strong>رئيس الوزراء التركي استفسر عن «الحكومة والمحكمة» واكد دعم سوريا وايران لحركته
حذر رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان من انعكاس الخلافات المذهبية في لبنان على المنطقة ككل داعياً الى تحرك جميع الاطراف في لبنان ودول المنطقة لحل هذه المشكلة. كما اعلن تأييد تركيا لوضع مزارع شبعا تحت وصاية الامم المتحدة، لافتاً الى انه لا يعرف قرار اسرائيل بهذا الصدد، وأوضح ان ايران وسوريا لا تعترضان على انشاء المحكمة الدولية وتدعمان تحركه في المنطقة.
وكان اردوغان الذي وصل الى بيروت صباح امس وغادرها ليلاً استهل برنامج زيارته بالاجتماع مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في السرايا توجه بعده الى الجنوب حيث تفقد كتيبة بلاده المشاركة في قوة الامم المتحدة العاملة في الجنوب (يونيفيل) والتي تضم 261 جندياً غالبيتهم من سلاح الهندسة.
ووصل اردوغان على متن طوافة عسكرية تابعة للأمم المتحدة، الى بلدة الشعيتية حيث مقر وحدات من الجنود الاتراك، وذلك وسط إجراءات مشددة. وكان في استقباله قائد القوة التركية وعدد من كبار الضباط الذين جال معهم على الموقع واستمع منهم الى طبيعة عملهم وعقد لقاء مغلقاً معهم.
واثر عودته الى بيروت التقى اردوغان على التوالي كلاً من رئيس الجمهورية العماد اميل لحود ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد. وعقد مساء جولة اخرى من المحادثات مع الرئيس السنيورة الذي اولم مأدبة عشاء على شرفه.
وعلمت «الأخبار» ان رئيس الوزراء التركي لم يعرض على المسؤولين اللبنانيين مبادرة معينة بل طرح افكاراً قد تساهم في حل الازمة، كما سعى الى الاستفسار عن عدد من المسائل ابرزها كيفية تشكيل حكومة وحدة وطنية وقرار المحكمة الدولية وايهما يجب ان يتقدم على الآخر. واستمع من رئيس الجمهورية الى شرح حول الملاحظات التي ابداها بشأن مشروع المحكمة.
وابدى اردوغان خشيته من تصاعد الخطاب المذهبي والطائفي في لبنان وحصر الازمة في هذا النطاق، معلناً استعداد بلاده للقيام بكل ما يطلبه لبنان لمساعدته على الخروج من الوضع الراهن. ولفت الى ان تحركه يلقى تشجيعاً من سوريا وايران.
وفي المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده السنيورة واردوغان عقب الجولة الاولى من المحادثات نوه الاول بالجهود التي بذلتها تركيا خلال العدوان الاسرائيلي على لبنان ودعمها السياسي والانساني له، مشيراً الى ان البحث تناول موضوع المساهمة التي يمكن ان تقوم بها أنقرة في عملية تحرير مزارع شبعا.
من جهته قال اردوغان انه «تناول مع الصديق العزيز الرئيس السنيورة كيفية حل أزمة لبنان من دون الخروج عن إطارها السياسي وماذا تستطيع تركيا أن تقدم في هذا المجال. ففي لبنان طابع اجتماعي فريد، وقد أكدنا ضرورة الحفاظ على هذا الطابع، وأبلغت الرئيس السنيورة أن الخلافات المذهبية في لبنان ستنعكس على المنطقة ككل ولا بد من تحرك جميع الأطراف في لبنان ودول المنطقة لحل هذه المشكلة».
واكد «ان تركيا تولي أهمية كبيرة للوحدة السياسية للبنان وهي مهتمة بالسلم الداخلي فيه»، لافتاً الى «ان لبنان عاش أزمات كبيرة في الماضي وهو في الوقت الحاضر يدفع ضرائب هذه الأزمات. ومع الأسف وقعت حرب أخيرا بين إسرائيل ولبنان أثرت بشكل سلبي كبير عليه، والمسؤولية تقع على الجميع، لذلك لا بد من ايلاء أهمية كبرى للمصالح اللبنانية الأساسية، ونأمل أن يصل الجميع إلى حل في أقرب وقت». واضاف: «أما في خصوص مزارع شبعا فقد أجرينا اتصالات مع إسرائيل والولايات المتحدة والأمم المتحدة، وهذه الاتصالات مستمرة ونحن متفقون مع بعضنا في هذا الخصوص، وإن شاء الله سنصل إلى نتيجة».
وفي حوار مع الصحافيين سئل اذا كان لديه تصور حل للبنان لا سيما بعد زيارته لسوريا وإيران، وما نقل عن ابلاغه السنيورة تحفظ سوريا و«حزب الله» عن موضوع المحكمة الدولية، فأجاب: «كل من إيران وسوريا لا تعترض على إنشاء وتشكيل المحكمة الدولية ولكن هناك تساؤلات خصوصا حول إقرار وإطار المحكمة. واليوم تتم مناقشة توقيت تشكيل الحكومة الجديدة. فهل ستشكل الحكومة أولاً أم المحكمة؟ وهل سيشارك «حزب الله» في الحكومة أم لا؟ هذه الأمور تحتاج إلى اتفاق أيضا».
وهل يمكن أن تساهم تركيا في تطبيق القرار 1701؟ أجاب: «في ما يتعلق بالقرار 1701، فإن هناك دولا تؤيد هذا القرار ونحن منها، وهناك دول أخرى لم تقم بعد بالمسؤوليات الملقاة على عاتقها فيه، ونرى أن القرار يسير بشكل جيد. أما في خصوص مزارع شبعا فنحن نؤيد أن تكون تحت وصاية الأمم المتحدة».
وعما اذا وافقت إسرائيل على وضع مزارع شبعا تحت وصاية الأمم المتحدة؟ قال: «لم ندرس بالتفصيل هذا الشأن مع الجانب الإسرائيلي، ولا نعرف قرارهم بالضبط في موضوع الانسحاب أم عدمه».
وسئل السنيورة هل حمل أردوغان أي تصور حل أو رد من إيران أو سوريا؟ فأجاب: «كانت مناسبة لتوضيح وجهة نظرنا في ما خص المحكمة وموضوع الحكومة وكيفية التزامن بينهما بحيث لا يكون في لبنان أي فريق يطغى على الآخر، ولا يستعمل أي حدث من أجل تغيير موازين القوى. نحن حريصون على أن تكون العلاقات بين جميع اللبنانيين سديدة ورشيدة ومبنية على التعاون، كما أننا حريصون على علاقات جيدة مع سوريا وهي شقيقتنا وجارتنا، وحريصون على علاقة جيدة مع إيران. لكن كل ذلك يجب أن يكون مبنيا على الاحترام المتبادل وعدم التدخل وعدم جعل لبنان ساحة لصراعات الآخرين. ولبنان قال موقفه بشكل واضح، أنه لا يريد ولا يمكن له أن يكون جزءا من أي محور إقليمي أو غير إقليمي».
وأبلغ لحود الرئيس وزراء تركيا خلال استقباله «ان الديموقراطية في لبنان توافقية، وبالتالي فإن القرارات الوطنية والمصيرية يفترض ان تتخذ من خلال مشاركة الشرائح التي يتكون منها المجتمع اللبناني، ومن غير الطبيعي منع فئة كبيرة من اللبنانيين من ابداء رأيها في القضايا المصيرية المطروحة». واعتبر «أن خيار المقاومة الوطنية الذي اعطى للبنان دوراً وحضوراً ومنعة، أثبت انه قادر على ردع اسرائيل ومنعها من تنفيذ مغامراتها العدوانية ضد لبنان، وليس من المنطقي ان يتخلى اللبنانيون عن المقاومة التي ينبغي ان تستمر ريثما يتحقق السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة».
وشدد لحود امام زائره على «ان لا خيار امام اللبنانيين الا الجلوس على طاولة والبحث في كل المواضيع المختلف عليها، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون لكل الفئات كلمة فيها لمعالجة المسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتوافق على انشاء المحكمة الدولية التي نريدها غير مسيسة، كي تتوصل إلى كشف الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه». وأكد «ان لا خوف على الاستقرار في لبنان، وان التحرك السياسي الذي بدأته المعارضة قبل اسابيع، سيبقى ضمن اطاره السلمي والشعبي والحضاري».
وابدى اردوغان رغبة تركيا «في المساهمة في حل الازمة اللبنانية»، معرباً عن أمله في «ان يتغلب لبنان قريبا على الظروف القاهرة التي يعيشها».
وخلال الاجتماع الذي عقده بري مع اردوغان اهدى الاول للثاني نسختين من الدستور اللبناني بالعربية والانكليزية والفرنسية «لكي يكون على بينة من اكتشاف بعض الاقتراحات التي قدمت له وهي مخالفة للدستور». وشدد بري على «الرأي الثابت بالتركيز على العلاقات العربية ــ العربية كمفتاح للحل اللبناني، بالاضافة الى العودة الى الجذور في كل ما جرى حتى الان لاصلاح ما فرق ما بين اللبنانيين».
وأبلغ رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد «الأخبار» بعد لقائه اردوغان انه عرض للأخير وجهة نظر «حزب الله» في الاوضاع الراهنة واستمع منه الى تقييمه لهذه الأوضاع.
وذكــــرت مصادر ديبلوماسية متابعة ان اردوغــــــــان هدف من لقائه رعد الوقوف على رأي المعارضة في الازمة اللبنانية بعد ان تبلغ موقف الحكومة بهذا الخصوص، بالاضافة الى حرص تركيا على التواصل مع الحزب و«حركة أمل» لاعتبارات جنوبية.
(الأخبار)