غسان سعود
تنازع عوني - قواتي - تقليدي على تزعّم الكتلة المارونية الأكبر يزيد من حدّة الإنقسام

8حول الدور المسيحي في الحوار، وقانون الانتخابات، ومن يمثل غالبية المسيحيين، يقضي بضرورة التوجه إلى قضاء كسروان، حيث الكتلة المارونية النيابية الأكبر (5 نواب) لكتلة ناخبة تبلغ أكثر من 72 ألف ناخب ماروني، يقول البعض إن معظمهم كانوا طوال السنوات الماضية من أكثر المعادين لسوريا والمشجعين لمبدأ عزل «حزب الله».
اقتصادياً، تتوجه انتقادات الكسروانيين في كل الاتجاهات، أما سياسياً فتجمع الإحصاءات وآراء رؤساء البلديات الكبرى على أن «التيار الوطني الحر» لم يفقد إلا عدداً قليلاً جداً من الملتزمين في صفوفه بسبب تحالفه مع حزب الله، فيما قواعد المؤيّدين، يوماً معه ويوماً عليه. وينازع التيار وحلفاءه المستقلين والقواتيين السابقين في الساحة الكسروانية، أفرقاءُ عدة يتقدمهم النواب السابقون و«القوات اللبنانية».
خلال الشهور القليلة الماضية، حاولت «القوات اللبنانية» أن تجد لها مساحة في كسروان، فافتتحت مكاتب عدة وخصوصاً في البلدات التي للتيار الوطني الحر وجود كبير فيها، وفعّلت خدماتها، في موازاة تضخيم حضورها إعلامياً عبر عشرات الصور الضخمة لقائدها سمير جعجع ومئات الأعلام القواتية التي توزعت بين ساحل كسروان وجرده. وتتحفظ القوات رسمياً على الكشف عن تفاصيل خطتها التنظيمية والتعبوية في هذا القضاء، الذي، بحسب أحد مسؤوليها، يحفظ لـ«القوات اللبنانية» خصوصية تكرست في جونية وحراجل وغوسطا وغيرها من البلدات التي احتضنت مقاتلي القوات طوال سنوات الحرب.
ويؤكد أحد قياديي القوات السابقين أن «الخصوصية الكسروانية» التي تتحدث عنها القيادة الرسمية لـ«القوات» هي، نفسها، العامل الرئيس في «استحالة» عودة «القوات» بقيادتها الحالية إلى هذه المنطقة، مشيراً الى انضواء معظم القواتيين «البشيريين» الكسروانيين ضمن مجموعة سيدة إيليج وحركة «نحو الحرية» المقاطعتين لقيادة جعجع، واللتين تعوقان عمل مؤسسة «القوات» الرسمية في كسروان وخصوصاً في المناطق الجردية.
وتقول مصادر قواتية مقاطعة لجعجع إن وجوده في كسروان ومحاولته «خطف» مؤيدي النواب السابقين بحجة تحالف 14 آذار بات يخنق هؤلاء النواب ويقلبهم ضده. ويدور همس في المنطقة عن أن النائب السابق منصور غانم البون أوعز إلى مناصريه التصدي لمعتصمي 25 كانون الثاني «للقول لجعجع إن في جونية زعامات تاريخية تدافع عنها، ولا حاجة لحماية القوات».
في خضم هذا الصراع، يدعو أحد نواب كسروان السابقين إلى انتظار إجراء انتخابات نيابية قبل التحدث عن أحجام القوى السياسية، معتبراً «أن مشاكل الناس المعيشية التي يتحمل النائب ميشال عون جزءاً كبيراً منها تؤثر حتماً في شعبية التيار، إضافة إلى تحالفاته الغريبة». ويلاحظ النائب نفسه أن المؤيدين السابقين لعون لا ينتقلون إلى صفوف «القوات اللبنانية» بل «يلتفون حول الشخصيات المسيحية المستقلة»، مؤكداً «أن حجم القوات ما زال على حاله منذ سنتين».
ويرى النائب السابق فريد هيكل الخازن أن ثمة تغييرات أساسية في الواقع السياسي الكسرواني، والحال لم تعد كما كانت عليه في الانتخابات النيابية الأخيرة حين حققت لائحة «التغيير والاصلاح» فوزاً كبيراً في دائرة كسروان ـــــ جبيل كادت تنهي بموجبه الدور السياسي لكثيرين. ويرى الخازن أن ثمة نقمة على كل الفريق السياسي، عازياً سبب تراجع حركته السياسية «الى عدم توافر أية مساحة للاعتدال»، لكنه يرى أن «التمركز السياسي أدى إلى شلل عام»، ما سيمكنه من العودة للعب دوره المفترض خلال المرحلة المقبلة، «وخصوصاً أن المواطنين اختبروا استمرار جهدنا الخدماتي والاجتماعي والإنمائي».
وفي المقابل، يرى النائب فريد الياس الخازن أن تحديد حصول تغيير في مواقف القواعد الشعبية صعب جداً، مرجحاً عدم حصول أي تغيير، وخصوصاً أن الطرفين الرئيسيين في المنطقة يحافظان على حجم الملتزمين في صفوفهما، بينما لا يمكن تحديد رأي المناصرين غير الملتزمين إلا بواسطة الانتخابات.
خدماتياً، يعتقد نائب كسرواني سابق بأن مشاكل الكسروانيين ازدادت، ويؤكد أن العماد عون «لن يستطيع في الانتخابات المقبلة أن يحمل معه سبع عصي»، ساخراً من نواب المنطقة «الذين يدشنون المشاريع التي سعى النواب السابقون وراء تأمينها».
وفي المقابل، يترفع النائب الخازن عن «القيل والقال» ويؤكد تقديم كل الخدمات الممكنة، لافتاً الى أن طريق الذوق ــــــ فاريا بقيت على بؤسها 15 سنة رغم وجود «نواب نافذين» فيما وفّر تكتل «التغيير والإصلاح» الأموال الضرورية لاعادة تأهيلها قريباً جداً. كذلك انتهى العمل بمستشفى البوار الحكومي بعد انتظار طويل.
ويشدد رئيس مكتب نواب التكتل في كسروان وجبيل لواء شكور على أهمية المكتب الذي افتتحه التكتل في جونية لمتابعة شؤون المواطنين، ويعتبره «سابقة في تاريخ لبنان من حيث التنسيق بين النواب لتوفير وقتهم لأمور أخرى». ويوضح أن دراسات عدة قدمت بالتنسيق بين هيئات التيار المحلية والبلديات والمخاتير، والأولوية الآن بالنسبة إلى التكتل هي صيانة أوتوسترادات الدورة ــــــ جبيل، جعيتا ــــــ فاريا، إهمج ــــــ اللقلوق، بير الهين ــــــ قرطبا، بعدما رصدت الأموال لإنجاز بعضها. وثمة سعي مع وزارة الطاقة لإنهاء مأساة الكسروانيين مع التلوث الناتج عن معامل الذوق، علماً بأن نواب كسروان ــــــ جبيل يلتقون أسبوعياً لمراجعة الملفات والشكاوى وتوزيع المهمات. ويدافع شكور عن نواب التكتل مشدداً على أن «المهم ليس الأسلوب الخطابي فقط بل الفاعلية في العمل».
ووسط تعدد الآراء التي تزيد من الالتباس في معالم القرار الشعبي الكسرواني، واستحالة وضعه في جعبة هذا الفريق أو ذاك، يؤكد نائب سابق من الناشطين بقوة في صفوف 14 آذار أن العماد عون قادر اليوم على خوض المعركة النيابية بقوة، «لكنه لن يجتاح كما حصل قبل سنتين».
ولا يخفي النائب نفسه تذمّره من وجود نائب بشري في بزمار الكسروانيّة، فيما يقيم نائب كسروان في الرابية. وهذا الكلام يحظى برضى كسروانيين كثر كانوا حتى الأمس القريب لا يؤيدون إلا من تقرر العائلة دعمه، لكن صداه لا يخفف من حدة الانقسام السياسي حتى داخل العائلة نفسها.