ابراهيم عوض
بدا السفير السعودي عبد العزيز خوجة متعباً بعض الشيء بعد إبلاله من نزلة البرد التي أصابته مصحوبة بتحسس مصدرهما لبنان على ما أوضح، ليضيف مع ابتسامة لا تفارق محيّاه: «أنتم اللبنانيين أمرضتموني.. وجعلتموني في حيرة من أمري، لا أدري ماذا أفعل لمساعدتكم على الخروج من هذا الوضع المضطرب. لكن مع ذلك نتقبّل المرض من أجلكم».
قالها بصدق ظاهر مكرراً لـ«الأخبار» ما يسمعه منه كل زائر لبناني من تغنٍ بلبنان «البلد الذي أنعم الله عليه بالجمال في كل شيء وجعل موقعه استراتيجياً ونقطة التقاء بين الشرق والغرب ومحطة جذب للمستثمرين ورجال الأعمال»، محرضاً على «عدم التفريط به والمحافظة عليه برموش العيون وبذل المستحيل لإخراجه من محنته».
أليس هذا ما تسعى إليه المبادرات التي تجهض الواحدة تلو الأخرى وحتى التي لم تتعد الأفكار كما حصل حديثاً مع ما طرحه الرئيس نبيه بري؟ نسأل السفير السعودي فيجيب بهدوء: «أريد أن أستغل السؤال لأبدي استغرابي مما ورد في بعض وسائل الإعلام من أن السفير السعودي «وشى» بهذه الأفكار للنائب سعد الحريري الذي أوصلها بدوره إلى النائب وليد جنبلاط، فيما الجميع يعلم أنني كنت في جدة حين اتصل بي الرئيس بري ووضعني في أجواء مبادرته الجديدة. وقد تبيّن لاحقاً أن السفيرين الأميركي والفرنسي جيفري فيلتمان وبرنار إيمييه هما اللذان باحا بسرها، وهذا ما اتّضح للرئيس بري نفسه الذي التقيته أول من أمس وقد أعرب لي عن استيائه الشديد من الهجوم الذي تعرضت له مبادرته».
ولدى سؤاله عن رأيه في تصريحات جنبلاط النارية التي أطلقها أخيراً، أجاب خوجة أن «على المرء أن يكون عادلاً حين يطلق الأحكام، فلا ينظر إلى مواقف جنبلاط بمعزل عما تعرّض له الأخير من حملات تخوين واتهامات بالعمالة. وفي اعتقادي أن الكل يخطئ هنا، ولا أبالغ إذا قلت إن المشكلة في لبنان تكمن في تغليب المصالح الشخصية على مصلحة الوطن والتشبث بالرأي، حتى باتت الأمور مستعصية على الحل يقف أمامها المرء عاجزاً بعد أن بذل كل ما في وسعه. وأنا من جهتي أكاد أختنق حسرة». وكرر مناشدته جميع الفرقاء «بأن يرأفوا بلبنان».
هذا ويرفض السفير خوجة اتهامات البعض له من فريق المعارضة بأنه منحاز لجماعة 14 آذار وخصوصاً لـ«تيار المستقبل» الذي يدعمه بالمال على حدّ قوله الأمر الذي يتناقض مع دوره المحايد الذي عليه القيام به بحكم كونه وسيطاً بين جميع الأطراف. ويكشف في هذا الصدد أن هناك في فريق الأكثرية من يأخذ عليه انحيازه إلى جانب المعارضة وقد رفع شكوى بهذا الصدد إلى المسؤولين السعوديين، فيما أن أطرافاً في المعارضة ترى العكس، إذ تراه متحالفاً مع خصومها، «وهذا في نظري شهادة لي بأنني أقف على مسافة واحدة من الجميع. أما خير دليل على حياديتي التي لن تحتاج بعد الآن إلى أي برهان فيكمن في اللقاء الهام الذي جرى بين العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز ووفد «حزب الله» الذي ضم نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم والوزير المستقيل النائب محمد فنيش، وأظن أن كلامي واضح بهذا الشأن».
ويؤثر السفير خوجة عدم الإفاضة في تفاصيل اللقاء المذكور الذي شارك فيه واستغرق حوالى الثلاث ساعات تاركاً الأمر لوفد الحزب، مكتفياً بالإشارة إلى أن اللقاء كان أكثر من جيد وجرى في جو ودي حث فيه خادم الحرمين الشريفين الحزب على القيام بكل ما يمكن للتقريب بين اللبنانيين وجمع شملهم، مؤكداً دعم المملكة لكل ما يجمع عليه اللبنانيون، لافتاً إلى أنها لا تميّز بين لبناني وآخر، فالكل سواسية عندها.