أعلن رئيس الجمهورية إميل لحود أنه «لا يمكن الانفراد بمشروع إصلاحي يورط لبنان في عواقب تمس بوفاقه وتوازنه في معزل عن رؤية الفريق الآخر الذي له حق المشاركة في قرارات مصيرية كهذه». وقال: «ما لم يعترف الفريق المستأثر بسلطة خارج إرادة معظم اللبنانيين وأطر دستورهم المركّز على وحدة القرار بالاتفاق والوفاق، بالحل عبر حكومة وفاق وطني، فعبثاً إضاعة الوقت في رهانات لا ترحم أبداً».موقف الرئيس لحود نقله عنه رئيس المجلس الماروني العام الوزير السابق وديع الخازن الذي زار قصر بعبدا أمس. وأوضح الخازن أن البحث تناول «الجمود الحاصل وسط المتبدّلات الأميركية في السياسة الخارجية التي تجلّت في انتصار الديموقراطيين النصفي وموقف رئيسة مجلس النواب الديموقراطية الداعي إلى سحب القوات الأميركية من العراق بأسرع ما يمكن» ناقلاً عن لحود ثقته «بعودة شيء من التوازن في السياسة الأميركية الخارجية».
ورأى لحود أنه «ليس مهماً أن يرضى العالم على نظرتنا لحل مشاكلنا مع أنفسنا ومع الدول العربية والأجنبية التي تتعاكس مصالحها أحياناً مع مصالحنا، بل أن نرضى نحن بقسمة العيش الذي عرفناه تآخياً دينياً وتعاوناً وطنياً على مدار الحقب، مهما تخللها من تدخلات وتداخلات إقليمية أو دولية».
وأعرب لحود عن خشيته «أن تكون سياسة إغراقنا في الديون وفوائد الديون مقدمة لمقايضة سبق أن عرضت علينا لتوطين الفلسطينيين فرفضناها جملة وتفصيلاً، لأنها جزء من ثوابت دستورنا اللبناني المؤتمن عليه رئيس الجمهورية».
وقال: «هذا لبّ المشكلة الذي جعلنا نتحمل الضغوط تلو الضغوط لفرض واقع جديد يطيح المعادلة التي قام على أساسها لبنان ونجح رغم كل ما مر به من تجارب مريرة»، مشيراً إلى أن رؤيته للحل الداخلي «تنبع من هذا الحرص الوطني على إبعاد شبح التقسيم إذا ما ظل استئثار الفريق المتمسك بشرعية فقدها من منطلق ميثاقي، بسياسة اقتصادية جانحة نحو الديون من دون التبصّر في جوانبها السياسية»، مؤكداً أنه «لا يمكن الانفراد بمشروع إصلاحي يورّط لبنان في عواقب تمس بوفاقه وتوازنه في معزل عن رؤية الفريق الآخر الذي له حق المشاركة في قرارات مصيرية كهذه».
ورأى أنه «ما لم يعترف الفريق المستأثر بسلطة خارج إرادة معظم اللبنانيين وأطر دستورهم المركّز على وحدة القرار بالاتفاق والوفاق، بالحل عبر حكومة وفاق وطني، فعبثاً إضاعة الوقت في رهانات لا ترحم أحداً».
وختم: «ربما يجد البعض موقفي مغايراً لمن يراهنون على الخيارات الخارجية، إلا أن ذلك يبدو منطقياً إذا ما نظرنا الى واقعنا العربي المشرذم بفضل هذه المراهنات تحت ذرائع التهويل والتخويف واستغلال المشاعر المذهبية العارضة التي سرعان ما تعود الى صفائها مع خروج العامل المعكر والمستفيد من بعض تناقضاتها».
واستقبل لحود الأمين القطري لحزب البعث الوزير السابق فايز شكر، وتداول معه الأوضاع العامة والتطورات على الساحتين الداخلية والإقليمية.
ورأى شكر «أن مؤتمر باريس 3 هو محطة سياسية لدعم السلطة الحاكمة من قبل الدول الراعية للمؤتمر، في الوقت الذي كان يجب أن يحظى انعقاد مؤتمر من هذا النوع بإجماع الفئات اللبنانية، لا أن تعمد الفئة المتسلطة على الحكم والمؤسسات الدستورية الى تجاهل رأي الشريك الآخر الذي يمثل الشريحة الشعبية الأكبر في البلد».
وأشار إلى «أن ما نراه من فريق السلطة الحاكم غير الشرعي وغير الدستوري، هو مزيد من الإمعان في خرق الدستور والقوانين»، مشيراً إلى أن ما يحكى عن التحضير لعقد جلسة نيابية برئاسة نائب رئيس مجلس النواب، هو مسألة في غاية الخطورة، تهدف الى القضاء على اتفاق الطائف، وعلى كل المبادرات التي تحمي البلاد، حتى تصح تسمية الفريق الحاكم بـ«قطاع طرق المبادرات».
من جهة أخرى، أشاد لحود «بالدور المميز الذي لعبه قائد القوات الدولية العاملة في الجنوب الجنرال آلان بلليغريني ولا سيما خلال العدوان الإسرائيلي على الجنوب والمرحلة التي تلته». وقال لحود خلال استقباله بلليغريني أمس في زيارة وداعية لمناسبة قرب انتهاء مهمته في لبنان «إن قائد الطوارئ أعطى الكثير من الخبرة والاندفاع والسهر لتحقيق السلام في جنوب لبنان خلال ثلاث سنوات من عمله كقائد لليونيفيل»، مقدراً التعاون القائم بين الجيش اللبناني والقوات الدولية.
بدوره، عبّر الجنرال بلليغريني عن شكره للرئيس لحود على الدعم الذي لقيه منه خلال قيادته القوات الدولية في الجنوب، منوهاً خصوصاً بدور الجيش اللبناني وقدرته على القيام بالمهمة الموكولة إليه تطبيقاً للقرار 1701. وتقديراً لعطاءاته، منح لحود بلليغريني وسام الأرز الوطني من رتبة كومندور.
كما التقى لحود الوزير السابق ــ القائد السابق للجيش العماد فكتور خوري وعرض معه الأوضاع العامة والمستجدات على الساحة الداخلية.
(وطنية)