صيدا- خالد الغربي
يلملم الفلسطيني صالح خشاني 75 عاماً فتات الخبز اليابس ويجمعه في وعاء بلاستيكي كبير، يتخذ الصالح منه كفاف يومه، ويدخر الباقي لطيوره الداجنة، آملاً كلاجئ فلسطيني نجاح القمة العربية وإعادة اللاجئين الى ديارهم التي طردوا منها، «لكن عمري ومعايشتي لعشرات القمم تجعلني لا أتفاءل، بل العكس، مع كل قمة نعود الى الوراء وتزداد المؤامرة». يقول خشاني.
لا يكترث سكان مخيم عين الحلوة ( يربون على سبعين ألف نسمة) الذي يوصف بعاصمة الشتات الفلسطيني بانعقاد القمة العربية، لا بل إن كثيرين منهم لا يعلمون بانعقاد القمة العربية. يصف فراس الحامد القمة بـ«مسرحية مفجعة؛ ويالّا الشباب بيتسلوا». غير أن العديد من سكان عين الحلوة الذين ما زال قسم منهم يعيش في منازل من صفائح «الزينكو» يؤثرون كسب الوقت والتوجه الى مكاتب صرف الرواتب والمساعدات المالية من جانب منظمة التحرير الفلسطينية، بعدما توافرت الأموال اللازمة لتغطية موازنة أربعة أشهر من أصل تسعة لم تصرف فيها الأموال؛ بدلاً من تناول القمة العربية وموقفهم منها؛ وقد اختلطت عند مدخل المخيم يافطات وشعارات مثل «حق العودة حق مقدس»، و«القدس عاصمة فلسطين»، و«لا بديل عن العودة» بعضها ببعض، بينما اصطفّ مئات اللاجئين من طلاب ومناصري الفصائل ومقاتلين ومسؤولين (من درجات متدنية) أمام أحد المراكز لنيل المستحقات التي تُصرف عادة باتجاه تحريك عجلة اقتصاد المخيم، مع التحويلات التي بلغت وفقاً لمسؤول فلسطيني 12 مليون دولار أميركي (3 ملايين دولار عن الشهر الواحد)، توزع على المنضوين تحت لواء المنظمة، وتبقى حصة الأسد فيها لحركة فتح ولمخيمات الجنوب، وتُراوح المساعدات والرواتب بين 30 ألف ليرة لبنانية ومليون ليرة، وفقاً للرتبة والوظيفة وحجم المساعدة.
ويرى صالح شيخاني الذي تضرر منزله جراء قصف الطائرات الإسرائيلية لحي خط السكة في المخيم، خلال حرب تموز الماضي، «أن القمة العربية قد تتواطأ مع أعدائنا، لكننا نقول لكل زعيم أو ملك عربي: مجرد أن تفكر في شطب حق العودة للاجئين، فأنت كافر وسيحاسبك ربك، إياكم أن تفكروا في عدم حل قضيتنا، لن تُرحموا لا في الدنيا ولا في الآخرة».
مسؤول لجان حق العودة في مخيمات صيدا فؤاد عثمان يقول: «لا سلام ولا استقرار في منطقة الشرق الأوسط ما لم تحل قضية اللاجئين وإننا نعلن رفضنا للضغوط الأميركية والإسرائيلية الساعية إلى تعديل البند الخاص باللاجئين».
ويتخوف اللاجئون من شطب حق العودة خلال القمة العربية، تعودنا المؤامرات والخيانات؛ حسبما أكدت انتصار عثمان وأضافت «إنه بعد كل قمة ننتظر النكبات». مبديةً خشيتها من حرب إسرائيلية على المخيمات بعد فترة من انتهاء القمة «قد يعطون إذنا لإسرائيل فمن يدري؟». مشيرة إلى أن البعض «لا يزال يؤمن بخيار البندقية والسلاح طريقاً (وإن كان ليس وحيداً) للعودة الى فلسطين».
أبو جهاد الذي ما زال ممسكاً ببندقيته، وهو المقاتل منذ أكثر من ثلاثين عاماً، يرى أن «البندقية يجب أن تعزز الموقف العربي لا أن تضعفه، ولا يحول الزعماء العرب هذه القوة الى ضعف، وبالبندقية تعود الأرض».
ويختصر مسؤول ميليشيا فتح في لبنان العميد منير مقدح الكلام عن التوطين ورفض الفلسطينين له بجملة «العودة حق مقدس لا رجوع عنه وهو حق مزدوج فردي وإلهي، وما لله لله وما للملوك للملوك».