كشفت التحقيقات القضائية مع موقوفي الحزب السوري القومي الاجتماعي أن لا علاقة لهم بسلسلة التفجيرات التي شهدها لبنان منذ تشرين أول 2004، وأن مسؤولي الحزب لم يدخلوا في دائرة الاتهام. هذا ولا تزال قضية الموقوفين قيد التجاذب السياسي ـــ الإعلامي، أسوة بأكثر الملفات الأمنية المطروحة في لبنان
تواصلت التحقيقات القضائية مع كوادر الحزب السوري القومي الاجتماعي السبعة الموقوفين منذ أسبوعين إثر ضبط كميات من الأسلحة والمتفجرات في منازل عائدة إليهم في منطقة الكورة. وعاود أمس قاضي التحقيق العسكري الاول رشيد مزهر استجواب ثلاثة منهم، بعدما كان قد استجوب مجدّداً أول من أمس ثلاثة آخرين على أن يستجوب اليوم الموقوف السابع، وذلك في سياق التوسع في التحقيق معهم حول وقائع محددة.
وفي شأن الاعترافات المتفرعة عن مسألة اقتناء الاسلحة، أكدت مصادر قضائية مطلعة على سير التحقيق مع الموقوفين السبعة لـ«الأخبار» أن بعضهم اعترف أمام فرع المعلومات بأنه «كان يعمل على إفشال احتفال نظّمه حزب الكتائب اللبنانية برئاسة الرئيس أمين الجميل في 15 كانون الثاني عام 2005 في مطعم كاميليون في بلدة كفرحزير في الكورة». ونفت المصادر «أن يكون هؤلاء قد اعترفوا بأنهم كانوا يخططون لتفجير عبوة في الاحتفال وإيقاع ضحايا في صفوف المحتفلينوأوضحت المصادر «أن كل ما قيل عن دورٍ للنائب أسعد حردان في التحقيقات أمام فرع المعلومات هو أن الأخير عاتب بعض الموقوفين ومنهم طوني منصور كيف يسمحون للكتائب بإقامة مثل هذا الاحتفال الاستفزازي في منطقة تعدّ معقلاً للحزب القومي ومركزاً لنفوذه القوي». وذكرت المصادر أن «كلام حردان كان بمثابة اللوم وليس التحريض. وبناءً عليه درس المدعى عليهم أربعة احتمالات لإفشال الاحتفال. وكان الخيار الأول تفجير عبوة صغيرة الحجم ليلاً، وذلك قبل موعد الحفل بيوم أو يومين». وأضافت «إن أحدهم أخذ عبوة داخل دلو حديدي يقدر وزنها بعشرة كليوغرامات من المتفجرات، إلا أن أحد عناصر الحزب، وهو خبير بالمتفجرات، نصحه بعدم تفخيخها لأن وزنها كبير وقد تُلحق إصابات بعمال المطعم الذين ينامون داخله».
وأشارت المصادر الى أن «الشخص المعني بتجهيز العبوة خفف وزنها الى أربعة كيلو غرامات، ووضعها في علبة حذاء كرتونية، وربطها بساعة توقيت قبل أن يتبين له أن الساعة معطلة لأنها قديمة الصنع. فجرى استبدال الساعة بفتيل طويل مربوط بصاعق على أن توضع الى جانب حائط يبعد أكثر من 15 متراً عن المطعم، لكن تبين أيضاً أن الفتيل مصاب بالتآكل بسبب قدمه، وقد يشتعل بسرعة وتنفجر العبوة خلال ثوانٍ فتم صرف النظر عن الفكرة، وأقيم الاحتفال في موعده المحدد وفي المكان نفسه».
وعما اذا كان بالإمكان الاستماع الى شهود على هذه الواقعة ومنهم النائب أسعد حردان قالت المصادر لـ«الأخبار» إن «حردان نائب ويستحيل الاستماع إليه من دون الحصول على إذن من المجلس النيابي، وبالتالي فإن الأوضاع السياسية لا تسمح بذلك. فضلاً عما قد تتركه هذه القضية من تداعيات وردود فعل يستحسن عدم إثارتها في الوقت الراهن». وأضافت المصادر «إن النائب حردان وغيره من مسؤولي الحزب ليسوا في موضع شبهة اطلاقاً»، جازمة «أن التحقيقات التي أجراها فرع المعلومات على مدى أسبوع كامل وقاضي التحقيق العسكري لم تسفر عن أي اختراق أو حتى أي دور لهؤلاء في عمليات التفجير أو الاغتيال ومحاولات الاغتيال على الإطلاق». وأملت المصادر نفسها «عدم استثمار هذه القضية سياسياً لأنها قد تسيء الى التحقيق وصدقيته»، كما شددت على أن «أي اختراق يتحقق ويستند الى وقائع وأدلة ثابتة وقاطعة سيعلن أمام الرأي العام اللبناني فور توافره».
من جهته أكد مصدر في الحزب السوري القومي الاجتماعي لـ«الأخبار» أن عدداً من الموقوفين «تعرضوا للتعذيب أثناء التحقيق معهم لدى فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، وأن أكثر من موقوف وقـّع محضر التحقيق وهو معصوب العينين». كما أضاف المصدر «إن آثار التعذيب لا تزال ظاهرة على أجساد بعض الموقوفين حتى الآن».
في المقابل، نفى مصدر رفيع في قوى الأمن الداخلي أن يكون الموقوفون قد تعرضوا للتعذيب أثناء التوقيف معهم من جانب فرع المعلومات، مطالباً «القضاء بالتحقيق بهذا الادعاء».
هذا وأصدر الحزب السوري القومي الاجتماعي بياناً أكد فيه أن الخبر، الذي نشرته صحيفة «المستقبل» أمس وفيه أن الموقوف طوني منصور اعترف بأنه تلقى أمراً من النائب أسعد حردان بتفجير مكان احتفال لحزب الكتائب، هو «خبر عارٍ من الصحة جملة وتفصيلاً»، وأنه يهدف إلى «تشويه صورة الحزب باعتباره يشكل عقبة أمام مشروع التفتيت الطائفي والمذهبي». كما طالب الحزب القضاء اللبناني بالتدخل «بشأن إقدام مطبوعة إعلامية على نشر أسماء كاملة وصريحة لأشخاص موقوفين، قبل أن يصدر حكم قضائي بحقهم، وحتى قبل أن يحقق مع البعض منهم».
ورأى البيان أن هذا الأمر «يعرض سلامة الحزب وحياة قيادييه وكوادره وأعضائه الموقوفين للخطر»، محمّلاً «الصحيفة المذكورة تبعات ما يترتب على هذه الاتهامات الكاذبة». وتساءل الحزب في بيانه «عن الغاية من إبقاء الموقوفين في قبضة فرع المعلومات (...) على الرغم مما تعرضوا ويتعرضون له من تعذيب وتنكيل». هذا وأعلن الحزب عن «الاحتفاظ بحقه في مقاضاة صحيفة «المستقبل» وكل من تثبت مسؤوليته وملاحقته أمام المراجع القضائية المختصة».
(الأخبار)