غربي بعلبك ـــ رامح حمية
«يا مدير قول الحق، في مازوت ولا لأ» عبارة رددها تلامذة إحدى المدارس الرسمية في غربي بعلبك، رافضين الدخول الى قاعات التدريس الباردة الخالية من معالم التدفئة التي تتوافر يوماً وتنضب أياماً. ثمّ قرر التلامذة مغادرة مقاعدهم وملاعبهم، ريثما تجد مدارسهم الحل المناسب لهذه الأزمة.
ومع نهاية عطلة الأعياد، تنفس مديرو المدارس والثانويات الرسمية الصعداء كون هذه العطلة منحتهم مهلة للسعي إلى حل مشكلة عدم تأمين وزارة التربية الإيرادات اللازمة لشراء مادة المازوت الخاصة بالتدفئة، علماً أن أي قرية من قرى غربي بعلبك لا يقل ارتفاعها عن 1100 متر عن سطح البحر، ما يعني انخفاضاً في درجات الحرارة يصعب خلالها التعليم من دون تدفئة.
وقد أعرب مدير ثانوية بوداي الرسمية علي حمية عن أسفه لما يصيب القطاع التعليمي من نكبات ومشاكل تربوية مختلفة. ويعزو حمية بعض المشاكل الى قرار وزارة التربية إعفاء التعليم الأكاديمي من رسوم التسجيل، التي كان يعوّل عليها كثيرا لناحية تأمين بعض المستلزمات التي يحتا إليها العام الدراسي ريثما يتم دفع المستحقات. وأضاف إن مشكلة المحروقات الخاصة بالتدفئة تفاقمت منذ بدء العام الدراسي دون أن تكون هناك أي معالجة جدية، ما دفع عدداً من مديري المدارس والثانويات الى تأمين المحروقات على حسابهم الشخصي، في ظل ارتفاع سعر مادة المازوت.
وفي ظل الغياب الرسمي، سجل حضور إحدى المؤسسات الخاصة الى بعض المدارس في المنطقة بغية القيام بإحصاء ودراسة الكمية المطلوبة من مادة المازوت بهدف تأمينها اذا توافرت المقدرة على ذلك. والملاحظ ان عدداً كبيراً من بلديات غربي بعلبك رفضت بشكل قاطع المساعدة على حل مسألة المحروقات للمدارس.
والسبب، بحسب بعض أعضاء المجالس البلدية، انعدام الثقة بتغطية هذه التكاليف في المدى القريب والحسم الذي طال صناديق البلدية. ويرى سليمان مشيك، مدير متوسطة رماسا الرسمية، أنه باستطاعة الثانويات الرسمية الكبيرة تأمين بعض مستلزماتها المدرسية، ومنها المحروقات، بفضل مداخيلها وقدراتها المالية الخاصة. أما المدارس الابتدائية والمتوسطة فلا يمكنها القيام بهذه الخطوة نظراً الى مداخيلها القليلة.
وعن تأمين المحروقات في مدرسته، أشار مشيك الى صعوبات كثيرة تكتنف المسألة وتتمثل بالاستدانة وعلى حسابه الشخصي في ظل وضع اقتصادي ومعيشي متردٍّ، إضافة إلى رفع سعر مادة المازوت من جانب أصحاب المحطات نظراً الى كلفة النقل، إذ «تبعد قرانا حوالى 20 كلم عن القرى المجاورة التي فيها محطات لبيع المحروقات، ما يزيد الأعباء المالية المترتبة».
والجدير ذكره أن رماسا هي واحدة من قرى بيت مشيك، التي تجاور أرضها العاقورة وترتفع عن سطح البحر حوالى 1500 متر.
وتضاف إلى متوسطة «رماسا» الرسمية ضمن قرى بيت مشيك متوسطة «وادي أم علي» ومتوسطة «سيرة هنا» اللتان تعانيان أيضاً مشكلة التدفئة نفسها.
وأمام هذا الواقع الأليم وما يحمل من غياب رسمي على صعيد المؤسسات العامة، ودراسة وتمحيص على صعيد المؤسسات الخاصة، كان لا بد لمديري ثانويات ومدارس غربي بعلبك الرسمية من أن يصبحوا مدينين في ذمتهم المالية الشخصية تجاه أصحاب المحطات حيناً وبعض المهرّبين لمادة المازوت حيناً آخر بهدف التوفير في ظل الاحتكار وارتفاع الأسعار.
وبين هذا وذاك، يبقى التلميذ مترقّباً استحقاقاته الدراسية المقبلة، بكثير من البرودة متمنياً أن يحمل العام الجديد دفء القاعات
والقلوب.