strong>غسان سعود
ما لبثت أن تلاشت حماسة الصحافيين الذين وفدوا إلى دارة الرئيس أمين الجميّل قبل بضع ساعات من موعد مؤتمره الصحافي. فعرض «تطورات قضية توقيف عناصر تابعة للحزب السوري القومي الاجتماعي في الكورة»، لم يتخط في الشكل والمضمون، الإعلان الكتائبي الرسمي عمّا هو معروف، وعن عودة المواجهة (غير المحددة، سياسياً أو عسكرياً) بين حزبي الكتائب اللبنانية والسوري القومي الاجتماعي، العدوين التاريخيين.
الأبرز في منزل الرئيس أمين الجميل في سن الفيل ارتفاع عدد عناصر القوى الأمنية، وسط فوضى التفتيش والترحيب الحار بالصحافيين، ووجوم وجوه أهل المنزل وحزنهم، فيما كان عضو المكتب السياسي في الحزب جورج شاهين يتحرك في كل الاتجاهات، موزعاً الملاحظات، تمهيداً لإطلالة الرئيس الجميّل الذي جلس قبالة الصحافيين في مكتبه الصغير، وخلفه أعلام لبنانية وكتائبية، وصورة الشهيد بيار الجميل يخطب ووراءه تمثال جده المؤسس.
بداية، رأى الجميّل، رداً على سؤال أن المعلومات المتناقلة عن توقيف متهمين باغتيال «حبيبي بيار» غير دقيقة، وليس ثمة أي توقيف يتعلّق بالاغتيال. لكن هذا لم يمنعه من القول: «إن وضع القضاء يده على القضية، وإصداره مذكرات توقيف بحق البعض، يتيح الكشف أن أفراداً ينتمون الى الحزب السوري القومي الاجتماعي قاموا بمحاولة ثابتة بالوقائع والأدلة ترمي الى تفجير يطالنا في إحدى المناسبات الحزبية في منطقة الكورة. وهذا الأمر في غاية الخطورة ويندرج في سياق نهج دأب عليه الحزب السوري القومي، ولا سيما منذ اغتيال الرئيس بشير الجميل بقرار من الحزب، تخطيطاً وتنفيذاً».
وبحسب الجميّل فإن مشاهد المضبوطات التي صودرت خلال المداهمات في الكورة، وبعض المعطيات الدقيقة التي تحفّظ عن الإدلاء بها «حرصاً على مسار التحقيق، توصل حتماً إلى الربط بين هذه الحادثة الخطرة والواقع السياسي والأمني الخطر الذي يحصل في البلد حالياً. وخصوصاً بعد أن ثبت أن حادثة الكورة كانت تستهدف النيل من حياتي وحياة بيار والعديد من الرفاق والأصدقاء، أو التعكير على احتفالهم، بحسب إفادات القوميين الموقوفين». ولدى سؤاله عن المعطيات التي لديه، قال إن من حقه التساؤل عن «الرابط بين القومي واغتيال بيار بعدما اغتال الحزب المذكور الرئيس بشير الجميّل، وتبيّن أن لديه شبكة تخريبية في الكورة». وأوضح عدم رغبته في الوقوع في أخطاء الغير من حيث المطالبة بـ«سحب ترخيص الحزب القومي». من دون أن يخفي قلقه من ممارسة ضغوط كبيرة على القضاء لتمييع القضية. واستغرب الرئيس الأعلى لحزب الكتائب «الصمت المطبق لحلفاء القومي، القدامى والجدد»، حيال هذه الحادثة. وطالب الذين ينظّمون والقومي تظاهرات مشتركة ونشاطات أن يقدموا استنكاراً عملياً.
من جهة أخرى، رأى الجميل أن «الشارع لن يحل الأزمة، وسلبية المعارضة لن تجدي نفعاً». ودعا الى إنهاء «النهج الانقلابي والتهديد المباشر للمؤسسات»، والعودة إلى طاولة الحوار. وكشف أن تواصله والأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله مستمر، من دون التوصل إلى أي نتيجة. وقال إن الانتخابات الفرعية لن تُبحث حتى يدعو الرئيس إميل لحود الهيئات الناخبة. واتهم لحود بالعصيان الدستوري. وأوضح أن العلاقة مع التيار غير مقطوعة، وهناك أصدقاء كثر ينقلون الرسائل، مؤكداً أن يده كانت ممدودة للجميع في أحلك الظروف.
وانتهى بيان الجميّل بدعوة الكتائبيين إلى الجهوزيّة أمام التهديدات التي تستهدف البلد. وحضر المؤتمر نائبا رئيس الحزب جوزف أبو خليل وأنطوان ريشا وعضو المكتب السياسي ساسين ساسين ورئيس مجلس المحافظات والأقاليم ميشال مكتف ومستشار الرئيس الجميل سليم صايغ ورئيس إقليم الكورة الكتائبي سايد الخوري. وعلم على هامش المؤتمر من أحاديث جانبية أن الجميّل أعاد صياغة ما كتبه في اللحظات الأخيرة، وتحفظ عن معلومات إضافية بناءً لنصائح المقربين منه. فيما رأى أحدهم أن الاتهام المباشر للقومي غير مستحب من بعض قادة 14 آذار كونه يضعف اتهامهم لحزب الله بالوقوف وراء الجرائم التي حصلت، وينقل المعركة من مكان إلى آخر، «وهو أمر لا يخدم إلا التسوية الأميركية ـــ السورية».