strong>رزان يحيى
لم يأخذ الأساتذة عطلةً يوم أمس الأحد، فقد انكبّوا على مناقشة ورقة باريس ــ 3 الإصلاحية ضمن اجتماعات للهيئات التربوية، وقراءتها «قراءة نقدية وعلمية». لكن حتى الساعة، لا رأي موحّد بين الأعضاء التربويين لهيئة التنسيق النقابية بشأن الورقة.
وبناءً على قراءة أولية للورقة الإصلاحية، أكّد رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي في لبنان حنا غريب على موقفه الثابت من الورقة، معتبراً أنها قريبة من ورقة بيروت ــ1 التي سبق للرابطة أن رفضتها وتحركت لمواجهتها وأن لا علاقة لها بالإصلاح الحقيقي. كما أشار غريب إلى بدء الاتّصالات مع هيئة التنسيق النقابية بدءاً من الأسبوع المقبل لتوحيد الموقف النقابي التربوي ووضع خطة تحرك تنطلق من دراسة مفصلة للورقة. ويلي ذلك تحرك إعلامي لشرح بنودها بين الأساتذة والمجالس الطالبية في الجامعة اللبنانية في إشارة إلى أن الطلاب هم أيضاً متضررون، على أن تتبع ذلك تحرّكات جماهيرية. وقال غريب إن للورقة مجموعة من الاستهدافات تتعلق بزيادة ساعات العمل من 32 إلى 36 ساعة، ما يعادل خفضاً غير مباشر للرواتب. ورأى في إلغاء قانون التناقص انعكاساً على الإنتاجية التربوية للأساتذة.
وكانت الرابطة قد أصدرت بياناً أمس الأول جددت فيه تصدّيها للمشاريع التي تهدف إلى ضرب الوظيفة العامة وتتّبع سياسة التفقير والتجويع. وأضاف البيان «أن الرابطة أشدّ الناس تمسّكاً بالإصلاح الاقتصادي والمالي والاجتماعي شرط ألّا يكون على حساب الطبقة العاملة وذوي الدخل المحدود». وستصدر الرابطة دراسة مفصلة تظهر فيها «المخاطر التي تتضمنها الورقة التي توحي ظاهرياً بالإصلاح وتخفي في طياتها الإفلاس والإفقار عبر تحميل الشعب ضرائب جديدة ليس أقلها رفع نسبة الضريبة على القيمة المضافة إلى 15% وتحرير سعر المحروقات، وإلغاء نظام التقاعد وتعويض نهاية الخدمة المعمول به منذ أن تأسست الدولة اللبنانية». وختمت الرابطة البيان بدعوة أعضائها «للوقوف معاً في مواجهة الهجمة المتجددة للحكومة على لقمة العيش والحقوق المكتسبة».
وفي الوقت الذي صدر فيه موقف واضح لرابطة أساتذة التعليم الثانوي، لا تزال الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية في انتظار الاجتماع الدوري يوم الخميس المقبل لمناقشة بنود الورقة وتحديد الموقف منها. وكانت قد صدرت ملاحظات عن أعضاء من الهيئة استغربت «تقصير» الرابطة المعنية أصلاً بالدفاع عن حقوق الأساتذة الجامعيين ومكتسباتهم تجاه تحديد موقف واضح من الموضوع. هذا ما أشار إليه عضو الهيئة الدكتور عبد الله زيعور الذي أكد أن الأساتذة الجامعيين سيتحركون قبل الاجتماع الدوري بمعزل عن الرابطة، إذا لم تحدد وجهة نظر واضحة من الموضوع. ورأى أن غياب رئاسة الجامعة عن الدعوة إلى اجتماع طارئ لمواجهة هكذا ورقة «كارثية» يخلق قلقاً عند الأساتذة الجامعيين. وأشار إلى بيان سيصدر عن التجمع الوطني لأساتذة الجامعة اللبنانية يظهر قلق أساتذة الجامعة على مستقبل جامعتهم وحقوقهم. ويرى زيعور أن هذه هي وجهة الأساتذة، بمعزل عن توجهاتهم السياسية أو انتمائاتهم الطائفية، لأن «باريس ــ 3» لا يميز بين «مؤيد ومعارض».
من جهته، رأى أمين سر الهيئة حميد حكم أن الورقة ستناقش يوم الخميس المقبل، بعد دراستها بتمعّن، وخصوصاً الأمور النقابية التي تعني الهيئة، معتبراً «أن لا شيء مستعجل حتى الساعة». وأضاف انه لا يمكن أخذ أي موقف «على عجل» من الورقة، وخصوصاً أنّها معروضة على مؤتمر عالمي لدعم لبنان. وأكد حكم من جهة أخرى رفض المساس بالحقوق المكتسبة ورفض التعاقد الوظيفي بشكل عام.
أما رئيس المجلس التنفيذي لنقابة المعلمين في لبنان نعمة محفوض فرأى في الورقة الإصلاحية مشروعاً يصلح أن يكون حلاً للأزمة الاقتصادية. لكن المشكلة تبقى في السلطة السياسية التي ستطبق هذا «الكلام الجميل» الوارد ضمن باريس ــ 3. وأضاف انّ المجلس التنفيذي سيعلن ملاحظاته السلبية حول الورقة خلال اجتماعه الأربعاء المقبل.
شكّلت تظاهرة 10 أيار التي أقامتها هيئة التنسيق النقابية ضد مؤتمر بيروت ــ1 نقطة مفصليةً في حياة الحركة النقابية التربوية، إذ انقسم النقابيون بين مؤيد باعتبارها تحركاً مطلبياً ومعارض باعتبارها تحركاً سياسياً. واليوم، هل ستسقط التحركات النقابية تحت وطأة الاتّهامات السياسية أم أنّ الأساتذة سيجتمعون حول مصالحهم المهدّدة؟