صور ــ آمال خليل
توقيع وحيد «مع الموافقة» لا غير، يعرقله رئيس بلدية العباسية، هو صمّام الرحمة الأخير لبحر صور، لأنه يمنع شقّ القناة الباقية في منطقة المحمودية لإنجاز البنية التحتية المعدّة لضمّ شبكة الصرف الصحي التابعة لبلدات جويا ومنطقتها إلى شبكة بلدة العباسية، ومنها إلى بحر صور. كأن هذاالبحر ينقصه تحويل مجار جديدة إليه، بعد تحويل «مجارير» مخيم البص ومنطقة المساكن وجل البحر، حيث يهدر ما يسمى بنهر «السامر» المتكون من مياه الأمطار والمياه المبتذلة، إلى النقطة البحرية عند بداية الكورنيش البحري مقابل شركة الكهرباء، منذ شهرين. علماً بأنه كان من المقرر وفقاً لدراسات مجلس الإنماء والإعمار ووزارة النقل، أن يدخل المجرور في عمق البحر مئات الأمتار، لإبعاد التلوث عن الشاطئ وتجنب الروائح الكريهة في منطقة سياحية؛ إلا أن المجلس رفض استكمال الدراسات واكتفى بتوصيل المجرور مباشرة إلى الشاطئ؛ فضلاً عن مجاري المدينة وضواحيها ومسالخها والمخيمات الفلسطينية والبرج الشمالي والبازورية والعباسية، التي وجّهت قبل سنوات إلى البحر.
وتبعاً للخريطة المستحدثة، أصبحت مدينة صور شبه جزيرة تحدّها عشرة مصبّات «مجارير» من الجنوب والغرب والشمال. فاستهلالاً من منطقة الخراب جنوباً، وصولاً إلى جل البحر والبقبوق شمالاً، مروراً بميناء الصيادين والمرفأ، تحوّلت مياه البحر، التي تنقل الدراسات البيئية أنه الأنظف في لبنان، إلى مياه مبتذلة.
ولمّا كان مشروع الحفاظ على الإرث الثقافي والتطوير المدني يهدف إلى تجميل الواجهة البحرية لصور القديمة، وتنظيف الشاطئ المقابل لها بعد تأهيلها ورفع مستواها المدني، والحفاظ على الموروث العمراني والتاريخي واستخدامه في التنمية الأهلية والاقتصادية للمدينة، فإن الأشغال التي حوّلت شوارع المدينة إلى حفر ومستنقعات من الوحل إنما هي لإنشاء تمديدات جديدة لشبكة الصرف الصحي. والجديد فيها بحسب المهندس المسؤول في بلدية صور حسن دبوق، هو أن القنوات جميعها تحوّل باتجاه البص ثم الشمال تمهيداً لتوصيلها بمحطة البقبوق لتكرير المياه المبتذلة المنوي إنشاؤها خلال عامين، والتابعة عقارياً لبلدة العباسية.
«هذا يعني أن الحال ستبقى على ما هي عليه سنتين أخريين» بحسب علي بدوي مسؤول المواقع السياحية في الجنوب والمشرف على مشروع الإرث الثقافي. لافتاً إلى أن «البحر سيستوعب كل مجاري قضاء صور ريثما يبدأ تشغيل محطة البقبوق التي لم تنته الدراسات حولها بعد». لذا فإنه لا يخفي «الخطر المحدق بمستقبل المدينة التي تعتمد على السياحة البحرية».