نادر فوز

«نحن قلّة يسمّوننا الأرمن، لا نقلّ قيمة عن الشعوب الأخرى، نحن كنا وسنبقى ونصبح أكثر»، وأغنيات أخرى باللغة الأرمنية أطلقتها مكبّرات صوت أحزاب الطاشناق والهانشاك والرامغَفَار على اوتوستراد الكرنتينا ــ برج حمود رفضاً لزيارة رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان للبنان.
رفع شباب الطوائف الأرمنية الثلاث، الكاثوليكية والأرثوذكسية والإنجيلية، اللافتات المعتادة للتذكير بالإبادة العثمانية للشعب الأرمني وعلاقة الدولة التركية الممتازة بإسرائيل والأزمات الإقليمية التي تتسبب بها جراء «عدائها لسوريا وقبرص واليونان»، إضافة إلى سعيها لأداء دور أكبر في الشرق الأوسط. فأعرب الأرمن عن توحّدهم حول هذه القضية «الوطنية الأرمنية»، رغم الخلافات السياسية التي تشقّ الشارع الأرمني بين الموالاة والمعارضة.
شعارات أخرى رفعها المشاركون وتوجّهوا بها إلى رئيس الوزراء التركي: «أردوغان أنت الوريث الشرعي لجرائم جمال باشا السفّاح»، «أردوغان حان وقت الاعتراف بالإبادة الأرمنية».
انتشر المواطنون الأرمن على الطرقات في برج حمّود، الذي فقد تجّاره وزبائنه، رافعين لافتاتهم وشعاراتهم. هنا لافتة «أيها اللبنانيون لا تنسوا مشانق ساحة الشهداء، قولوا لا للقوات التركية»، وهناك صورة لتمثال الشهداء تزيّن جسر المشاة فوق أوتوستراد الدورة.
تحت الجسر تجمّعت الوفود الأرمنية الرسمية، فحضر مطران الطائفة الارمنية الأرثوذكسية كيغام خاتشريان، النائب البطريركي للطائفة الارمنية الكاثوليكية المطران فارتان اشقريان، رئيس اتحاد الكنائس الارمنية الإنجيلية القس صوغومون كيلاغبيان، النائب اغوب بقرادونيان، والوزراء السابقون ابراهام دده يان وجاك جوخاداريان وآلان طابوريان وشاهي برصوميان، بالإضافة إلى ممثلي الأحزاب الأرمنية المنظمة، وممثلين عن الجمعيات والهيئات الاجتماعية والثقافية والتربوية والرياضية والاقتصادية الأرمنية.
وزّعت الجمعيات والمنظمات الطلابية والشبابية للأحزاب الأرمنية الثلاثة بياناً بعنوان «لا للتدخّل التركي في شؤون لبنان»، ذكّرت فيه أيضاً بالحلف الاستراتيجي بين تركيا وإسرائيل واستمرار الحكومة التركية بتجاهل المجازر بحق الشعب الأرمني. ورأى البيان أنّ اعتصام أمس «مناسبة لتذكير الجميع بأن مجلس النواب اللبناني كان قد أدان في أيار عام 2000 الإبادة الجماعية في حق الشعب الارمني، وأعرب عن تأييده المطلق لمطالب مواطنيه الأرمن». ورأى أنّ «الاعتراف الدولي بهذه الإبادة شرط أساسي لمنع جرائم مماثلة قد تحصل مستقبلاً»، متسائلةً عن ضرورة تماشي خطوات السلطات اللبنانية مع ما أقره البرلمان نيابةً عن الشعب اللبناني.
كما دعا بيان آخر باسم الأحزاب الثلاثة الدولة اللبنانية إلى عدم الإساءة إلى ميثاق العيش المشترك «أساس النظام اللبناني»، وإلى التضامن مع الموقف الموحّد للطوائف الأرمنية. وطالب الدولة اللبنانية بإدراج موقف التضامن في المباحثات المزمع عقدها مع رئيس الوزراء التركي.
وقبل أن يجتاح أبناء الطائفة الأرمنية الطريق المؤدّية إلى الدورة، كانت الجمعيات والمنظمات الطلابية والشبابية للأحزاب الارمنية الثلاثة قد نفّذت اعتصاماً سلمياً في مطار بيروت الدولي بالتزامن مع وصول أردوغان إلى لبنان، حيث رفع المعتصمون اللافتات المنددة بالزيارة ووزعوا البيانين المذكورين.
يُذكر أنّ القوى الشبابية والطلابية الأرمنية نفسها نفّذت تجمّعاً آخر عند السابعة مساءً بالقرب من مطرانية الأرمن الأرثوذكس في زقاق البلاط للتعبير عن رفضهم أية مبادرة تركية مشبوهة «عنوانها التوسط بين أطراف النزاع في لبنان».