أنجلو البعيني
إلى متى إذلالنا واحتقارنا ولماذا؟» يلخّص هذا التساؤل البيان الذي وجّهه الأساتذة المتعاقدون في الجامعة اللبنانية في كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة ــ الفرع الرابع إلى زملائهم وطلابهم، والذي عرضوا فيه مطالبهم أمام «معالي المسؤول المجهول في الدولة اللبنانية المفكّكة»

وزَّع، أمس، الأساتذة المتعاقدون في الجامعة اللبنانية، بياناً، في كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة ــ الفرع الرابع في البقاع، على الطلّاب والأساتذة الذين شاركوا في التظاهرة العماليّة أمس في بيروت، تأكيداً على مطالبهم المحقّة. وكان البيان قد حمل عنوان «معالي المسؤول المجهول في الدولة اللبنانيّة المفكّكة»، وأتى في معرض الاحتجاج على ورقة «باريس 3».
وممّا جاء في البيان: «لمّا كان تردّدنا طويلاً قبل صياغة هذه الرسالة، آملين من الدولة الكريمة إنصافنا نحن المدرّسين الجامعيين المتعاقدين. ولمّا كان الصمت لغة الحوار الوحيدة مع جميع مَن التقيناهم ــ والوضع يسوء إلى حدّ يتنصّل فيه الجميع من تحمل المسؤوليّة ــ فقد رأينا أنّ من حق أولادنا علينا ومن حقنا عليكم أن نسأل: إلى متى؟ راجين منكم جواباً لنردّ به على أبنائنا المنتظرين وأولادهم من بعدهم، كي يشعروا بالاستقرار المعيشي. إلّا إذا أردتم منّا مغادرة البلاد. ولمّا لم يبق أمامنا من حلّ سوى الانتظار والاعتكاف أو الإضراب والاعتصام، نتوجّه إليكم مجدّداً بالسؤال: إلى متى إذلالنا واحتقارنا ولماذا؟. علّنا نحظى بجواب من أحد المصغين إلينا، رغم يقيننا أننا سنرَد خائبين مثل كلّ مرّة وكأننا أوهام».
قضية الأساتذة المتعاقدين ومطالبهم بالتثبيت ضمن المؤسسة التعليمية هي من المشكلات المزمنة التي تعانيها الجامعة اللبنانية. ومن أجل ذلك، علت صرخة الأساتذة المتعاقدين، أمس، في وجه «معالي المسؤول المجهول في الدولة اللبنانية المفكّكة».
ويرى الدكتور جمال زعيتر، الناطق باسم لجنة متابعة قضية الأساتذة المتعاقدين (كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة ــ الفرع الرابع)، أنّ «الجامعة اللبنانيّة مستهدفة منذ فترة طويلة، ومهدّدة بالخصخصة. وإلّا فلماذا لم يتفرّغ أي أستاذ في الجامعة اللبنانية، منذ عام 1998؟. ولماذا، عندما أضرب الأساتذة المتعاقدون في الثانويّات، أوجدت لهم الحكومة 50 مليار ليرة، ولم تتمكّن، فيما بعد، من أن تخصّص مبلغ 18 مليار ليرة. لتُنهي بذلك مشكلة الأساتذة المتعاقدين؟». ويُذكِّر زعيتر بأنّه في عام 2003 أُنشئت لجنة لمتابعة مطالب الأساتذة المتعاقدين، انطلاقاً من كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة ــ الفرع الرابع. واتصلت اللجنة بالأساتذة في المحافظات الأخرى لتوسيع الدائرة. كما اتصلت بعدد من المسؤولين «لكن كل ما كان يأتينا، حتى الآن، هو الكلام المعسول».
وتشير الدكتورة جاكلين الغصين (كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة ــ الفرع الرابع) إلى أنّه «ليس هناك من آلية للتفرّغ ضمن قانون الجامعة، لكن عرفاً يقول إنّه حين يعلّم الأستاذ المتعاقد لمدّة سنتين يحقّ له التفرّغ». «وبما أنّنا بلد الوساطة بامتياز»، تشكو الغصين، «يظلّ الأستاذ المتعاقد بين سندان العرف ومطرقة القانون، يعيش حالة مزرية جدّاً. والبعض يُضطر إلى الاستدانة كي يأتي إلى الجامعة». الغصين، تطالب بآلية تفرّغ تجمع بين الكفاءة وسنوات الخدمة. وتصف «الخطوات التصعيدية للمعارضة اليوم بالضمانة الوحيدة لتحقيق مطالبنا». وتؤكِّد غصين أن بياناً مشتركاً بين التيار الوطني الحر وحزب الله سيصدر، متضمّناً خطوات تصعيدية «تصبّ في مصلحة الجامعة اللبنانيّة ومطالبها المحقّة».
بدورها، ترى الدكتورة فيفيان الشويري (كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة ــ الفرع الرابع) أنّ «هدفهم إبقاء الأستاذ تحت رحمتهم لكي يتجاذبوه ويتقاذفوه كالكرة. وبذلك يستمدّون سلطاتهم وشرعية وجودهم. فإذا أنعموا عليه بالتفرّغ أصبح «زلمتهم» الذي يُسوِّق مبادئهم».
أما عن أوضاع الأساتذة المتعاقدين، فتأسف الشويري: «يسيطر على الأستاذ شعور بالذل والمهانة، ليلعن الساعة التي حاز فيها الشهادات ويحسد الجهّال». وتكمل «هاجسنا الأكبر أن نؤمّن ساعاتنا. كيف.. لا أحد يدري! المهم أن نؤدي واجبنا، أن نأتي إلى الجامعة، ولا ينبغي للأستاذ أن «ينقّ ويعنّ». سواء أقبض أم لم يقبض، بل يجب عليه في حال أنعمت عليه الجامعة ببعض المال صدقةً، أن يحمد ربّه، وإن التهم أجره السارقون والفاسدون».