طرابلس - نزيه الصدّيق
تشهد سوق الخضر ارتفاعاً متزايداً في الأسعار بالمقارنة مع العام المنصرم. ويرجع التجار الارتفاع إلى ازدياد الطلب في مقابل تراجع العرض، و«امتناع المزارعين عن زرع أراضيهم بنسبة 60% للموسم الشتوي لأسباب متعددة أبرزها الخسائر التي تكبدوها طوال السنوات الماضية»، بحسب ما أفاد التاجر محمّد غمراوي. يضاف الى ذلك قلة البذار وغلاء المواد الأولية الناجمين من ارتفاع تكاليف الاستيراد، بالإضافة الى التقلبات المناخية والصقيع غير الاعتيادي الذي ساد هذا الشتاء.
وخلال جولة لـ«الأخبار» في سوق الخضر في طرابلس، اعتبر أحد مستوردي بذار البطاطا والخضر من الخارج مصطفى نديم المصري ان «الإنتاج هذه السنة لن يكون كالسابق، ويرتقب أن تتراجع المحاصيل الى ما يزيد على 50% عن السنة الماضية، فغلاء الأسعار العالمية للبذار، والأسمدة، والسموم، والنيلون للبيوت البلاستيكية، هو أحد أبرز الأسباب التي يعانيها المزارعون، وخصوصاً الذين يعتمدون التسديد الموسمي للتجار حيث عانوا الخسائر والكساد وتراكم الديون عليهم في السنوات الماضية فتوقّف العديد منهم عن الزراعة بحثاً عن ســــبل عيش أخرى».
وشرح المصري أسباباً أخرى للغلاء منها ان «السوق اللبنانية لم تعد محط اهتمام كبير للمزروعات السورية والأردنية والسعودية والمصرية من حيث الربح بعد فتح السوق الكبرى والأضخم وهي سوق العراق التي يحقق فيها تجار الخضر والفواكه العرب أرباحاً أكبر، وربما تزيد 3 أضعاف على ما كانوا يحققونه في لبنان، في وقت لا يزال فيه بعض التجار يستوردون حاجات السوق اللبنانية من البطاطا والكوسا والباذنجان والثوم والبصل وأصناف أخرى، من الأردن ومصر بتكاليف عالية، نظراً إلى ازدياد الطلب في مقابل تراجع العرض الناجم من التصدير إلى العراق. وعلى رغم ذلك، كان كيلو البندورة قد وصل في هذه الأيام إلى 5000 ليرة لبنانية بسبب ضيق الانتاج المحلي».
وأضاف «ان البطاطا السعودية ارتفعت أسعارها خمسة أضعاف عن السنة السابقة حيث بلغت كلفة الكيلو الواحد على التجار 1200 ليرة، بينما كانت في السنة الماضية بما يقارب 500 ليرة، ولذلك فإنّ المزارعين اللبنانيين الذين نجحوا في هذا الموسم سوف يحققون أرباحاً كبيرة ربما هي الأعلى منذ ما يزيد على عشر سنوات».
ويتحدّث المصري عن انعكاس استيراد المواد الأوليّة من أوروبا «فقد فوجئنا هذه السنة بارتفاع أسعار البذار بنسبة مئة في المئة، فبينما كان طن البذار في السنة الماضية 600$ بلغ اليوم 1200$، وطن النايلون بـ1200$ واليوم 2400$، إضافة الى تكاليف السماد والعناية والحراسة والري ورش المبيدات التي ارتفعت تكاليفها مئة في المئة أيضاً.
وتظهر لائحة الأسعار التي عرضها التاجر محمد غمراوي الزيادة الكبيرة بين العامين الحالي والمنصرم حيث تصل الزيادة أحياناً إلى أربعة أضعاف: القرنبيط من 100 ل.ل الى 1000 ل.ل، البطاطا من 350 ل.ل الى 1000 ل.ل، الباذنجان من 500 ل.ل الى 1500 ل.ل، الخيار من 400 ل.ل الى 1500 ل.ل، البندورة من 500 ل.ل الى 1500 ل.ل، أما بالنسبة إلى أسعار الفاكهة: الإجاص من 1500 ل.ل الى 3000 ل.ل، الفطر من 2500 ل.ل الى 5000 ل.ل، كستناء من 3000 ل.ل الى 4000 ل.ل، القشطة من 4000 ل.ل الى 6000 ل.ل، الأناناس الطبيعي من 3000 ل.ل الى 6000 ل.ل، التفاح من 7000 ل.ل الى 13000 ل.ل / للصندوق.
ولفت التجار إلى ان موسم التفاح هذه السنة كان مميزاً من حيث الجودة والكمية، وتخوّفوا من عدم ايجاد أسواق للتصدير لأن هناك 40% من الكمية ما زالت موجودة في البرادات في انتظار التصدير. وتنعكس معادلة الأسعار في ما يتعلّق بموسم الحمضيات المختلفة، فهي تشهد تراجعاً بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية وأسعار المحروقات من جهة، وغياب المنافسة الناجم من تراجع التصدير لأن سوريا ومصر والأردن أصبح لديها الإنتاج اللبناني نفسه من الحمضيّات بتكاليف أقل.