البص ــ بهية العينين
على الرغم من القرار «الحاسم» لقوى الأمن الداخلي في صور ومنطقتها منع أي ورشة بناء أو ترميم داخل المخيمات الفلسطينية المجاورة لمدينة صور، وخصوصاً بعد العدوان الإسرائيلي الأخير، وإقدام هذه القوى على هدم عدد من المنازل التي كانت تضررت بفعل العدوان أثناء عمليات الترميم، ما يحصل اليوم في المخيم أمر مستغرب، إذ سمح بإنجاز بناء مجمع إسلامي كبير يحمل لافتة «جمعية الوقفية الإسلامية» ويضم مسجداً حديثاً وقاعات وعدداً من المؤسسات التي تعنى بالشأن الخدماتي للطلبة وذوي الحاجات الخاصة.
ويؤكد المهندس المشرف على المشروع حسن حويلا «ان المشروع لم يواجه أي إشكالية حتى إن قوى الأمن لم تعترضنا، بل على العكس لقد قدمت لنا كل التسهيلات اللازمة من أجل إنجازه وذلك بالتوافق في العاصمة بين الأوقاف الإسلامية ووزارة الداخلية».
ويضيف: «إن هذا المشروع ستستفيد منه قطاعات كبيرة من الشعب الفلسطيني، وهناك مباركة من جانب وزارة الداخلية وقوى الأمن الداخلي لهذا المشروع، الذي سيتوج بمسجد كبير ترتفع مئذنته عشرة أمتار، ويمول هذا المشروع أحد أبناء الشيخ أحمد الجشّي وهو من كبار مؤسسي جماعة «عباد الرحمن» التي تربطها علاقات وثيقة بمفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني ودائرة الأوقاف السنية في لبنان».
وقد أُدخلت عشرات الشاحنات التي تحمل مواد البناء ومستلزماتها بتصريحات خاصة، لتمرّ إلى داخل مخيم البص عبر حواجز الجيش اللبناني، من دون أي اعتراض.
تجدر الإشارة إلى ان القوى الأمنية تمنع قطعياً إدخال أي كيس رمل إو إسمنت أو مواد بناء الى خمسة مخيمات فلسطينية مجاورة لمدينة صور، يعيش فيها 65 ألف فلسطيني، وذلك لأسباب سياسية، وربطاً بموضوع رفض التوطين والحد من التمدد السكاني والعمراني لهذه المخيمات، بل إنها لا توافق على ورش بناء وترميم لأكثر من مئتي منزل في مخيم البرج الشمالي في شرق صور تكاد تنهار على أصحابها وتهدد سلامتهم العامة، بفعل الأمطار والطبيعة، فتذكّر برواية «محمد يرث ومحمد لا يرث»، ومن اللافت كذلك ان القوى الأمنية كانت قد أوقفت بالقوة أعمال ترميم عدد من المنازل في «المعشوق» والبص والبرج الشمالي و«المساكن» تحت شعار ممنوع إدخال مواد البناء الى هذه المخيمات وممنوع التعدي على الأملاك العامة.
مصدر في اللجان الشعبية الفلسطينية في المخيمات استغرب موافقة قوى الأمن ووزارة الداخلية على هذا المشروع «العملاق»، وسأل: «هل السياسة دخلت الى مخيم البص عبر المؤسسات التي تربطها علاقات وطيدة مع المراجع الروحية والأمنية والسياسية الموالية لحكومة السنيورة؟». والى ان يأتي الجواب، تضع الورش العاملة في هذا المشروع الضخم اللمسات الأخيرة على البناء ومحيطه، بينما تنتظر عشرات العائلات تحت المطر والبرد أن تمنّ عليها السلطات اللبنانية بإعادة ترميم المنازل المتضررة جراء العدوان الإسرائيلي.