أن الشركة “تملك الآن نحو 35 في المئة من نسبة الزبائن في السوق، ويختلف عددهم باختلاف الأوضاع السياسية والأمنية في لبنان حيث تناقص عدد المسافرين على الطائرات الخاصة بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري”. وعن خدمات الشركة تقول إنها متشابهة مع الشركات الأخرى “إلا أن التمايز يقع في تدريب فريق العمل والتخليص السريع للمعاملات والتسهيلات المقدمة في الفنادق ونوعية الخدمات وكيفية التعامل مع الزبائن”.


    مالكو الطائرات ومستأجروها




    يتبوّأ قائمة مالكي الطائرات الخاصة في لبنان رئيس مجلس الوزراء السابق رفيق الحريري الذي كان يمتلك ثلاث طائرات خاصة: بوينغ 777 وهي خاصة به، وبوينغ 737 BBJ لزوجته نازك، وبوينغ 727 يستخدمها رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، إضافة إلى طائرات إيرباص وG4. هذه الطائرات لا تستقر في ساحة مبنى الطيران العام بل تنقل أصحابها من وإلى بيروت ثم تقلع إلى المطارات الأوروبية. ونادراً ما تتعامل العائلة مع شركات الخدمات الأرضية وإن تعاملت فمع شركة “سيدار جت MEA”وتنسحب سلسلة المالكين على وزير الدفاع الياس المر الذي يقتني طائرة من نوع سيسنا. ويمتلك وزير المهجّرين نعمة طعمة طائرة يتنقل على متنها النائب وليد جنبلاط. ولنائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس طائرة كذلك. أما وزير الأشغال العامة والنقل السابق نجيب ميقاتي فهو يمتلك طائرة من نوع 2000 FALCON، ويخطّط لشراء طائرة جديدة. ويقتني وزير النقل الحالي محمد الصفدي طائرة من نوع GLOBAL EXPRESS يبلغ ثمنها نحو 45 مليون دولار أميركي، وطائرة أخرى للإيجار. فيما ان رئيس غرف التجارة العربية الوزير السابق عدنان القصار كان يمتلك طائرة من نوع HOOKER باعها أخيراً ليشتري طائرة جديدة من نوع EMBRAER، ويسافر في طائرته بعض أعضاء جمعية الصناعيين ورئيسها فادي عبود.
    ويمتلك عدد لا يستهان به من رجال الأعمال اللبنانيين طائرات خاصة، ومنهم الصائغ جورج معوض، ورزق رزق، وجورج كارامانوكيان، وكيفورك شوجونيان وطائرته من نوع SENECA، وألبير بسّول من نوع BEECHCRAFT، إضافة الى رؤساء مجلس الإدارة لبعض المصارف التجارية ومديريها في لبنان. وتجدر الإشارة الى ان غالبية مالكي الطائرات الخاصة يقومون بتسجيلها في الخارج، بحيث تخضع لقوانين الدول الأجنبية ذات الرسوم المخفوضة.
    أما الموضة الأكثر رواجاً فهي استئجار الطائرات، ومن أشهر المستأجرين رئيس الجمهورية إميل لحود الذي يستخدم طائرات “الميدل إيست”، ورجل الأعمال والصائغ العالمي روبير معوض، والصحافي شارل أيوب، ونورا جنبلاط زوجة النائب وليد جنبلاط، ورئيس مجلس إدارة مجموعة “عودة سارادار” ريمون عودة، ورئيس مجلس إدارة “المؤسسة اللبنانية للإرسال” بيار الضاهر، ورئيس نادي الحكمة سابقاً أنطوان شويري، وأحد أشهر الشخصيات في عالم الإعلانات في المنطقة إدمون مطران، ورجل الأعمال طلال الزين، والوزير السابق فارس بويز، وسابقاً الشهيد جبران تويني.
    وهناك نوع آخر من التنقلات الخاصة بالفنانين وبعض مصممي الأزياء، الذين يقومون أحياناً باستئجار الطائرات، وغالباً ما تبعث إليهم طائرات خاصة تنقلهم الى الخليج والبلدان العربية والأجنبية الأخرى، وبينهم الفنانة إليسا التي تتنقل على متن طائرة روتانا.