عمر نشابة
مؤسسة قوى الامن الداخلي تعاني هدراً في بعض طاقاتها البشرية وفي خزينة الدولة. اذ إن ما يقارب ثلاثين ضابطاً برتبة عميد وعميد ركن ما زالوا في الخدمة لكن وظائفهم مجمّدة وعملهم معطّل. فهؤلاء يتقاضون رواتبهم بالكامل ويحتفظون بمرافقيهم وبسياراتهم العسكرية لكنهم بكل بساطة عاطلون من العمل. واسوأ ما في هذه القضية هو أن البلد يحتاج الى خبرة وطاقات هؤلاء الضباط الذين خدموا قوى الامن خلال احلك الظروف وأصعبها بينما يُستغنى عنهم اليوم لأسباب ادارية و«عسكرية»...
المسؤول عن هذا الهدر ليس الرئيس أو الوزير أو المدير أو مجموعة سياسية كما هي الحال في العديد من حالات هدر المال العام في بلدنا، بل المسؤولية تقع هنا على التنظيم الاداري التقليدي و«ديكتاتورية» التراتبية والهرمية العسكرية التي لا تسمح أن يكون المرؤوس اعلى رتبة من الرئيس... لكن في هذا الشأن سوابق للسلطة التنفيذية وخاصة المركز الوزاري الذي تخضع لتوجيهاته مؤسسة قوى الامن الداخلي وغيرها من المؤسسات الامنية. فرئيس الجمهورية في الخمسينيات كميل شمعون، خدم الدولة اللبنانية وزيراً للداخلية في حكومة الرئيس رشيد كرامي في السبعينيات وخضع بالتالي لتوجيهات رئيس الجمهورية سليمان فرنجية. كما خدم كلّ من رئيسي الجمهورية ألفرد نقّاش وشارل حلو وزراء في حكومات عديدة بعد انتهاء عهديهما. فلماذا لا يجوز أن يخدم العمداء الاعلى رتبة من المدير العام لقوى الامن الداخلي الحالي تحت قيادته؟ هل المسموح في السلطة التطبيقية العليا ممنوع على المؤسسات العسكرية التابعة لها؟ ان مؤسسة الشرطة الرئيسية في لبنان بحاجة الى خبرة وكفاءة ثلاثين عميداً، وهي بحاجة الى ثلاثين سيارة عسكرية وأكثر من ثلاثين عنصراً أمنياً موضوعين بتصرّفهم، وخزينة الدولة بحاجة الى عشرات آلاف الدولارات التي يتقاضونها شهرياً... أليست الحاجة أمّ الاختراع؟