strong>ثائر غندور
دخلت الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية غرفة العناية الفائقة، بعد انتقال الانقسام السياسي إلى داخلها. فتحالفات الانتخابات الأخيرة للهيئة عكست «التحالف الرباعي» مع إعطاء أرجحية لتيار المستقبل، وحيّز للتيار الوطني الحرّ. وسرعان ما انعكس المناخ السياسي في البلاد على الهيئة التي باتت عاجزة عن عقد اجتماعات دورية، ومالت النقاشات فيها إلى السطحية لتنحصر في الأمنيات والعموميات، من دون الخوض في قضايا الجامعة الأساسية.
يشبّه الدكتور عصام خليفة حال الرابطة بحال البلد. فهي تتخبط في توازناتها السياسية في ظل غياب دور الحكومة وعدم تعيين عمداء منذ أكثر من سنتين، وانتهاء ولاية معظم المدراء... والرابطة، برأيه، لا تضطلع بالعمل النقابي بل يقتصر دورها على المراقبة.
ويرى أحد أعضاء الهيئة التنفيذية أنّ الهيئة تتلقّى آخر جرعات المهدئات قبل الانفجار. فالرابطة ضاعت بين ساحتي 8 و14 آذار من دون أن تتمكن من المحافظة على موقعها النقابي. فالجميع بات يحسب ألف حساب قبل أن يتكلم، «عليك أن توازن بين انتمائك المذهبي والمناطقي حتى لا يفسَّر كلامك في خانة محددة، حتى لو كنت علمانياً». ويقول: «لقد اجتاح الانقسام المذهبي كل شيء، ولم يعد هناك مساحة للنقاش الموضوعي».
إلا أن أمين سر الهيئة التنفيذية الدكتور حميد الحكم يؤكد: «الرابطة تجتمع دورياً، وقد اجتمعت أمس ووزّعنا الورقة الإصلاحية على الأساتذة لدراستها واتّخاذ موقف إيجابي أو سلبي منها». ويشير إلى أن الرابطة لا يمكن أن تصدر موقفاً متسرّعاً «لأنها مسؤولة أمام الجميع». ويعزو الحكم المشكلة إلى وجود مراسيم تحتاج إلى توقيع وزيري المالية والتربية والتعليم العالي، وهناك خلاف على شرعية الحكومة. لكنّه يؤكد الاتّفاق بين جميع القوى على التهدئة وتجنيب الجامعة الانقسام السياسي. ويلفت الحكم إلى أن مفاوضات الرابطة هي التي أوقفت مشروع التعاقد الوظيفي لا تظاهرة العاشر من أيار النقابية.
وتشتد حدة الكلام عند أحد المصادر المطلعة على عمل الهيئة الإدارية ليقول: «هناك مجلس مندوبين وسيتعرضون للمحاسبة». ويقول إن القوى المسيطرة على الهيئة التنفيذية موالية للحكومة وبالتالي لا يمكن توقع أي موقف منها ضد زيادة الـ«TVA» أو ما تناولته الورقة الإصلاحية للحكومة. ويتوقف عند الحالة المأساوية للرابطة التي وضعت بنداً على جدول أعمال اجتماعها الأخير قبل الأعياد يقضي بمنع النشاط السياسي في مجمّع الحدث رداً على مهرجان المعارضة هناك، «ونسوا أنهم أقاموا المهرجانات في طرابلس وصيدا»، مؤكداً أن اجتماع مجلس المندوبين سيحمل مساءلة لها على «موقفها المتخاذل».
ويرى الدكتور إيلي داغر أن وضع الهيئة التنفيذية سليم تماماً ويقوم رئيسها بالتواصل مع رئيس الجامعة بتسيير الأمور، «لكن وضع البلد جمّد كل شيء، إذ لا يمكن أن تطالب الحكومة أو رئيس الجامعة بأي أمر». ويتفق معه الدكتور شربل كفوري على هذا التوصيف مؤكداً أن حال الهيئة التنفيذية طبيعية جداً.
بدوره، يشير رئيس مجلس المندوبين الدكتور رباح أبي حيدر إلى أنه يسعى مع الهيئة التنفيذية إلى التحضير لعقد جلسة لمجلس المندوبين خلال الشهر الجاري. ويقول أبي حيدر إن مجلس المندوبين حاول اعتماد التحييد الإيجابي كبديل من الانقسام السياسي في الرابطة، رغم أن التركيبة التوافقية للهيئة التنفيذية لم تستطع تجاوز هذا الانقسام. وكان مجلس المندوبين قد ناقش تقرير الهيئة التنفيذية في اجتماع عقده في الحادي عشر من كانون الأول الماضي.
يبرز الانقسام بين الدكاترة لدى الحديث عن رابطتهم انطلاقاً من انتماءاتهم السياسية. فالمعارضون يريدون للرابطة أن تتخذ موقفاً نقابياً حازماً، بينما يرى الموالون أن العمل النقابي غير ممكن في هذا الظرف السياسي.