الهرمل ـــ رامي بليبل
يعاني مركز الأحراج والأسماك في مدينة الهرمل إهمالاً مزمناً أدى إلى عدم الاستفادة من طاقاته وإمكاناته. ودخل دائرة هدر المال العام والإهمال والاستهتار بمصالح الناس وأرزاقهم، كما في مختلف دوائر الدولة حيث تعمد بعض الوزارات إلى استئجار مبان ومراكز لها دون استكمال تجهيزها ووضعها حيز العمل والإنتاج، فتدفع الوزارة الإيجارات دون استثمار يذكر لها، علماً بأن المطلوب في كثير من الأحيان قليل جداً مقارنة بمدى الفائدة المحصّلة والإنتاجية المنتظرة .
تبلغ مساحة بناء المركز حوالى 150 متراً، وقد بلغت كلفته أكثر من مئتي مليون ليرة. وهو مؤلف من طابقين، الأول عبارة عن مختبر مجهّز بأحدث آلات «تفريخ الأسماك» التي تنتج في كل «فقسة» حوالى مليون فرخ سمك في مدّة لا تتجاوز الثلاثين يوماً. وقد بلغت كلفة هذه الآلات حوالى 216 مليون ليرة لبنانية، كما أعلن أحد موظّفي الوزارة. أما الطابق الثاني، فمجهّز كمركز لموظّفي حراس الأحراج والغابات الغائبين عن أحراج وغابات الهرمل وجرودها، إضافة إلى مكاتب الإدارات والمحاسبة وغيرها. وتحيط بالبناء قطعة أرض واسعة شيّدت في قسم منها، بمحاذاة المبنى، ثماني برك تشكل أحواض تربية الأسماك المنتجة من البيوض، وهي منفذة بمواصفات ممتازة، إلا أنها عاطلة عن العمل. فقد أدّت السيول التي اجتاحت المنطقة في الخريف الماضي إلى جرف صخرة كبيرة استقرّت على فوهة «نبع وادي العين» الذي يغذّي الأحواض بالمياه، فزادت طينة المركز بلّة.
المركز المعدّ لتوزيع الأسماك في مختلف بلدات وقرى محافظة بعلبك ـــ الهرمل في شلل تام حيث يفتقر، وهو الوحيد في محافظة بعلبك ـــ الهرمل والثاني في البقاع، إلى طريق تجتازها السيارات وآليات العمل لتخرجه من غربته الطويلة. فيما مسافة الطريق بين المركز والطريق العام لا تتعدّى مئة متر فقط. وهو يعاني أيضاً إهمال استكمال التجهيز على مستوى التسوير، حفاظاً على المعدات والإنتاج وتسوية الأرض المحيطة به.
يقول حيدر قانصوه، أحد مربي الأسماك وصاحب شركة لاستيراد بذور وأعلاف السمك: «تؤكد الإحصاءات أن الهرمل هي أكبر منطقة مربية لسمك الترويت في الشرق الأوسط. فهي تنتج ما نسبته 90 % من إنتاج لبنان، إلا أنها مهملة على كلّ الصعد». ويضيف: «تشتري الدولة سنوياً مليوني بذرة لا يستفيد منها مزارعو الهرمل إلا بالقطارة، فيما حصتها رسمياً يجب أن تكون مليوناً ونصف مليون بذرة». ويتابع: «رغم أنهم ضربوا كل الخبرات عرض الحائط وقاموا بتشييد المركز في مكان ينقبون حوله عن الماء في الوقت الذي تطفو فيه الهرمل على الينابيع والأنهار، إلا أننا نطالب الدولة والمعنيين بالالتفات إلى المركز وإعطائه بعضاً من اهتمامهم ليقوم بدوره على أكمل وجه قبل أن ينتهي عقد الإيجار مع صاحب الأرض المستثمرة ويصبح المبنى حسب العقد من نصيبه من دون أن يرى مزارعو الهرمل خيراته».
ويأمل المزارعون في الهرمل من وزارة الزراعة الاهتمام بالمركز لبدء الإنتاج، فيصبحون غير مضطرّين إلى انتظار الهبات من مركز عنجر، وخصوصاً أنّها هبات تأتي وتذهب على حين غرة، بينما ما ينتجه نهر العاصي عالي الجودة ويوفر على الدولة مشقة التنقلات وتكاليفها.