أنطون الخوري حرب
لا تزال نقابة الأطباء في لبنان تسدّد الديون المترتبة عليها نتيجة بناء بيت الطبيب في بيروت. لكن يبدو أن هناك تضخيماً بملايين الدولارات في كلفة البناء وستنهي لجنة خبراء إعداد تقريرها عن الأمر في 15 كانون الثاني 2007 ليصدر القرار الظني في الدعوى

بيت الطبيب، هذا المقر النقابي الحديث الإنشاء، الذي بدأ تشييده في عام 1999 وسُلِّم الى نقابة الأطباء في عام 2001، قدّر له منذ انتهاء اعمال البناء فيه، خلال ولاية نقيب الأطباء السابق غطاس خوري، ان يشهد مشكلة جوهرية مرشحةلأن تتحول إلى ازمة سياسية، ولا سيما حين يكون عنوان هذه المشكلة «سرقة صندوق الطبيب» أي الأموال التي انفقت على كلفة بناء مقر كبير ولائق للأطباء بعدما كان مقرهم السابق في بعبدا مقتصراً على شقة مستأجرة لا تتجاوز مساحتها 250 متراً مربعاً. القصة بدأت عندما حصل اشتباه في تضخيم الأرقام التي أنفقت على البناء بعدما عاينته مجموعة من المهندسين. لكن الأمر لم يصل الى القضاء في حينه بسبب عدم تمكن الأطباء المعترضين من تكوين ملف كامل عن القضية، لذلك تحول الموضوع عنواناً للحملة الانتخابية التي أوصلت النقيب الحالي ماريو عون إلى منصبه. وما إن تسلم النقيب الجديد مهامه حتى باشر بتكوين «ملف الهدر» في كلفة بناء مقر النقابة. وقابلت بعض الأطراف هذا الملف باتهام النقيب الحالي عون الذي ينتمي إلى التيار الوطني الحر، بتسييس الملف. لكن النقيب عون ثابر على تكوين ملفه ابتداء من تكليف رسمي باسم النقابة للجنة مهندسين مهمتها إجراء دراسة مفصلة عن كلفة البناء. استمر عمل اللجنة ثمانية أشهر قدمت بنهايتها التقرير المطلوب الذي حدد أن الكلفة الحقيقية للبناء تقل عن الكلفة التي صرفت بما يزيد على أربعة ملايين ونصف مليون دولار اميريكي. وقُدِّم تقرير اللجنة مع اوراق الملف الى القضاء، ورفعت دعوى جزائية ضد «مرتكبي الاختلاس لمعاقبتهم واستعادة المال المسروق» إذا ثبت الاختلاس والسرقة. كما جرى تكليف محام لتمثيل الجهة المدعية في المحكمة. وأجرى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان جوزيف القزّي عدة جلسات استجواب شملت النقيبين الحالي والسابق وآخرين. ثم عين القاضي قزي لجنة خبراء من قبل المحكمة لإعداد تقرير جديد لكي يصدر القرار الظني في الدعوى بناءً عليه. وستقدم لجنة خبراء المحكمة التقرير المذكور في 15 كانون الثاني 2007. يتخوف النقيب عون من تسييس الملف من خلال تدخل تيارات سياسية «لإفقار الجسم الطبي عن طريق الضغط لعدم إدانة المعنيين حيث يكون مال الأطباء قد ذهب هدراً إلى جيوب المختلسين على حساب الجسم الطبي بكامله، بينما النقابة لا تزال تدفع الديون المترتبة عليها نتيجة البناء والتي تبلغ 14 مليون دولار من دون فوائد، ويتنهي آخر استحقاق لها في شهر نيسان 2007 دون أي مساعدة». التفاصيل في ملف الدعوى واضحة وأكيدة، والنقابة تثق بلجنة خبراء المحكمة وتتمنى «الّا يؤدي التدخل السياسي إلى حد الانتقام من القاضي قزي كما لاح سابقاً في قضية التشكيلات القضائية التي لم يوافق رئيس الجمهورية عليها، كما أنها تثق بالمعطيات التي استُـنِد إليها لإقامة الدعوى بدءاً بتلزيم كل مراحل البناء من الدراسات إلى التلزيم إلى التنفيذ إلى شركة واحدة، والمباشرة بالتنفيذ من دون شركة استشارات بالإضافة إلى مخالفات أخرى. كما تستند النقابة إلى تقريري لجنتي المهندسين التابعتين للنقابة والمحكمة.
لكن بالمقابل فإن المسؤول في تيار المستقبل، النائب والنقيب السابق غطاس خوري أقام دعوى قدح وذم ضد النقيب عون ومجلس النقابة الحالي. وأقام خوري الدعوى المذكورة بعدما تحدثت معلومات صحفية أن وزير الصحة البحريني عدل عن تعيين خوري مستشاراً لوزارة الصحة البحرينية نتيجة ورود معلومات من سفارة البحرين في بيروت تفيد بوجود ملف قضائي جزائي، لخوري علاقة به.
وفقاً لما سبق، فإن تاريخ 15 كانون الثاني يعتبر مفصلاً في وجهة القضية ومصيرها النهائي. ولا شك أن هدراً في مشروع بناء بيت الطبيب قد حصل وهو بملايين الدولارات. ولا شك ايضاً ان على القضاء ان يفصل في النزاع القائم بين مجلس نقابة الأطباء والنقيب السابق غطاس خوري. وعندها سيكون عقاب للمرتكب. فهل تتدخل السياسة للضغط على القضاء وتعطيل المسؤولية؟