طارق ترشيشي
بدأ اركان المعارضة البحث في كيفية إعادة تكوين السلطة في موازاة الخطة "ب " من تحركها التصاعدي الذي بدأته امس ، وهي تنطلق من مسلمة ان فريق السلطة بات قاب قوسين من الانهيار الكامل ، وهو في رأي ركن معارض " قد انهار في المضمون ويبقى منتظراً انهياره في المضمون". ويستدل هذا الركن المعارض على هذا السقوط من خلال جلسة لمجلس الوزراء ستعقد الاسبوع المقبل وعلى جدول اعمالها 169 بنداً في ما يشبع "جلسة التفليسة". لكنه يؤكد ان المعارضة لا تريد من خلال تحركها الجاري إسقاط الحكومة بـ "السكتة القلبية" وإنما " سريريا" على طريقة الموت البطيء، متوقعاً ان يتم هذا الامر قبل نهاية الشهر الجاري اذا ظلت الرياح جارية وفقما تشتهي سفن المعارضة.
ويكشف هذا الركن المعارض ان إعتصام الاتحاد العمالي العام امس امام مقر الضريبة على القيمة المضافة عند تقاطع العدلية ـ المتحف ـ فرن الشبالك كان المقصود منه اقفال هذه المنطقة وهذا ما حصل فعلاً . اما اليوم فإن المتظاهرين سيزحفون في اتجاه وزارة الطاقة والمياه في سيارات "الفان" فيما سيكون الحشد الكبير غداً امام مقر وزارة التربية الوطنية حيث سيشارك فيه المدرسون ، وصولاً الى بعد غد الجمعة حيث سيتم إقفال المنطقة التي تضم مصرف لبنان ووزارة الداخلية في محلة الصنائع.
وفي هذا السياق يقول مسؤول سابق ان البلاد في حال تعرضت لإمتحان تدهورمن خلال التصعيد المتبادل بين فريقي السلطة المعارضة ،فإن هذا التدهور سيؤدي بالتأكيد الى نتائج تسقط مشروع الدولة الذي ما زالت قوى" 14 آذار" تدَّعي أنها مسؤولة عنه.كما ان النزاع الدائر بين الفريقين اذا خضع لمعالجة انتجت تسوية ، فإن هذه التسوية ستكون خسارة لقوى "14 آذار"بالدرجة الاولى لأن التسوية تكون قد وضعت حداً نهائيا لإستفرادها وتفردها في الامساك بالبلاد.
ويضيف هذا المسؤول ازاء ما يقال من ان الادارة الاميركية هي الآن في حال تداعٍ وان محاولات الرئيس جورج بوش لإستعادة زمام المبادرة قد تستمر لشهرين وهو يتصرف كمن يطلق آخر طلقة في اتجاه تنفيذ هجوم معاكس عبر تبديل القادة الامنيين والعسكريين في إدارته لكن هذا الامر لن يؤدي الى نتيجة لأن رقبته باتت تحت السكين الايراني في المنطقة مما يفرض عليه التوصل الى حد ادنى من التفاهم مع ايران وكذلك مع سورية .
ويرى المسؤول في ضؤ ذلك ان الجانب الاميركي غير قادر على تقديم اي نجدة او إنجاد ذو فعالية لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة على رغم المواقف الاعلامية الداعمة لها والتي يطلقها من حين الى آخر .
ويعتقد المسؤول نفسه ان على فريق المعارضة ان لا يُصدر الاحكام السياسية على موقف "14 آذار" انطلاقاً مما يعلنه رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط "لأنه رجل مصر ومصر ومصر على ان لا تسوية تاريخية ولا تسوية مؤقتة يجب ان تتم في لبنان قبل ان يتمكن من معالجة الأزمة القائمة بينه وبين سوريا" . ولذا فإنه "كلما صعَّد فإنه يعكس من خلال ذلك وجود رغبة اقليمية ودولية في إحتواء الأزمة القائمة بين واشنطن وكل من دمشق وطهران ، او ان هذا الامر يتقدم مما يبعث القلق لديه .
على ان جنبلاط ازداد في رأي المسؤول السابق قلقاً وتوتراً عندما بدأت الوفود الاميركية تبلغه ان هنالك ضغطاً حقيقياً من المؤسسات الامنية والعسكرية في الادارة الاميركية لإحتواء العلاقة مع ايران وسوريا عبر التحاور والتفاوض . وعلى رغم ان هذه الوفود تحاول احياناً ان تطمئنه بأن هذا الاحتواء لن يكون على حساب لبنان او بالأحرى على حساب الاكثرية ، فإنه لا يمكن ان يقتنع بأن هذه الضغوط لن تكون على حساب لبنان. وهو يردد امام بعض زواره في هذه المرحلة جنبلاط " ان الولايات المتحدة الاميركية اصبحت مضطرة لأن تقدم مزيداً من الجزرحيث لم تعد تملك المطلوب من العصي".