حاصبيا ــ عساف أبو رحال
تُجمع القوى والتيارات والأحزاب السياسية في حاصبيا، على أن الانقسام السياسي القائم في البلد، أثّر سلباً في أوجه الحياة السياسية في المنطقة، وانعكس ليطال بعض جوانب الحياة وإن بنسب مختلفة، مع الحفاظ على الروحية الإيجابية في التعاطي بين الأهالي، لكون المنطقة مميزة بطابعها المسالم وعيشها المشترك الذي يعتبره العديدون عنواناً عريضاً لا يسمح لأحد بتخطيه تحت أي ظرف من الظروف.
هذا الانقسام لا ينحصر في حاصبيا مركز القضاء، بل يشمل مختلف القرى المتعددة الألوان سياسياً وطائفياً، ويظهر هذا جلياً في قرى العرقوب «السنّية»، حيث تتمثل الموالاة بتيار المستقبل، فيما تبرز القوى المعارضة المؤيدة للمقاومة.
ويرى رئيس مكتب النائب أنور الخليل، أمين شميس «أن الانقسام السياسي الحاد الذي ظهر بعد اغتيال الرئيس الحريري، وانقسام الناس الى ساحتين، كان لا بد من أن يترك أثراً في حاصبيا وقراها(...) وما يميز حاصبيا وقراها في هذه المرحلة، هو الطابع الإيجابي في العلاقة بين القوى، وعدم قطع «شعرة معاوية» نتيجة طبيعة السكان، والتحديات التي واجهوها معاً ولا يزالون، وفي مقدمها مواجهة العدوان والمشاكل الاقتصادية وقصور الدولة عن التعاطي معهم، وهنا تبرز أهمية الدور الذي يؤديه الفريق المعتدل في رؤيته للأمور، محاولاً تأليف جسر بين هذه القوى لضبط العملية السياسية ضمن الأطر الديموقراطية، وعدم السماح لها بالذهاب في اتجاهات لا يرغب أهل المنطقة في الوصول إليها». ويشدد تيار النائب الخليل على ضرورة تأدية هذا الدور لأن يقينه كبير أن لبنان كان وسيبقى بلد التسويات، ولا يمكن حل القضايا إلا باتفاق الجميع بغض النظر عن نسبة الحق في هذا الموقف أو ذاك.
ويعتبر وكيل داخلية الحزب التقدمي الاشتراكي شفيق علوان: «أن حاصبيا بلدة مسالمة، وهذه طبيعة أهلها البعيدين عن المدينة والخدمات، ومع ذلك حافظوا على عنوان التعايش بكل تفاصيله، ولهم تجارب سابقة مروا بها في أحلك الأوقات والظروف الانقسامية التي شهدتها البلاد خلال الحرب الأهلية». ويشير علوان إلى «أن الحزب الاشتراكي وتيار المستقبل يشكلان أكثرية في حاصبيا وقرى العرقوب، التي تأثرت سياسياً واقتصادياً، لكن هناك ميثاق شرف بين الأهالي ينص على ضرورة التعاطي بإيجابية، ومشاركة بعضهم بعضاً على مستوى كل العلاقات الشخصية والفردية وسط تعدد الألوان السياسية. لكن لا يخلو الأمر من وجود طابور خامس يحاول افتعال بعض المشاكل وهم من الدخلاء ولا يعوّل عليهم». وقال: «لدينا توجّهات من قيادة الحزب في الحفاظ على وحدة الصف وهدوء الأعصاب وعدم الانجرار الى مشاكل».
وعن التواصل مع أحزاب المعارضة، يقول: «إنه غير موجود لأننا نتأثر ونتبع أوامر القيادة، فيما تبقى العلاقة على مستوى الأفراد قائمة لأننا حريصون على استمراريتها داخل القرى، ونعتبر أن الأيادي التي تعبث وتحاول تعكير الأجواء هي من خارج حدود الوطن، ونحن نعمل على تفويت الفرصة ومنع أي فتنة داخلية».
ويوضح المنفّذ العام للحزب السوري القومي الاجتماعي لبيب سليقا «أن حاصبيا جزء من الوطن، ولا بد لها من أن تتأثر بأي جديد يحصل في أية منطقة من لبنان. الانقسام الحاصل هو سياسي على رغم محاولات اللعب على وتر الفتن المذهبية والطائفية، وللأسف نشهد اصطفافاً وراء هذا الزعيم أو ذاك، وهذا يأتي نتيجة الخلل في تركيبة هذا النظام الطائفي الذي يشهد كل 15 سنة محطة خلافية تستدعي الاستعانة بالخارج الإقليمي والدولي لتسويتها. هذه الانقسامات انعكست على حاصبيا، وهي نوع من الفرز الطائفي يطال كل المناطق. وإن رجال الدين من كل الطوائف يقومون بواجباتهم ويشكلون ضمانة أخلاقية يلتزمها المعارض والموالي. لذا يمكن القول إن وضع المنطقة مقبول ولا شيء مقفل أمام التواصل. أما لجهة التواصل فهو قائم مع فرقاء المعارضة، ومتوقف مع الفريق الآخر الذي نأمل منه أن يكون حريصاً في الحفاظ على وحدة المنطقة ومنع أي خلل فيها».
ويؤكد أمين سر دائرة حاصبيا ومرجعيون في الحزب الديمقراطي اللبناني سليمان أبو غيدا: «أن الانقسام هو سياسي وموجود من خلال الأحزاب الموجودة، كل في موقعه، معارضة وموالاة، والعلاقات السياسية مع أحزاب الموالاة مقطوعة. أما الحياة والعلاقات الاجتماعية بين الأهالي، لا تخضع لهذا الفريق أو ذاك وتسير وفق الأطر المتعارف عليها، بغض النظر عن بعض المقاطعات البسيطة غير المنظورة علناً، ونحن نعمل لمنع حصول أي إشكال يعكّر صفو الأمن والحياة اليومية».