صفوح منجد
تصدّر مطار القليعات في شمال لبنان فجأة اهتمام جهات حكومية أوعزت أخيراً الى إدارات معينة، بوجوب إجراء كشف هندسي سريع على أوضاع المطار المذكور وتحديد حاجياته، ودرس ما يجب القيام به على صعيد وضعه في الخدمة في الأحوال الاضطرارية.
وذكرت أوساط متابعة لـ«الأخبار» أن مطار القليعات قد تضرر أثناء العدوان الإسرائيلي الأخير، حيث تعرّض أحد مدارجه لقصف جوي من الطيران الإسرائيلي، وتم تدمير رادارين اثنين موجودين في حرم المطار الذي يضم بعض المنشآت التي لم يجر الاهتمام بها منذ سنوات عديدة.
ومطار القليعات يقع على ساحل عكار، ويبعد زهاء 20 كلم شمال طرابلس، ويعود تاريخ إنشائه الى ثلاثينيات القرن المنصرم، في أعقاب تقسيمات سايكس ــ بيكو التي وضعت المنطقة العربية شرق المتوسط تحت الانتداب الفرنسي والانكليزي.
وعقب إنشاء المصفاة التابعة لشركة نفط العراق (إي.بي.سي) الانكليزية ومدّ خطوط نقل البترول من كركوك ــ العراق الى البداوي شمال طرابلس، عبر سوريا، (المتوقفة عن العمل حالياً) أنشأت الشركة المذكورة مطار القليعات ليكون همزة وصل بين مصافي البترول التابعة لها في العراق ومقر الشركة في انكلترا.
ومع إعلان استقلال لبنان، وضعت الحكومة اللبنانية يدها على مطار القليعات، واستردت في وقت لاحق ملكية مصفاة النفط ومنشآتها في البداوي.
ويحتوي مطار القليعات على مدرجين اثنين، طول كل منهما 3200 متر بعرض 60 متراً، الى جانب منشآت وهنغارات وأبنية صغيرة.
وفي أعقاب حرب عام 1967 وتوقيع لبنان على معاهدة الدفاع العربي المشترك، قررت القمة العربية رصد مبالغ مالية لإعادة تأهيل مطار القليعات من الناحية العسكرية وتجهيزه بالمعدات الحربية لاستقبال الطائرات والجنود عند الضرورة في إطار الصراع العربي ــ الإسرائيلي، ودعم «دول الطوق» في وجه العدوان الإسرائيلي.
وجرى استخدامه كمطار مدني خلال أحداث عامي 1988ــ 1989، وبفعل انقطاع الطريق الساحلية بين الشمال والعاصمة بيروت، وتحت ضغط الهيئات الشمالية، قامت شركة طيران الشرق الأوسط بتسيير رحلتين، واحدة صباحية وأخرى مسائية، وكانت رحلة «البوينغ» تستغرق بين القليعات ومطار بيروت ذهاباً» أو إياباً» زهاء 22 دقيقة، وتطير فوق البحر على مقربة من الساحل وعلى علوّ متوسط.
وتم في منشآت مطار القليعات انتخاب الرئيس المغفور له رينيه معوض كأول رئيس للجمهورية في أعقاب اتفاق الطائف في عام 1989، حيث حطت في حينه على مدارج المطار ثلاث طائرات تحمل النواب اللبنانيين إضافة إلى أعضاء اللجنة العربية المكلفة بتطبيق اتفاق الطائف.
وفي منتصف التسعينيات، اشتدت المطالبة بتحويل مطار القليعات إلى مرفق سياحي وتجاري في إطار اللامركزية والتنمية المناطقية، واستخدامه بشكل خاص على صعيد النقل التجاري وتحديداً في مجال التصدير الزراعي في مناطق البقاع والشمال إلى الخارج، كمشروع متكامل بعد تطوير مرفأ طرابلس والانتهاء من شق الطريق بين البقاع والشمال عبر منطقة الضنية.