نادر فوز
ليست هي المرة الأولى التي يصل فيها اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني إلى قيادة «الاتحاد العالمي»، إذ شغل «اللبنانيون» منصب رئاسة الـ «WFDY» من عام 1982 حتى 1990.
وكان اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني قد تخطى شعاره المرحلي الذي انبثق عن مؤتمر العام الأخير «شباب من أجل وطن ديموقراطي علماني»، فاستطاع احتلال مركز نائب الرئيس لاتحاد الشباب الديموقراطي العالمي (WFDY).
وجاء انتخاب «الشباب الديموقراطي» خلال المؤتمر العام الـ «WFDY»، الذي يعقد مرّةً واحدة كل أربع سنوات لتقويم العمل خلال الفترات السابقة، وتجديد الوجهة السياسية العامة في السنوات الأربع المقبلة، إضافةً إلى انتخابات هيئة القيادة الجديدة. وقد عقد المؤتمر السابع عشر لـ «WFDY» في العاصمة الفييتنامية هانوي، فاحتلّت الشبيبة الشيوعية البرتغالية منصب رئاسة «الاتحاد العالمي»، والشبيبة الشيوعية الكوبية الأمانة العامة، فيما حاز «اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني» والشبيبة الديموقراطية النيبالية والشبيبة الاشتراكية الزيمبابوية نيابة الرئيسويمثّل المؤتمر الأخير خطوة إيجابية باتجاه استكمال الـ «WFDY» لأهدافه السياسية التي بني عليها عام 1945، كمنظمة دولية مناهضة للإمبريالية وتهدف إلى توحيد النضالات الشبابية العالمية للوصول إلى السلم الأهلي والتضامن الأممي في مواجهة مشاريع الإمبريالية. وكان «الاتحاد العالمي» قد عانى أزمات سياسية وتنظيمية خلال فترة التسعينيات بسبب انهيار الاتحاد السوفياتي وانتشار الفكر اليساري والاشتراكي الانهزامي بعد «سقوط المنظومة الاشتراكية». وقد خرجت منظمات عدة عن المسار الأممي، فاتّجهت في سياساتها نحو الوسطية والاعتدال أو نحو الليبرالية حتى. وخلال تلك الفترة، كان الهم الأول لدى «الأمميين» المحافظة على منظمتهم وعدم السماح بانهيارها. عاد «الاتحاديون» هذا العام بهدف استعادة الدور السياسي والاجتماعي العالمي في ظل الهجمة الأميركية الواسعة للسيطرة على أرجاء العالم وأنظمتها، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، في ظلّ غضّ نظر دولي عن المشروع الأميركي المتنكّر بـ«نشر الديموقراطية» ومكافحة «الإرهاب».
خرج المؤتمر الذي شاركت فيه أكثر من ستّين منظمة تمثّل نحو خمسين بلداً، بتوصيات تتعلّق بعشرة موضوعات أساسية هي السلام ونزع السلاح والأمن الدولي، التعاون الدولي الشبابي ونظام الأمم المتحدة، العنصرية والتمييز العنصري والعداء للأجانب (Xenophobia)، التمييز الجنسي أو الجندرة، الحقوق الديموقراطية والحريات، حقوق الشباب، البطالة، التعليم، الصحة، والبيئة، إضافةً إلى ثلاثة قرارات متعلقة بقضايا محددة هي التضامن مع الشباب الإيراني لما تعانيه هذه الشريحة من ضغوط أميركية، دعم توحيد شبه الجزيرة الكورية، والوقوف إلى جانب الشعب الفييتنامي لتخطّي نتائج الحرب الأميركية التي ما زالت ذيولها تؤثر على تطوّر فييتنام ونموّها.
وتناول التقرير السياسي الذي صدر عن منطقة الشرق الأوسط في «المنظمة» حرب العراق، فرأت المنظمات أنّ «المقاومة العراقية أفشلت المخطط الأميركي» ذات الأهداف الاستعمارية، مشبّهةً سلوك الولايات المتحدة بسلوك النازيين، غير أنّ مجلس الأمن «يؤلف غطاءً شرعياً للاعتداءات الأميركية». وأشار التقرير إلى أنّ «الإمبريالية الأنغلو ـــ أميركية» هي التي تنتج الحركات المتطرفة والرجعية وتستخدم الدين لتحقيق أهدافها، وتؤكد الدور الصهيوني العالمي في تأليف الرأي العام العالمي الذي لا يعارض الممارسات الإسرائيلية الوحشية بحق الشعب الفلسطيني. ولفت التقرير إلى دور المقاومة اللبنانية في استكمال الصراع مع الإمبريالية الصهيونية الهادفة إلى تطلّعات الشباب اللبناني بتحرير الأراضي االلبنانية المحتلة.
وسيكون للمنصب العالمي الجديد لاتحاد الشباب الديموقراطي تأثيرات إيجابية عدة على دوره في لبنان والـ «WFDY»، وهو ما سينعكس إيجاباً على قضايا لبنان والمنطقة، إذ ستحتل هذه القضايا مكانة متقدمة في جدول أعمال «المنظمة العالمية» واهتماماتها، وسيصار إلى تفعيلها، وخصوصاً مع اشتداد الهجمة الأميركية على الشرق الأوسط وتفاقم الأزمة اللبنانية الداخلية والتي يجب على اليسار أن يقوم بدور مهمّ لصدّها ومحاربتها. ليست نتيجة الانتخابات فقط اعترافاً بدور «الاتحاد» السياسي في لبنان، بل هي نتيجة مواصلة «الشباب الديموقراطي» نضاله وثقته بالمبادئ «الأممية» رغم كل التغيّرات التي شهدها وما زال يشهدها العالم.
وكانت المنظمات العضوة في الـ«WFDY» قد نشطت عبر تظاهرات وبيانات خلال عدوان تموز في بلدان عدة، منها اليونان وتشيكيا والولايات المتحدة وفنزويلا والبرازيل ومعظم دول أميركا اللاتينية، منددةً بالحرب الإسرائيلية على لبنان، ونظّمت حملات تبرّعات لدعم النازحين اللبنانيين وزّعها «الشباب الديموقراطي» على المدارس وأماكن اللجوء التي «أدارها» في بيروت وعدد من المناطق.
يمكن استنتاج الأسباب التي أعادت اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني إلى «العالمية»، إذ يشكل الوضع اللبناني والإقليمي، كما شكّل في ثمانينيات القرن الماضي، سبباً رئيسياً لهذه الخطوة. وإضافةً إلى الأسباب السياسية، قد تكون منظمات الـ«WFDY» لمست لدى قيادة «الاتحاد» الشبابية الحالية جديّة في التعاطي مع القضايا المطروحة، ومنها المشاركة النشطة في المؤتمرات العالمية الأخيرة ولا سيما المهرجان السادس عشر للشباب والطلاب الذي عقد في فنزويلا عام 2006 والاجتماع التمهيدي الأخير للمؤتمر الذي عقد في بيروت خلال تشرين الثاني الماضي.
ومن المنتظر أن يرسل «الشباب الديموقراطي» خلال الأسابيع القليلة المقبلة مندوباً يمثله لأربع سنوات في مركز الـ «WFDY» في بودابست.