strong>غسان سعود
تشجيع في الرابية... وود في بنشعي... و«لا تعليق» في بزمّار

يبدو أن انسداد الأفق السياسي، وتوقف الكلام على المبادرات بعد أن أقفل الباب بوجه مبادرة الرئيس نبيه بري، دفع المطارنة الموارنة لإعادة تفعيل مبادرتهم ومتابعة دراسة الثوابت التي أعلنتها الكنيسة المارونية. والجديد أمس، تمثل بجولة المطارنة: سمير مظلوم، بولس مطر ويوسف بشارة، بتكليف من البطريرك نصر الله صفير ، على القادة المسيحيين.
واستهلت اللجنة حركتها بلقاء رئيس تكتل «التغيير والإصلاح «النائب ميشال عون في دارته في الرابية بحضور النائب ابراهيم كنعان والقيادي في التيار الوطني الحر ألان عون، المكلفين، التنسيق بين التكتل وبكركي. وكان لافتاً قول مظلوم من الرابية إن تفاصيل الخطة التصعيدية للمعارضة، هي شأن القادة المسؤولين على الأرض، فقط.
وتناول البحث مع عون والقادة الآخرين لاحقاً القدرة على تطبيق الثوابت. وعُلم أن عون شرح خلال اللقاء بالتفصيل، الوضع السياسي العام، وما حصل على صعيد السلطة، ومكمن المشكلة برأيه، إضافة إلى مواضيع أخرى. ولم يطلب المطارنة أموراً محددة أو يناقشوا في ملفات معيّنة، بل اقتصر حديثهم على أسلوب تفعيل مبادرتهم بعدما وافق الجميع عليها من دون استثناء. ووفق المعلومات المتوافرة، سأل المطارنة أيضاً عمّا سوف يحصل في الانتخابات الفرعية، وسمعوا تأكيداً من عون أنه مع إجراء الانتخابات.
وفيما كان يُنتظر أن يصل المطارنة إلى بزمّار، حيث المقر الموقت لرئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانيّة الدكتور سمير جعجع، أطلوا من بنشعي، حيث كان زعيم تيار المردة سليمان فرنجية ينتظرهم. واللقاء، وفق مصادر المطارنة وفرنجية، كان مفعماً بالود، ولعل المشهد الأبرز كان عناق فرنجية ــ بشارة، وتبادلهما القبلات، والنكات والضحك. وإن كان المطران مظلوم يعتبر بالنسبة للزغرتاويين من «أهل البيت»، فإن حضور المطران بشارة أثار فضول الزغرتاويين والصحافيين الذين شهدوا على حقيقة الصلحة بينه وبين زعيم المردة. وعُلم أن اللقاء بجزئه الأول أعاد رسم العلاقة بين فرنجية ومجلس المطارنة، وعُلق بشفافيّة على عدة نقاط سبق لفرنجية وبعض المطارنة أن تناولوها. وسرعان ما ترجمت إيجابية اللقاء، بحسب أحد قادة المردة، بموافقة المطارنة على دعوة فرنجية العفوية الى الغداء، رغم عدم وجودها المُسبق على جدول أعمال المطارنة. وكان بارزاً، بحسب المصادر، تأكيد فرنجية دعمه المعنوي والعملي لمبادرة بكركي، واستعداده، غير المشروط، للسير فيها دفعة واحدة. وأشارت المسؤولة الإعلامية في تيار المردة فيرا يمين إلى إيجابية مذهلة للقاء، وسرور فرنجية به من حيث شعوره بتحقق مطلبه بتحسين شكل العلاقة بين بكركي وكل أبنائها.
وأكد وفد المطارنة بعد اللقاء أنه لمس التزاماً وطنياً وكنسياً كبيراً عند فرنجية تجاه كل ما يؤول لمصلحة لبنان، وكل أبنائه. وأمل مظلوم أن تتوافر إيجابية عون وفرنجية نفسها عند القادة الآخرين للوصول الى موقف موحد يفتح باباً لبداية حل للمأزق الوطني. وكشف أن أحد أهداف الجولة تأمين اجتماع كل القادة لتصفية القلوب، والاتفاق على بعض المبادئ الأساسية التي يستطيع هؤلاء القادة اعلانها، والتمسك بها كهدف في عملهم السياسي أياً تكن خياراتهم السياسية.
وأوضح مظلوم عدم محاولتهم إجبار الناس على أن يكونوا كلهم في اتجاه واحد، أو في رأي واحد. لكن المطلوب إيجاد ثوابت أساسية يُحافظ عليها مهما كانت الخيارات السياسية. وعبّر عن أمله في نجاح الكنيسة بتقريب وجهات النظر وإزالة الحواجز والتشنجات الموجودة بين الفئات المختلفة، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن لبنان ليس جمهورية أفلاطون، والثوابت تشكل مبادرة للتفكير، والحوار، والبحث، وقد تكون منطلقاً للتفاهم والوفاق. وقال إنهم لا يعملون في السياسة «لأنها ليست شغلتنا»، آملاً أن يأخذ القادة هذا الأمر في الاعتبار ويبحثوه.
وعلم أن المطارنة قسموا ورقة الثوابت إلى قسمين، والمعلن عنه في هذا السياق: أولاً، تحديد الثوابت التي يراها المطارنة مسلمات لا يتهرب منها أحد، أو يتنكر لها، وثانياً، البدء بمعالجة الأمور الملّحة، وتأتي هذه ضمن نقاط عدة، وهي من دون أولويات، لكنها بحسب مجلس المطارنة الموارنة، وفق طريقة منطقية. وحوار القادة حول السلّة الكاملة من النقاط، يدفعهم باتجاه تحديد الأولويات التي سيبدأون بها.
ومن بنشعي، انتقل المطارنة إلى بزمّار للقاء جعجع، فيما سيتعذر لقاؤهم مع الرئيس أمين الجميل، بسبب سفره.
ووفقاً للمعلومات المتوافرة، شدد المطارنة في لقاءاتهم على عدم الرغبة في أن تظهر حركتهم موجهة ضد أي طرف. ويُمكن اختصار تحركهم، وفقاً لمصادر متابعة، بأنها الخطوة الأولى لجمع القادة المسيحيين (أربع أو خمس شخصيات فقط). والهدف الرئيسي، التأكد من تجاوب الجميع تمهيداً لتفعيل مبادرة بكركي من خلال الاجتماع المسيحي. وتجدر الإشارة إلى أن أي التزام بخطوة ثانية لم يصدر عن أي من القادة الذين التقوا المطارنة.