strong> نادر فوز
رأى الخبير الاقتصادي الدكتور شربل نحاس أنّ «المراحل الرئيسية الأربع للتعاون بين الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط تزامنت مع تغيّرات سياسية جذرية في لبنان، ضمن موجة انفتاح أوروبية على المنطقة». كلام نحاس جاء خلال ندوة «اتفاقية روما: خمسون عاماً من الاستقرار والأمان في أوروبا» التي نظمتها الجامعة الأنطونية لمناسبة مرور خمسين عاماً على تأسيس الاتحاد الأوروربي.
حضر الندوة، النائب مروان فارس، عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الدكتور دميانوس قطّار وأمين العلاقات العامة في الحركة الثقافية ــــــ أنطلياس جورج أبي صالح، إضافةً إلى القائمين بأعمال بعض السفارات الأوروبية وحشد من طلاب الجامعة.
افتتح رئيس الجامعة الأنطونية الأب أنطوان راجح الندوة بكلمة رأى فيها أنّ الدعم الأوروبي ونجاح مشاريع الشراكة المتوسطية أعادا التوازن إلى النظام العالمي «بعدما اشتدّ الخناق على شعوب المنطقة خلال الصراع الأميركي ــــــ الروسي في فترة الحرب الباردة». وختم راجح قائلاً: «تفرض أوضاع المنطقة التي تشوبها الانكسارات إقامة مساحة للتعددية البنّاءة كما قال موريس دومورفبي وكمال جنبلاط».
ورأى الأمين العام للجامعة الأب فادي فاضل أنّ وحدة الدول الست تمّت عبر تأسيسها «مشروعاً اقتصادياً لأوروبا»، بعدما أدركت هذه الدول أنّ المجموعة الأوروبية لا يمكن أن تكون ذات طابع دفاعي بعد فشلها عام 1954.
وأدار سكرتير التحرير العام في جريدة «لوريان لو جور» ميشال توما الندوة. وقد عرض سفير الاتحاد الأوروبي باتريك لوران تاريخ إطلاق اتفاقية روما وتطوّرها، وتوقف خلال السرد التاريخي عند اتفاقية «ماستريخت» عام 1992 التي أدّت إلى «تأسيس مجلسين أوروبيين، الأول اقتصادي والثاني اجتماعي»، إضافة إلى لجنة تهتم بشؤون المنطقة. وأشار لوران إلى أنّ الاتحاد ليس متجانساً، إذ تشكل أوروبا مجموعة فسيفساء تجمع حضارات وتاريخ وشعوب مختلفة، وتقوم على أسس السلام والديموقراطية والحرية واحترام حقوق الإنسان. وعن السياسة الخارجية الأوروبية التي تتعرّض للكثير من الانتقادات، رأى لوران أنّ سياسة الاتحاد الأوروبي تختلف عن السياسية الأميركية في الشرق الأوسط، بخلاف ما يسوّق في المنطقة». وتحدث لوران عن اتفاقية برشلونة، وتحفّظ سوريا بسبب «عدائها لإسرائيل»، مشيراً إلى عدم مشاركة لبنان بسبب الخلاف بين الطوائف على اختيار اسم الممثل اللبناني.
أما المحلل السياسي والباحث في معهد «سيانس بو» في باريس الدكتور جو باحوط، فتطرق إلى التقصير في السياسة الأوروبية بسبب شوائب تفرضها المؤسسات المتشعبة في أوروبا، لافتاً إلى أنّ توسّع الدول المشاركة في الاتحاد يزيد صعوبة التعمّق في فهم تركيبة وطريقة عمل مؤسساته. وأشار باحوط إلى أنّ الاستفتاءات الأخيرة في فرنسا وإسبانيا أكّدت أنّ المواطنين الأوروبيين لم يفهموا نوعية عمل هذه المؤسسات المتشعبة. بدوره، رأى باحوط أنّ أهداف أوروبا تختلف عن الأهداف الأميركية في المنطقة، إذ إنها «تميل إلى نشر الاستقرار والازدهار، فيما تسعى الولايات المتحدة بلا كلل إلى السيطرة والهيمنة على كل ما تيسّر لها». وشدد باحوط على أنّ وجود قوات أوروبية تابعة للأمم المتحدة في لبنان «يساعد أوروبا على استعادة موقعها الدبلوماسي على مستوى ما يجري في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط، مشيراً إلى أنّ تطبيق القرار 1701 بطريقة عادلة سيشكّل عاملاً إيجابياً للجميع، وسيكون نموذجاً يجب اتّباعه في عملية حفظ السلام في المنطقة.
في المداخلة الأخيرة ركّز الدكتور شربل نحاس على حصر العلاقة الاقتصادية والمالية الواسعة بين لبنان وأوروبا، إلا أنه رأى أنّ أفق التعاون بين الطرفين محدود. أشار نحاس إلى ثبات ولانمطية الوقائع الاقتصادية «التي تحكمها آلية مؤسسية متواصلة يشوبها الكثير من الالتباس».
ورأى نحاس أنّ مشاريع التعاون بين لبنان وأوروبا تتأرجح بين الآمال والفشل، إذ إنّ عدداً قليلاً منها أدى إلى نتائج واقعية وملموسة، مشيراً إلى ضرورة معالجة البيئة الاقتصادية اللبنانية وهيكليتها بشكل صائب، لضمان نجاح التعاون مع الدول الأوروبية، عبر «إعادة رسم المجال الاقتصادي وتنظيمه مع سوريا والخليج وأوروبا».