وفاء عواد
فيما تواصل «الأكثرية» تحضيراتها استعداداً لمؤتمر «باريس 3»، فإن أجواء المعارضة تفيد بأن تأكيدها على حتميّة التصعيد، خلال الأسبوع الحالي، سيلقى ترجمة فورية، وهذا ما ستكشفه حصيلة الاجتماع الذي ستعقده قواها قبل ظهر اليوم في منزل رئيس «كتلة التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، في الرابية، بغية رسم سيناريوهات مختلفة للتحرّك.
وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن الاجتماع سيتكلّل بالمبادرة الفوريّة الى تقديم عريضة نيابية، بعد زيارة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ربما تكون فاتحة تصعيد التحرّك، تطالب باتهام الرئيس فؤاد السنيورة وأعضاء حكومته (غير المستقيلين) بـ«خرق الدستور من جهة، والإخلال بالموجبات المترتبة عليهم من جهة أخرى»، و«إحالتهم الى التحقيق، ومن ثم محاكمتهم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء».
وتزامناً مع مضي قوى «الأكثرية» في السياق الهجومي لاستثمار مؤتمر «باريس ــــــ3» في خيار انعقاد مجلس النواب، بدعوة من نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري، من أجل إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي، استناداً الى «فتاوى» تؤكد دستورية مثل هذه الدعوة، فإن عريضة المعارضة تطالب بعقد «جلسة خاصة وعاجلة لإجراء المقتضى، من أجل وضع الأمور في نصابها الدستوري السليم».
وقد استندت عريضة المعارضة (المكوّنة من 10 صفحات فولسكاب) إلى المادة (70) من الدستور، معطوفة على المواد (18) و(19) و(22) من قانون المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
ويأتي الاتهام المعارض للسنيورة وحكومته على خلفية ستة خروقات وفق الآتي:
أولاً: خرق المادتين (52) و(56) من الدستور، في معرض الاتفاق الجاري بين لبنان والأمم المتحدة بشأن المحكمة الخاصة ذات الطابع الدولي، لأن حكومة السنيورة «الفاقدة المشروعية الدستورية والميثاقية» أقدمت على انتهاك وخرق الأصول والصيغ الدستورية الجوهرية، فقامت بالمفاوضة والتوقيع والإبرام الأولي (في مجلس الوزراء)، متجاهلة عمداً وعن سوء نية دور وصلاحيات رئيس الجمهورية».
وفي هذا الصدد، تشير العريضة الى أن تصرّف السنيورة ووزرائه «يشكّل اغتصاباً للسلطة»، ما يعني أن العمل المشوب به «منعدم الوجود، ولا مفعول له البتّة»، محمّلة إياهم «المسؤولية الكاملة عن هذه المخالفة الخطيرة».
ثانياً: خرق المادة (95) من الدستور، معطوفة على الفقرة «ي» من مقدمته التي تنصّ على أن «لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك»، ما يعني أنه «بعد تقديم كل الوزراء الذين يمثلون الطائفة الشيعية استقالتهم الخطية من الحكومة، باتت هذه الأخيرة فاقدة مشروعيتها الدستورية والميثاقية، قانونياً وفعلياً وشعبياً. وبالتالي، باتت كل دعواتها واجتماعاتها ومداولاتها وقراراتها مَعيبة وباطلة».
وتشير العريضة الى أنه «بدلاً من أن يبادر السنيورة الى تقديم استقالته إيذاناً باستقالة الحكومة، حرصاً على سلامة لبنان ورفقاً بشعبه وباقتصاده، عمد الى التشبث بالبقاء، معرّضاً البلاد والعباد للتسيّب والانهيار، منتهكاً إرادة الشعب».. وهكذا، تحوّلت حكومته الى «حكومة الأمر الواقع.. ساقطة دستورياً وشعبياً وغير قانونية بامتياز»، بمردود «تعيس وسلبي».
ثالثاً: خرق المادتين (19) و(57) من الدستور، المتعلقتين بإنشاء المجلس الدستوري الذي «لا يزال معطّلاً بشكل تام ومطلق حتى اليوم»، ولا تزال الطعون المحقّة «تنتظر الفصل فيها عبثاً»، ما يعني «تعطيل المادة 19 من الدستور وتعطيل القوانين ذات العلاقة بها، مع ما يترتب على ذلك من عرقلة لعجلة المرفق القضائي الدستوري لأغراض سياسية وفئوية بحتة»، حسبما تؤكد العريضة.
رابعاً: خرق المواد (83) وما يليها من الدستور، والمادة (17) وما يليها من قانون المحاسبة العمومية.
وفي هذا الإطار، تلفت العريضة الى أن حكومة السنيورة لم تكلّف نفسها إعداد مشروع للموازنة، فارضة على البلاد والعباد «العيش على بركة القاعدة الاثني عشرية، منذ ما يقارب السنتين». علماً بأن هذه القاعدة، حسب قواعد التشريع المالي، ذات «طابع استثنائي وحصري ومؤقت لمدة لا يجوز أن تتعدّى مبدئياً نهاية شهر كانون الثاني من كل سنة».. وبذلك، يكون السنيورة «قد حوّل القاعدة الى استثناء، والاستثناء الى قاعدة، وعطّل رقابة السلطة التشريعية ورقابة ديوان المحاسبة المؤخرة على الحسابات، وحال دون صدور قانون بقطع الحساب السنوي المفروض وفقاً للمادة 87 من الدستور».
خامساً: خرق المادتين (49) و(53) من الدستور، وأصول التعامل الدبلوماسي الرسمي مع رئيس الجمهورية، حيث «تعمّد السنيورة وحكومته خرق الأحكام والمواثيق، سراً وعلناً، والطعن في شخص رئيس الدولة»، وتعمّدوا «تشجيع السفراء والشخصيات الرسمية الأجنبية التي تزور لبنان على تجاهل رئيس الجمهورية ومقاطعته».
وإذ تشير العريضة الى أن السنيورة بات يعتبر نفسه «قابضاً على سدّة الرئاسة، وكأن منصب رئاسة الجمهورية بات شاغراً»، فهي تلفت الى أنه «لا يتوانى عن دعوة واستقبال رؤساء الحكومات والوزراء الأجانب، والتباحث والتفاوض معهم، وكأنه يرأس البلاد ويتكلّم باسمها».
سادساً: خرق القواعد الدستورية والقانونية الرامية الى قبول استقالة الوزراء وتعيين وكلاء عنهم. وتستند العريضة الى استقالة الوزير حسن السبع من الحكومة، طوعاً وخطياً، حيث «كان يجب على السنيورة، وفق المنطق الدستوري المسؤول، وبعد مرور كل هذه المدة على استقالة السبع وملازمته منزله، أن يرفض عودته الى الوزارة وأن يعتبره مقالاً من منصبه».
وتخلص العريضة الى التأكيد على أن كل القرارات التي اتخذها الوزير الوكيل (أحمد فتفت)، بينما الأصيل موجود وبحالة طبيعية في لبنان، تعتبر «فاسدة وباطلة، على نحو ما استقرّ عليه اجتهاد مجلس شورى الدولة».