عفيف دياب ــ نقولا أبو رجيلي
شكلت الهيئة العليا للإغاثة لجنة تحقيق لدراسة طلبات الجرحى الذين أصيبوا خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز الماضي. تأليف اللجنة جاء بعد «فضيحة» كبرى في تقديم طلبات التعويض في منطقة البقاع، وتحديداً في البقاعين الأوسط والغربي، حيث وصل عدد الطلبات المقدمة للهيئة أكثر من ثمانية آلاف طلب من مواطنين ادعوا أنهم أصيبوا خلال العدوان.
و«الفضيحة» التي يتحدث عنها أبناء البقاع وصلت إلى حد أظهر معه مدى تدخل تيار سياسي «أكثري» في عملية توزيع الطلبات على أنصاره من خلال مكتب له في شتوراوالفضيحة التي تحقق فيها لجنة طبية مؤلفة من 4 أطباء أحدهم ضابط طبيب في الجيش اللبناني، تطال أيضاً أطباء ومستشفيات خاصة في البقاع وحتى في سوريا أعطت إفادات وهمية لمواطنين ادعوا أنهم أصيبوا خلال الحرب الأخيرة مقابل مبلغ من المال تراوح ما بين 100 و500 دولار أميركي عن كل طلب، إضافة إلى «تورط» مخاتير ورؤساء بلديات بقاعية في «الفضيحة».
وقالت جهات متابعة في البقاع لـ«الأخبار» ان عدد الطلبات التي قدمت للهيئة العليا للإغاثة من منطقة البقاع وصلت حتى أول من أمس إلى 8500 طلب جريح وجريحة، في وقت بلغ فيه عدد جرحى العدوان على لبنان، حسب إحصاء رسمي، 4409 جرحى.
وأوضحت مصادر طبية لـ«الأخبار» أن لجنة التحقيق بدأت تتعرض لضغوط سياسية من جانب جهات «موالية» بغية منعها من استكمال مهمتها ووضع تقرير واقعي عن العدد الحقيقي للجرحى وإلغاء كل طلب جريح وهمي. وأشارت إلى أن الهيئة العليا للإغاثة تدرس حالياً تقديم دعاوى قضائية ضد مواطنين ادعوا أنهم أصيبوا خلال العدوان الإسرائيلي وتقاضوا التعويض المالي المقرر لهم من دون وجه حق «ما يدين أيضاً الهيئة التي لم تحقق فعلياً في صحة المعلومات الواردة في طلب التعويض، أو المساعدة المالية التي تراوحت ما بين خمسة وعشرة ملايين ليرة لبنانية»!
وأضافت أن الهيئة العليا اضطرت إلى تأليف لجنة تحقيق في الطلبات المقدمة «بعدما وصل العدد إلى رقم خيالي أثار شكوكاً في صحة هذه الطلبات وواقعيتها ما ألزم الهيئة بفتح تحقيق بعدما فاحت روائح الفساد السياسي التي قد تطال تياراً سياسياً يقوم مكتبه في شتورا بتوزيع الطلبات على أنصاره ومساعدتهم في نيل تعويض مالي مقابل دفع جزء منه لقيادات في هذا التيار ساهموا في دفع مستشفيات وأطباء ومخاتير ورؤساء بلديات موالية لهم إلى إعطاء إفادات كاذبة»!
لجنة التحقيق التي بدأت عملها أمس اتخذت من مستشفى زحلة الحكومي مقراً لها لإجراء التحقيق والكشف «السريري» على أصحاب الطلبات المقدمة إلى الهيئة العليا للإغاثة والتأكد «طبياً» من صحة الإصابة خلال العدوان الإسرائيلي. وذكرت معلومات لـ«الأخبار» أن اللجنة وفي يومها الأول اكتشفت بعد درسها نحو 40 طلب مساعدة «عدم صحتها». وقالت مصادر طبية لـ«الأخبار» إن مهمة لجنة التحقيق تتركز على إعادة درس كل الطلبات المقدمة إلى الهيئة من البقاع والبالغ عددها 8500 طلب تعويض، إضافة إلى الفحوص السريرية والتأكد مما إذا كانت «الإصابة» حقيقية ومن جراء العدوان الإسرائيلي الذي طال منطقة البقاع.
وأوضحت أن لجنة التحقيق التي «معها كل الصلاحيات، هي التي ستقرر صحة التقارير الطبية أو ما إذا كانت وهمية». ولم تستبعد هذه المصادر أن يطال التحقيق والتحقق «أطباء ومستشفيات ومخاتير ورؤساء بلديات أعطوا إفادات لجرحى وهميين»!، مشيرةً إلى أن «للجنة الحق في الانتقال إلى أي مكان تراه مناسباً لإنجاز عملها وإعداد تقرير واقعي وحقيقي عن عدد الجرحى الذين سقطوا في البقاع خلال العدوان الإسرائيلي».
ولفتت إلى أن عدد طلبات الجرحى المقدمة في منطقة الجنوب اللبناني لم تتجاوز 800 طلب فيما عدد الطلبات التي قدمت من منطقة البقاع فاق الخيال و«كأن كل أهالي البقاع سقطوا جرحى».