أنطون الخوري حرب
يعزو مطلعون المواقف التصعيدية الاخيرة لعميد حزب الكتلة الوطنية كارلوس اده من النائب العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر الى الواقع الذي تعيشه القاعدة الكتلوية (او ما تبقى منها)، وما أصابها من وهن منذ ما قبل رحيل العميد ريمون اده وتولي العميد الحالي مقاليد الحزب، وهو الوهن الذي يحمّل بعضهم مسؤوليته الى التيار الوطني.
ويوضح احد الامناء العامين السابقين في الكتلة، والذي لعب دوراً محورياً ابان التسعينيات، ان نداءاته وزملائه لتصحيح مسار الحزب وتوجهاته لم تكن تلقى صدى لدى العميد الراحل الذي كانت هوة كبيرة تفصله عن الواقع السياسي اللبناني نتيجة ابتعاده عن لبنان منذ عام 1978، مع استمرار التأييد السياسي له نظراً الى مواقفه الصارمة من مسألة السيادة ومواقفه من الحرب اللبنانية ومن كل المشاركين فيها.
وبدءاً من عام 1990تراجع تأثير العميد السابق في الساحة السياسية مع ظهور حالة شعبية أصبحت في ما بعد التيار الوطني الحر، تداخلت مع القاعدة الكتلوية، لا سيما ان حزب الكتلة اتخذ طابع احزاب الكادرات بخلاف الاحزاب الجماهيرية. لذلك بقيت قوته مستمدة من قوة عميده الراحل الذي ورث الحزب والقوة الكاريزماتية من والده الرئيس اميل اده. لكن الامر اختلف مع الوارث الحالي العميد كارلوس اده، فلا هو يملك الكاريزما التي كانت لعمه الراحل، فضلاً عن أن اقامته سنين طويلة خارج لبنان جعلته قليل الاطلاع على الحياة السياسية فيه. وكان مقدراً للعميد الجديد، منذ البداية، ان يدخل في صراع تنافسي مع التيار العوني الذي «استولى» على قسم لا يستهان به من القاعدة الكتلوية، وهو الذي يتمتع بقيادة كاريزماتية، اضافة الى كونه حزباً جماهيرياً، وليس حزب كوادر يقتصر عديد اعضائه على نحو 150.
ويشكو الامين العام السابق للحزب من ان العميد الحالي تصرف مع القيادة الحزبية التي انتخبته على رغم انها لا تعرفه شخصياً بعقدة الوريث الطارئ على الحزب والوضع السياسي، فدخل فور انتخابه في صراع مفتوح مع معظم اعضاء الهيئة التنفيذية ومجلس الحزب، ما ادى الى ارتباك في تعاطي الحزب مع الشأن السياسي، تجلى في قرارت مرتبكة لجهة المشاركة في الانتخابات النيابية عام 2000، لتتوالى بعدها الاستقالات، فابتعد بعضهم عن القيادة الحزبية، والتحق آخرون بأجسام حزبية وتجمعات سياسية اخرى على رغم انهم تمكنوا من اثبات وجود الكتلة وتفعيل دورها السياسي في مرحلة صعبة جداً من تاريخ لبنان، ومن دون اية مساعدة من عمادة الحزب. لكن ما زاد الطين بلة هو تفرد العميد كارلوس اده بالقرارت الحزبية ودخوله في محاور صراعية مع الحلفاء الطبيعيين، وتحالفات متناقضة مع اطراف 14 آذار. وقد ادى جهل العميد الحالي بحجم القوة الشعبية لحزبه الى انسحاب التحالفات السياسية المتناقضة على الانتخابات النيابية، فخاض معركة عام 2005 متحالفاً مع اخصامه واخصام القاعدة الكتلوية التاريخيين، اي النائب فارس سعيد وحزب الكتائب والقوات اللبنانية ضد العماد عون وتياره، فأدى ذلك الى سقوط اده سقوطاً مدوياً في منطقة جبيل، العرين التاريخي للكتلة الوطنية.
ويعتبر كتلويون سابقون ان العميد الحالي «اجهز على ما تبقى من القيادات الكتلوية المعروفة، وهو يلجأ الى فتاوى تنظيمية لتكريس سيطرته على الحزب الذي أصبح عبارة عن مجموعة من اصدقائه، ما جعل الحزب تابعاً للقائدين الفعليين لقوى 14 آذار النائبين وليد جنبلاط وسعد الحريري». ويسأل هؤلاء: «هل اقتنع العميد اده بانتهاء الحال الادّوية؟ وكيف سيكون الوضع اذا ما دق جرس التفاهم بين التيار الوطني الحر واخصامه الكبار، كتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي؟».